تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لم يعد هناك بديل لكلمة الحق، لم يبقَ مجال للمداراة، ولا مبرر للتلميح والتلويح.
الحقيقة صادمة وموجعة ولا تحتمل التأويل، فنحن أمام قتلة قساة، نحَّوا الرحمة جانبًا وصلبوا الوطن على جدار الكراهية.
الحياد مرفوض، والصمت عجز، وإمساك العصا من المنتصف جريمة في ظل رصاص ينهمر، وقتْل بدم بارد، وشباب يسيَّرون نحو الموت دون أدنى ضمير.
في حفلات انتحار جماعي يدفع شيوخ الإخوانُ شبابهم وأبرياءهم وفقراءهم إلى الصدام بدعاوى الاستشهاد، ونصرة الدين، والدفاع عن مشروع الإسلام.
يموت الصغار ليتفاوض الكبار، يرحل الضعفاء ليقرر الزعماء، يتورط التابعون في العنف والإثم ليدّعي القادةُ السلميةَ، يسقط المُحرَّضون ليعلو المُحرِّضون.
معصوبو العينين، غافلو الذهن، مسيّرو التفكير، مضلَّلو العقيدة... هكذا كان شباب الإخوان الذين صدّقوا شيوخهم فماتوا وسُجنوا وفشلوا ولفظهم الوطن وكرههم الناس، بينما علا شيوخهم وأثروا وسكنوا القصور الفخمة، وامتلكوا السيارات الفارهة، واقتسموا السلطة والشهرة.
في الاشتباكات الدامية، والمصادمات الموجعة لم نسمع عن مصرع أحد من القيادات، لم يُصب أي منهم بسوء. قالوا، وحرضوا، وتوعدوا، وهددوا، وقادوا تلاميذهم بسوء نحو الجحيم.
إن القاتل ليس من حمل السلاح وحده، ليس من أطلق الرصاص وحده، ليس من اعتدى وحده. المجرم هو مَن حرّض، وعلّم، وأفتى، وصبّ سموم التكفير والأرهاب في عقول صغيرة نقية ناشئة. إننا ننشغل بحملة البندقية وننسى مدبرها وشاريها ومعبئها بالذخيرة. نلاحق مطلقي الرصاص، ونغضّ الطرف عن الآمرين بإطلاق الرصاص.
لو فكر شباب الإخوان لحظات لعلموا أنهم يعبدون قادتهم من دون الله. لو تدبروا قليلا لأدركوا أن الذين يدعونهم إلى القتال لا يقاتلون، والذين يرّغبونهم في الشهادة لا يستشهدون، والذين يطلبون منهم التضحية لا يضحّون.
إن شياطين مثل بديع والشاطر وعاكف والبلتاجي وصفوت حجازي وعبد المقصود أعدموا شبابهم وأنهوا دعوة أسلافهم وشطبوا تاريخ الجماعة دون قدر من تأنيب الضمير. شوّهوا الإسلام والمسلمين، وأشعلوا نيران العنف، وفتحوا صنابير الدم، وداسوا على الزهر الأبيض وطاردوا القصائد والأغاني، وروّعوا الوطن.
من قبل كتبت أن القبح يتمدد هانئًا مطمئنا بطول الوطن لأن أحدا لا يقاومه. وليس أقبح من هؤلاء الذين يرسمون بكلماتهم حقول ألغام، ويدفعون الناس دفعا إلى الجحيم.
لا سامحهم الله ولا غفر لهم، ولا عفا عنهم الوطن.
[email protected]