أثناء زيارة الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف للندن، وفي حفل استقبال أقامته ملكة بريطانيا لضيفها، بدأ الضيف السوفيتي يصافح كبار رجال الدولة، ترافقه الملكة، وتولى مدير بلاط قصر باكينجهام تقديم ضيوف الحفل لخرتشوف، مبتدئًا باسم الضيف ووظيفته، وعندما وصل إلى أحد الشخصيات الكبرى قدم مدير البلاط هذه الشخصية قائلا: الأمير فيليب زوج الملكة، فما كان من خرتشوف إلا أن علق على هذا التقديم قائلا: زوج الملكة؟ أنا أريد أن أعرف ماذا يفعل في الصباح وليس في المساء؟ وأُسقط في يد الجميع، وكاد الموقف يتسبب في أزمة دبلوماسية بين لندن وموسكو، ولكن البعض اعتبر أن خرتشوف القادم من المزارع السوفيتية لا يفهم في الأصول والبروتوكول الملكي، ولم يقصد إهانة الملكة ولا زوجها، ورغم تجاوز البلدين لهذا الموقف، إلا أن البعض الآخر اعتبر تعليق خرتشوف نوعًا من الجليطة السياسية لا تليق بزعيم دولة كبرى.
والجليطة هي تعبير يستخدمه المصريون للدلالة على قلة الذوق والأدب، وهناك أكثر من نوع من الجليطة، وإذا كان خرتشوف قد دشن الجليطة السياسية، وأكدها بعد ذلك بعد أن خلع حذاءه وهو يلقي خطابه في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الستينيات، وظل يضرب به منصة الخطابة وسط ذهول كل الوفود المشاركة في الاجتماع، فإن لدينا أنواعًا أخرى من الجليطة الاقتصادية والحزبية والإعلامية، إلى جانب ما يكفينا منها سياسيّا بالطبع، وهي في كثير من الأحيان تبدو متعمدة، وفي قليل منها تنم عن قلة الأصل والعرفان، أو الجهل، وهذا أضعف الأسباب!
فأحد الوزراء الذي لا يعرف أحد اسمه بشّر المصريين بأن الفرخة في الأسواق تم تحديد سعرها بخمسة وسبعين قرشًا، وأن كيلو اللحم سيعود سعره إلى ما كان عليه منذ نصف قرن ويصبح بجنيه واحد! ولا يختلف هذا الكلام عن كلام السياسيين الذين تحالفوا مع عصابة الإخوان في الانتخابات البرلمانية عقب مؤامرة يناير، ولا زالوا يكررون شعارهم الأجوف بأن عصابة الإخوان فصيل وطني، حتى بعد أن أطاحت بهم ثورة الشعب المصري الحقيقية في 30 يونيو، بل يزيد بعضهم ويطالب بالإفراج عن قتلة شعبنا وجنودنا ومشعلي الحرائق في مؤسسات الدولة الثقافية والعلمية والدينية والوزارية! هؤلاء هم أنفسهم الذين تصوروا أن شعبنا لم يتعلم درس المؤامرة والفوضى، وأن الشعوب لا تلدغ من جحر الطابور الخامس مرتين، وبدءوا في الحشد للضغط على القضاء المصري خوفا من إصدار أحكام عادلة تكشف حجم عمالتهم، وتنصف صاحب كل حق، وهم بذلك وقد أعلنوا بأنفسهم أنهم يفضلون محاكم استثنائية، وخيّرونا بين سيف داعش وطالبان التكفيري وبين مقصلة روبسبير الباريسية!
وفي الإعلام بكل أنواعه الأمر يتجاوز مجرد الحديث عن الجليطة، ليصل إلى قلة الأصل وربما التربية أو التنطع، وإن كنت أميل لوصفه بأنه مع كل هذا جريمة مع سبق الإصرار والترصد، تستهدف استمرار التآمر على الشعب ومؤسسات الدولة، وتحت غطاء الثورة يتم تنفيذها بتبرئة التآمر الإخواني- الأمريكي، فأحدهم يصف تاريخ شعب طوال 30 عاما بأنه سنوات عجاف! وآخر بدلا من كشف جرائم عصابات الإخوان حاول
رد الاعتبار لهم وأنكر جرائمهم، وتحدث عن دفن جزء عزيز ووطني من تاريخ البلاد، في عبارات تجاوزت كل الحدود، ولكنها كشفت عن طابور خامس يدعي الثورية، وهو في الحقيقة خادم لا نعرف ما هو أجره؟!
لا أدري في النهاية، بماذا أسمي هذه المواقف؟ وهل تكفي كلمة جليطة لوصفها؟ سأترك الأمر للقراء علّهم يسعفونني في العثور على الوصف المناسب، ولهم كل الشكر!
والجليطة هي تعبير يستخدمه المصريون للدلالة على قلة الذوق والأدب، وهناك أكثر من نوع من الجليطة، وإذا كان خرتشوف قد دشن الجليطة السياسية، وأكدها بعد ذلك بعد أن خلع حذاءه وهو يلقي خطابه في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الستينيات، وظل يضرب به منصة الخطابة وسط ذهول كل الوفود المشاركة في الاجتماع، فإن لدينا أنواعًا أخرى من الجليطة الاقتصادية والحزبية والإعلامية، إلى جانب ما يكفينا منها سياسيّا بالطبع، وهي في كثير من الأحيان تبدو متعمدة، وفي قليل منها تنم عن قلة الأصل والعرفان، أو الجهل، وهذا أضعف الأسباب!
فأحد الوزراء الذي لا يعرف أحد اسمه بشّر المصريين بأن الفرخة في الأسواق تم تحديد سعرها بخمسة وسبعين قرشًا، وأن كيلو اللحم سيعود سعره إلى ما كان عليه منذ نصف قرن ويصبح بجنيه واحد! ولا يختلف هذا الكلام عن كلام السياسيين الذين تحالفوا مع عصابة الإخوان في الانتخابات البرلمانية عقب مؤامرة يناير، ولا زالوا يكررون شعارهم الأجوف بأن عصابة الإخوان فصيل وطني، حتى بعد أن أطاحت بهم ثورة الشعب المصري الحقيقية في 30 يونيو، بل يزيد بعضهم ويطالب بالإفراج عن قتلة شعبنا وجنودنا ومشعلي الحرائق في مؤسسات الدولة الثقافية والعلمية والدينية والوزارية! هؤلاء هم أنفسهم الذين تصوروا أن شعبنا لم يتعلم درس المؤامرة والفوضى، وأن الشعوب لا تلدغ من جحر الطابور الخامس مرتين، وبدءوا في الحشد للضغط على القضاء المصري خوفا من إصدار أحكام عادلة تكشف حجم عمالتهم، وتنصف صاحب كل حق، وهم بذلك وقد أعلنوا بأنفسهم أنهم يفضلون محاكم استثنائية، وخيّرونا بين سيف داعش وطالبان التكفيري وبين مقصلة روبسبير الباريسية!
وفي الإعلام بكل أنواعه الأمر يتجاوز مجرد الحديث عن الجليطة، ليصل إلى قلة الأصل وربما التربية أو التنطع، وإن كنت أميل لوصفه بأنه مع كل هذا جريمة مع سبق الإصرار والترصد، تستهدف استمرار التآمر على الشعب ومؤسسات الدولة، وتحت غطاء الثورة يتم تنفيذها بتبرئة التآمر الإخواني- الأمريكي، فأحدهم يصف تاريخ شعب طوال 30 عاما بأنه سنوات عجاف! وآخر بدلا من كشف جرائم عصابات الإخوان حاول
رد الاعتبار لهم وأنكر جرائمهم، وتحدث عن دفن جزء عزيز ووطني من تاريخ البلاد، في عبارات تجاوزت كل الحدود، ولكنها كشفت عن طابور خامس يدعي الثورية، وهو في الحقيقة خادم لا نعرف ما هو أجره؟!
لا أدري في النهاية، بماذا أسمي هذه المواقف؟ وهل تكفي كلمة جليطة لوصفها؟ سأترك الأمر للقراء علّهم يسعفونني في العثور على الوصف المناسب، ولهم كل الشكر!