الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تعلموا من النملة أيها الإسلاميون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
§ وهكذا انتهت أول تجربة ديمقراطية مصرية.. وضاعت الفرصة الرابعة منا نحن الإسلاميين؛ لأننا لم نراجع الأخطاء التي وقعنا فيها في المرات الثلاث الماضية.. ولم نفعِّل آلية النقد الذاتي.. وكنا دومًا ندور حول نظرية المؤامرة.. نعم هناك مؤامرات.. ولكن لماذا نمكن دومًا المؤامرة من هزيمتنا باستمرار؟
§ لم لا ندرّس لأجيالنا القادمة أخطاء كل مرحلة؛ لتلافيها وعدم تكرارها؟
§ لماذا لم نتوقف عند قوله تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هذا)، أي كيف هذا وفينا الرسول والصحابة؟!.. فكانت إجابة القرآن: (قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ).
§ لقد ضاعت منا فرصة تاريخية، أحكم الخصوم الحبل حول رقابنا، وقمنا نحن بشنق أنفسنا.
§ نعم هناك انقلاب على الشرعية، ولكننا الذين أجبرنا الآخرين على اغتيال حلمنا، وحشدناهم حشدًا ليكونوا صفًّا واحدًا في مواجهتنا.
§ نحن تفنَّنَّا في صنع الأعداء، و“,”تطفيش“,” الأصدقاء، وجمع الخصوم الذين لم يجتمعوا أبدًا.
§ ولكن لا وقت للبكاء على اللبن المسكوب.. فنحن الآن كإسلاميين ليس أمامنا خيارات كثيرة.. هما خياران فقط:
§ خيار مدمر، جُرب قبل ذلك فأهلك الأخضر واليابس في الجزائر.. وخيار رشيد صالح أتى بخير الثمار.
§ الأول: الخيار الجزائري، أو خيار الدم والعنف:
§ وهذا الخيار أخذته تيارات الإسلام السياسي في الجزائر عقب إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية 1992 من قبل الجيش الجزائري، والتي فازت فيها جبهة الإنقاذ بأغلبية المقاعد، وعزل الرئيس الشاذلي بن جديد صاحب الإصلاحات الديمقراطية في الجزائر.
§ وقد اختارت الجماعة الإسلامية المسلحة، وجبهة الإنقاذ، والجبهة الإسلامية للجهاد المسلح والعنف، المقاومة المسلحة طريقًا لإعادة الشرعية.. ولكنها دخلت وأدخلت الجزائر في نفق مظلم، استمر عشر سنوات، قتل فيها مائة ألف قتيل وجرح 180 ألف قتيل “,”واقرأوا الأرقام جيدًا“,”.. ودمرت الجزائر كلها.. فلا الشرعية أدركوا، ولا الشريعة أقاموا، ولا الدماء حقنوا، ولا الوطن سَلِم.. وأصبح كل جزائري يكره هذه الحركة والجيش معًا، الذين دمروا البلاد والعباد.
§ حتى أصدر الرئيس بوتفليقة “,”ميثاق السلم والمصالحة الوطنية“,”، والذي أخرج آلاف الإسلاميين من السجون، وأعادهم من الجبال، وأوقف نزيف الدماء.
§ فهل يقبل هذا الخيار عاقل.. وكل من يفكر في اختياره سوف يدمر نفسه وجماعته قبل أن يدمر الآخرين.. وإني أربأ بالحركة الإسلامية المصرية العاقلة صاحبة التجربة أن تفعل ذلك.
§ فالحركة الإسلامية الجزائرية وقتها كانت عاطفية التفكير، وتمر بمرحلة مراهقة فكرية، مع ضعف قراءة للمشهد الدولي والإقليمي.
§ ثانيًا: تجربة أربكان أردوغان:
§ أربكان هو دكتور مهندس مثل د/ مرسي.. كلاهما وصل إلى الحكم عبر انتخابات نزيهة.. انفتح أربكان على العالم الإسلامي بحذر؛ حتى لا يغضب الجيش.. دخل السجن مرات وخرج منه.. مكث في الحكم فترة بسيطة حورب فيها بشدة.. لم يستطع أن يفعل شيئًا.. اضطر للاستقالة.. عاد إلى الحياة السياسية بحزب جديد واسم جديد “,”الفضيلة“,”.
§ بزغ نجم أحد تلاميذه.. أدرك ما لم يدركه أربكان.. كان أكثر التصاقًا بمؤسسات الدولة واعتمادًا عليها.. أدرك أن الدولة أبقى من الجماعة والتنظيم.. أدرك أن تركيا لكل الأتراك باختلاف توجهاتهم.. تدرج في كل الأمور.. استوعب الجميع.. تحالف مع كل التوجهات.. لم يستأثر بالسلطة.. أدرك أن الزمن جزء من العلاج.. لم يلجأ لعنف أو بكاء على اللبن المسكوب أو العيش في وهم الشرعية التي استلبت من أستاذه أربكان. . لم يفكر في الانتقام لأستاذه.
§ أدرك أن الإسلام والأوطان باقية حتى لو زال منصب أو حزب.. أدرك أن الخلافة الراشدة سقطت ولم يسقط الإسلام.. وغابت الدولة الأموية والعباسية والأيوبية.. وغاب قادة عظام سادوا الدنيا كلها، لكن الإسلام والأوطان انتقلت من مجد إلي مجد.
§ زوال المناصب ليس نهاية الكون.. الدعوة والمواقف النبيلة أقوى من كراسي السلطة.. تعلموا من النملة الصغيرة التي تسقط من على الجدار الأملس مرات ولكنها لا تيأس.. تعاود الصعود في صمت وإباء.. لا تصرخ ولا تولول.. لا ترتجف ولا تخاف.. تترك لغة “,”الحنجوري“,” ولهجة الاستعداء والاستعلاء، التي أضاعتنا وجعلت الجميع يكرهنا.

§ نبدأ من جديد بداية صحيحة.. نستوعب الجميع.. نسعهم بأخلاقنا وتسامحنا وعفونا.. السلطة ليست شيئًا مهمًّا نبكي عليه أو نحزن عليه.. نركز على تصويب الأخطاء.. ونمد أيدينا للجميع؛ حتى للذين غدروا بنا أو أساءوا إلينا.. نتقدم بثقة وبخطوة صحيحة.. إنه طريق أردوغان بعد أربكان.