تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كل من يظهر في الفضائيات الآن يكلمنا عن التسامح وعدم الإقصاء للتيارات الإسلامية. والتيارات الإسلامية ليست واحدة، فحزب النور مثلاً لم يتظاهر تأييدًا للرئيس المخلوع مع أنه يؤمن بشرعيته، وهذا فكر محترم؛ لأنه يبعد الصدام وشبهة العنف.
أما من يتحدثون عن التسامح فلا بد أولاً أن يقولوا إن من أجرم يجب تطبيق القانون عليهم، سواء كانت جريمتهم بالفعل أو بالتحريض. وأما من لم يثبت عليهم أي جرائم فللتسامح شروط: الشرط الأول أن يعترف الشخص بخطئه وخطأ الفكرة التي تجعل كل من في جماعته مؤمنًا ومن في خارجها كافرًا، وأن يعلن ذلك على الملأ في القنوات التليفزيونية. ثانيًا أن يرجع إلى العمل الدعوي والخدمي، ولا يدعو “,”بالزيت والسكر“,”، ولكن بالأسوة والموعظة الحسنة، وأن يبتعد عن السياسة مؤقتًا، ويراجع نفسه في طريقة “,”المغالبة“,”؛ لأن الله قال لرسوله الكريم وأحب خلقه: (لست عليهم بمسيطر)، وأن يدع الخلق للخالق.
وقد يقول قائل: إن هذا إقصاء، لماذا لا يعمل في السياسة؟، وأنا أقول: ولماذا يعمل في السياسة من لا يؤمن أن الدخل الثالث للمصريين هو من السياحة، وأن التعدي على السياح وقتلهم والتمثيل بجثثهم نهى عنه الإسلام الصحيح؟ فقد نهى الرسول الكريم عن التمثيل بجثة الكلب العقور.
وأيضًا يجب على كل من يتصدى للدعوة أن يلتحق بالأزهر الشريف ويحصل على شهادة تؤهله للدعوة، فمعظم الدعاة الملقبين بـ“,”الشيوخ“,” هم مهندسون أو محامون أو مدرسون... إلى آخره، وقد عانى الأزهر كثيرًا من الذين يُفتون الناس بلا علم. وبعد أن ينفرط عقد هؤلاء في المجتمع المصري، وحتى تقبلهم الجماهير فلا بد أن يزيلوا الجهامة من على وجوههم؛ فقد قال الرسول الكريم: “,”تبسمك في وجه أخيك صدقة“,”، أما من ناحية الملبس فأنا أرى أن الملبس حرية شخصية، فمن يرد أن يلبس الجلباب فأهلاً وسهلاً، ولكن بشرط ألا ينظر باستعلاء لمن يلبس البنطلون الجينز، ومن يُرِد تربية لحيته وحف شاربه فأهلاً وسهلاً، بشرط ألا ينظر لحليق الذقن أو الذي يطلق شاربه نظرة دونية، ومن تلبس الحجاب أو النقاب فأهلاً بها، ولكن لا تنظر إلى من لا تلبسه نظرة اتهام.
فالتعايش بين الناس يجب أن يكون أساسه حسن المعاملة كما قال الرسول الكريم: “,”الدين المعاملة“,”، وعليهم بعد ذلك أن يثبتوا حسن الجوار، ويقوموا بالواجب تجاه جيرانهم؛ فيحضروا حفلات الزفاف، والجنازات، وأن يعرفوا أن الله سمح للمسلم بالزواج بالكتابية وحرم الزواج بالمشركة، وهذا يدل على أن الكتابيين غير مشركين، وأن يتدارسوا اللغة العربية ويتأملوا ويتدبروا فيها، فقد قال الله: (لقد كفر الذين قالوا) و“,”الذين“,” تعني التخصيص وليس التعميم، فلا يؤخذ كل النصارى بذنب القلة القليلة، فهناك طائفة من المسلمين يعلمها كل الناس تعتقد اعتقادات شتى تكاد تكون شركًا صريحًا فلا نحملها على باقي المسلمين.
فمن الخطأ إذا سرق أحدهم أن نقول إن الباقين لصوص، أو إذا قَتل أحدهم أن نقول إن الباقين قتلة.
ولا بد أن ينزعوا الغل من صدورهم، وذلك لن يتأتى إلا بالوقت والصبر، فما فعلوه لم يكن هينًا، وعلى باقي الشعب أن يحاول تقبلهم، وإذا تمت مراجعة أفكارهم والاعتراف بها والتعهد بعدم الرجوع إليها، كما فعل البعض بعد أن تراجعوا، ولكنهم تراجعوا بمبدأ “,”التقية“,”، وفي أول فرصة سنحت لهم قالوا “,”سنسحقهم، ونرى رءوسًا أينعت وحان قطافها“,”، وباقي التحريض على القتل والرجوع في المراجعات، مع أن المجتمع قبل توبتهم ومد إليهم يد المسامحة، ولكن لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، فهذه المرة العبء ثقيل عليهم، ويجب الرجوع عن العنف فعلاً وقولاً.. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.