تتعالى في بلادنا ومن حولنا الدعوات للتغيير وإذا كان التغيير سنة من سنن الحياة حيث الكون فى حال تغيّر مستمر ولا شيء يبقى على حاله، فإن التغيير هو إحداث تغيير مقصود، بمعنى أن نقدم عامدين على تغيير ما هو كائن بالفعل إلى الحال التي نريدها. وإذا كان التغيّر ظاهرة طبيعية، لا دخل فيها لإرادات البشر، فإن التغيير فعل مقصود ولذلك فهو ظاهرة بشرية، وإذا كان التغيّر أمرًا تستحيل مقاومته، فإن مقاومة التغيير كرد فعل طبيعي لمحاولة إحداث التغيير، تتميز بأن نتيجتها تتراوح بين النجاح والإخفاق.
دعوات التغيير في بلادنا تلقى مقاومة..
أمر طبيعي إلا إن ما يستوقف النظر أن تلك المقاومة تحرص على التخفي.. ربما لتبني السلطة أو بعض أجنحتها الأقوى تأثيرًا لتلك الدعوة.. على أي حال فإن تراث علم النفس الاجتماعي يفيض بما يؤكد حقيقة أن مقاومة التغيير تتخذ صورًا متدرجة، قد تقف عند حد التعبير عن الامتعاض بـ"الكلمة" أو حتى بـ"الإشارة"، وقد تصل إلى حد أقصى صور الاحتجاج عنفًا وتدميرًا، كذلك فإن الموقف حيال التغيير يتوقف على رؤية الناس لطبيعة ذلك التغيير، وبطبيعة الحال لا تتماثل تلك الرؤية بالنسبة للجميع، قد يرى البعض في تغيير معين الخيرَ كلَّه، وقد يراه البعض شرًا خالصًا.. ويتوقف ذلك التنوع على أهمية المطلوب تغييره واتفاق أو اختلاف المصالح بشأنه، وكذلك على القوة النسبية للجماعات الداعية للتغيير وتلك الرافضة له.
إن الضمانة الأساسية لنجاح الدعوة للتغيير تتمثل في مدى إقناع الجمهور بها، ولم يعد الإقناع أو ما يسمى بفن الدعوة أمرًا يمكن أن ينجزه الهواة مهما كانت موهبتهم بل ومهما كان إخلاصهم، لقد أصبحت "سيكلوجية الإقناع" تكاد تمثل مبحثًا علميًا مستقلاً تشترك فيه علوم النفس والاتصال.. إن نجاح الدعوة للإصلاح يتوقف على العديد من الشروط العلمية لا يتسع المقام لتفصيلها، ولكن لعل أهمها ما يلي:
(1) القدوة والمصداقية..
إن دعوات التغيير الاجتماعي لا تحتاج إلى دعاة يتقنون مهارات الاتصال والإقناع فحسب، لا بد من التمييز بين دور "المؤدي الإعلامي" ودور "الداعية الاجتماعي"، وإذا كان دور "المؤدي الإعلامي" هو الدور المطلوب فى بعض حالات الدعاية للسلع التجارية مثلاً، فإن دور "الداعية الاجتماعي" لا غنى عنه إذا ما كنا بصدد تعديل الاتجاهات نحو القضايا الاجتماعية والفرق كبير بين الدورين، ففى هذه الحال يتعامل الجمهور مع داعية يجسد الفكرة التي يدعوهم إليها، ولعل أول التساؤلات التى يطرحها الجمهور على نفسه وعلى الداعية أيضًا هو ذلك التساؤل التقليدى "ترى هل الداعية شخصيًا مقتنع فعلاً بما يقول؟" والأهم من ذلك "هل هو ملتزم به فعلاً؟".. ولا يكفي في هذا الصدد توافر الصدق فيما ينادي به ذلك الداعية، بل لا بد قبل ذلك من المصداقية، وفقدان الداعية لمصداقيته لدى الجمهور كفيل بانهيار دعوته تمامًا.
(2) الاتساق..
ونعنى به محاولة ضمان الحد الأدنى من عدم التضارب بين الرسائل المتعلقة بالموضوع والصادرة في مواقف مختلفة من نفس المجموعة الداعية للتغيير، ولا يتوقف الاتساق المطلوب على مجال الرسائل الإعلامية فحسب، بل لعل الأهم هو مراعاة الاتساق بين الرسالة الإعلامية والسلوك الفعلي لأولئك الداعين للتغيير.. فمن الخطورة بمكان تصور أن الجمهور يسمع دعاة الإصلاح فقط دون أن يرصد سلوكهم الفعلي في مواقف الحياة العملية، كذلك ينبغي أن يتوافر القدر اللازم من الاتساق بين حاضر الدعاة وماضيهم ولا يعني ذلك بطبيعة الحال أن المطلوب من الداعية أن يكون أسير ماضيه، فليس من الدعاة العظام حتى في مجال الدعوات الدينية الكبرى من زعموا مثل ذلك الزعم، ولكن المقصود هو توافر أكبر قدر من الشفافية فيما يتعلق بتاريخ أصحاب الدعوة للإصلاح، شفافية تفسر ما طرأ على مواقفهم من تغيير نحو الأفضل.. وأخيرًا لا بد من الاتساق بين حجم الدعوة ودعاتها وبين ما يتحقق فعلاً، بمعنى أن يكون واضحًا لدى الجماهير وبشكل مستمر ما تحقق وما لم يتحقق وأسباب التعثر.
بدون مراعاة تلك الشروط وغيرها سيظل دعاة التغيير يبذلون دون كلل جهدهم في الدعوة، وقد يتلقون الكثير من الابتسامات والدعوات بالتوفيق ولكن ذلك كله لا يكفي لضمان المشاركة الفعلية من أصحاب المصلحة الحقيقية.
دعوات التغيير في بلادنا تلقى مقاومة..
أمر طبيعي إلا إن ما يستوقف النظر أن تلك المقاومة تحرص على التخفي.. ربما لتبني السلطة أو بعض أجنحتها الأقوى تأثيرًا لتلك الدعوة.. على أي حال فإن تراث علم النفس الاجتماعي يفيض بما يؤكد حقيقة أن مقاومة التغيير تتخذ صورًا متدرجة، قد تقف عند حد التعبير عن الامتعاض بـ"الكلمة" أو حتى بـ"الإشارة"، وقد تصل إلى حد أقصى صور الاحتجاج عنفًا وتدميرًا، كذلك فإن الموقف حيال التغيير يتوقف على رؤية الناس لطبيعة ذلك التغيير، وبطبيعة الحال لا تتماثل تلك الرؤية بالنسبة للجميع، قد يرى البعض في تغيير معين الخيرَ كلَّه، وقد يراه البعض شرًا خالصًا.. ويتوقف ذلك التنوع على أهمية المطلوب تغييره واتفاق أو اختلاف المصالح بشأنه، وكذلك على القوة النسبية للجماعات الداعية للتغيير وتلك الرافضة له.
إن الضمانة الأساسية لنجاح الدعوة للتغيير تتمثل في مدى إقناع الجمهور بها، ولم يعد الإقناع أو ما يسمى بفن الدعوة أمرًا يمكن أن ينجزه الهواة مهما كانت موهبتهم بل ومهما كان إخلاصهم، لقد أصبحت "سيكلوجية الإقناع" تكاد تمثل مبحثًا علميًا مستقلاً تشترك فيه علوم النفس والاتصال.. إن نجاح الدعوة للإصلاح يتوقف على العديد من الشروط العلمية لا يتسع المقام لتفصيلها، ولكن لعل أهمها ما يلي:
(1) القدوة والمصداقية..
إن دعوات التغيير الاجتماعي لا تحتاج إلى دعاة يتقنون مهارات الاتصال والإقناع فحسب، لا بد من التمييز بين دور "المؤدي الإعلامي" ودور "الداعية الاجتماعي"، وإذا كان دور "المؤدي الإعلامي" هو الدور المطلوب فى بعض حالات الدعاية للسلع التجارية مثلاً، فإن دور "الداعية الاجتماعي" لا غنى عنه إذا ما كنا بصدد تعديل الاتجاهات نحو القضايا الاجتماعية والفرق كبير بين الدورين، ففى هذه الحال يتعامل الجمهور مع داعية يجسد الفكرة التي يدعوهم إليها، ولعل أول التساؤلات التى يطرحها الجمهور على نفسه وعلى الداعية أيضًا هو ذلك التساؤل التقليدى "ترى هل الداعية شخصيًا مقتنع فعلاً بما يقول؟" والأهم من ذلك "هل هو ملتزم به فعلاً؟".. ولا يكفي في هذا الصدد توافر الصدق فيما ينادي به ذلك الداعية، بل لا بد قبل ذلك من المصداقية، وفقدان الداعية لمصداقيته لدى الجمهور كفيل بانهيار دعوته تمامًا.
(2) الاتساق..
ونعنى به محاولة ضمان الحد الأدنى من عدم التضارب بين الرسائل المتعلقة بالموضوع والصادرة في مواقف مختلفة من نفس المجموعة الداعية للتغيير، ولا يتوقف الاتساق المطلوب على مجال الرسائل الإعلامية فحسب، بل لعل الأهم هو مراعاة الاتساق بين الرسالة الإعلامية والسلوك الفعلي لأولئك الداعين للتغيير.. فمن الخطورة بمكان تصور أن الجمهور يسمع دعاة الإصلاح فقط دون أن يرصد سلوكهم الفعلي في مواقف الحياة العملية، كذلك ينبغي أن يتوافر القدر اللازم من الاتساق بين حاضر الدعاة وماضيهم ولا يعني ذلك بطبيعة الحال أن المطلوب من الداعية أن يكون أسير ماضيه، فليس من الدعاة العظام حتى في مجال الدعوات الدينية الكبرى من زعموا مثل ذلك الزعم، ولكن المقصود هو توافر أكبر قدر من الشفافية فيما يتعلق بتاريخ أصحاب الدعوة للإصلاح، شفافية تفسر ما طرأ على مواقفهم من تغيير نحو الأفضل.. وأخيرًا لا بد من الاتساق بين حجم الدعوة ودعاتها وبين ما يتحقق فعلاً، بمعنى أن يكون واضحًا لدى الجماهير وبشكل مستمر ما تحقق وما لم يتحقق وأسباب التعثر.
بدون مراعاة تلك الشروط وغيرها سيظل دعاة التغيير يبذلون دون كلل جهدهم في الدعوة، وقد يتلقون الكثير من الابتسامات والدعوات بالتوفيق ولكن ذلك كله لا يكفي لضمان المشاركة الفعلية من أصحاب المصلحة الحقيقية.