الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

أهالي جنوب سيناء يتمسكون بطقوسهم في رمضان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستقبل بدو جنوب سيناء شهر رمضان، بالعادات والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين، حيث يحيون لياليه الكريمة بروح هذه العادات، رغم مظاهر الحياة الاجتماعية الحديثة التي بدأت تتسلل إلى حياتهم، ومن أبرزها البيوت المزودة بالكهرباء وأجهزة الستالايت وانتشار أجهزة الهاتف الجوال، إلا أن الخيمة والمندرة يتمتعان بخصوصية شديدة طيلة شهر رمضان .
يقول الشيخ إبراهيم أحمد محمد موسى، 82 سنة من أهالي مدينة طور سيناء (كبيرعائلة أولاد موسى) والذي ينتمي إلى قبيلة بني قريش والتي تحرف اسمها فيما بعد وتعرف الآن بقبيلة القرارشة: كنا نستطلع هلال رمضان من فوق مئذنة مسجد المنشية القديم، حيث يصعد مجموعة من الشباب أصحاب البصر الحاد مع أحد المشايخ بعد صلاة المغرب وفي حضور مأمور القسم، ويراقبون الهلال، فإذا ثبتت الرؤية يبدأ المنادي وينادي من فوق المئذنة معلنًا أن غدًا صيام الشهر الكريم، وعلى الفور يقوم الشباب والأطفال بتعليق الزينات وترفع الأعلام البيضاء للتعبير عن الفرحة باستقبال رمضان.
ويشير الشيخ إبراهيم، إلى أن طور سيناء كانت تضم ثلاث مناطق فقط هي منطقة البلد وكان يقطنها مسلمون ومسيحيون وبها الشرطة وقسم الحدود، ومنطقة سيدي الكيلاني منطقة الكروم، وطيلة شهر رمضان يحرص أبناء جنوب سيناء على الإفطار الجماعي في المندرة، كنوع من التكافل الاجتماعي.
وأوضح الشيخ إبراهيم، أن معنى المندرة عبارة عن حجرة في واجهات البيوت، وكل بيت له مندرة، مفتوحة على الدوام يقصدها الضيوف أو غريب أو عابر سبيل دون استئذان صاحب المنزل، وما أن يأتي ضيف أو غريب أو عابر سبيل، فالمندرة رغم أنها متصلة بالمنزل إلا أنها منفصلة عنه وهي تجسّد كرم الإنسان العربي، وفي المساء تتحول المندرة إلى مكان للسمر وحل المنازعات والتصالح والتشاور بين الجيران والأصدقاء.
ولفت إبراهيم، إلى أنه قبل دخول الكهرباء كانت تترك لمبة سهاري في حوش البيت تضيء طوال الليل، يقبل عليها السائرون أو مَن يكون تائهًا في الصحراء، وفي الداخل كانت توجد لمبة جاز.
وأضاف الشيخ إبراهيم، أن البدو لهم عادات جميلة في المأكل والمشرب، منها أنهم يفطرون مرتين، الأولى تسمى “,”الفطور“,”، وهي وجبة خفيفة مكونة من الحليب والتمر، ثم يؤدون صلوات المغرب والعشاء والتراويح ويعودون إلى البيوت لتناول الإفطار الرئيسي الذي يسمى “,”الضحوية“,”.
وأكد أن أهم الأكلات البدوية في رمضان “,”المجردج“,” وهو الخبز المصنوع على “,”الطاوية“,” وهي آنية يوضع فوقها العجين ثم يدخل الفرن قبل الإفطار بنحو ربع الساعة يخرج بعدها ساخنًا، ولحم الماعز مع شوربة القمح، وبعد الإفطار تترك المائدة ولا يرفع عنها الطعام حتى بعد صلاة التراويح تحسبًا لوصول أي ضيف أو عابر سبيل أو مار على الطريق ولم يفطر.
وبعد صلاة التراويح تبدأ السهرات الرمضانية بنفس المندرة ومجالس العائلات، يتسامرون ويتناولون الشاي والقهوة إلى جانب الحلوى الرمضانية من كنافة وقطايف ويستمر السهر ومناقشة بعض الأمور الحياتية اليومية حتى ساعات متأخرة من الليل، وقبل موعد السحور يتجه كل منهم إلى بيته لإيقاظ أهله وتناول طعام السحور معهم، ومعظم طعام السحور كان عبارة عن جبن ولبن ماعز ولبن حامض والذي يعرف باللبن الرايب الآن، مع العيش الشمسي المصنوع من الردة، ثم نخرج إلى المسجد لصلاة الفجر.
ويؤكد الشيخ إبراهيم، أن الحياة قديمًا كانت بسيطة وعلى الفطرة ولا توجد أي مشاكل، معللًا بأن القبائل كانت متوحدة حتى ثورة يوليو 1952، وشيخ القبيلة كان يتحكم في القبيلة بأكملها، وكان له احترامه وتوقيره، ولا يعصى له أمر.
وفي سياق متصل، يشير الشيخ إبراهيم إلى أن الرئيس الراحل السادات كان يعتكف كل شهر رمضان في وادي الراحة بمدينة سانت كاترين وكان يلتقي بهم ويستمع إليهم ولذلك لقبوه بابن سيناء .
ويستطرد الشيخ إبراهيم قائلًا: إن المواد التموينية كانت تأتي إليهم عبر مراكبهم الشراعية من السويس عام 1939 وكانت جميع القبائل تأتي بأكملها بالجمال لتستلم حصتها طبقًا للكشوف المدونة وكل شيخ مسئول عن قبيلته، أما في العيد يذكر الشيخ إبراهيم أنه يبدأ بالتكبير والتهليل ثم تفتح البيوت لاستقبال الزوار سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، مشيرًا إلى أنه كانت توجد ما يقرب من 60 عائلة مسيحية جاءت من الصعيد واليونان والشام وغيرها، والكل يعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمان ووحدة وطنية بحق .