هذه المقدمة مستوحاة من الأدب العالمي، وهى أنه كان هناك ذمار يعيش في قرية ريفية صغيرة ومتزوج وله ابن وحيد يعيش معه ويعلمه حرفة المزمار وهو يعيش في ضيق، حيث إن أهل الريف لا يعنيهم النغم فكان لا يجد رزقه إلا إذا كان هناك حفل زفاف أو مولود وأي مناسبة وهي مناسبات متباعدات، فقرر أن يرحل يومياً إلى المدينة القريبة حيث يقف في حديقة المدينة ويقدم أنغامه على المزمار فيجود عليه أهل الخير وعشاق النغم بما يجودون به فيأخذه ويرحل إلى القرية ليحضر قوته هو وعائلته بما جمعه وحصله وأثناء عودته في يوم من الأيام سقط المزمار منه وقبل أن يلتقطه من الأرض داسته أقدام أحد الحمير التي تحمل البضائع وتسير بسرعة في شوارع المدينة، وأصبح المزمار في خبر كان ولا يصلح لإخراج النغم، وذهب الرجل إلى بيته واقتات لأسرته مما جاد به أهل المدينة وفي صباح اليوم التالي عقد العزم على أن يخرج إلى براري القرية حيث ينمو الغاب لكي يقطع بعض الغاب لصناعة مزمار بديل، وحمل معه سكينا ومدية واقتطع بعض الغاب وأخذ يعالجه حتى يصنع منه مزماراً حتى إذا رضي عنه المزمار الذي صنعه وهو جالس تحت شجرة يستظل بظلها أخذ يجرب المزمار الجديد ويعزف عليه النغمات وأثناء ذلك خرج من تحت صخرة مواجهة لمجلسة ثعبان أخذ يتمايل ويتراقص على نغمات الذمار وأخذ الذمار يزيد ويعدو من الأنغام والثعبان يزداد تمايلاً وتراقصاً حتى عاد الثعبان إلى جحره تحت الصخرة وخرج مسرعاً وفي فمه بيضة من الذهب صغيرة الحجم ألقاها أمام الذمار وعاد مرة أخرى إلى جحره أخذ الذمار البيضة ووضعها في كفه يتأملها حتى تأكد أنها من الذهب الخالص ففرح بها وأخذ يعزف على المزمار الجديد حتى خرج الثعبان مرة أخرى فشكره الذمار على هذه الهدية وكم كان هو وأسرته في أشد الحاجة إليها فوعده الثعبان بأن يكون بينهما هذا اللقاء مرة كل أسبوع، أخذ الذمار البيضة وانصرف إلى المدينة لبيعها وأحضر لنفسه ولأسرته ما يحتاجون إليه من ملابس وطعام وبعض الأدوات التي يصلح بها الكوخ الذي يعيش فيه وكان بعد ذلك يذهب إلى حيث يلتقي بالثعبان يعزف له النغمات حتى ينتهي اللقاء ويأخذ البيض في زجاجة ويحتفظ به للزمن وتقلباته حتى جاءه من يعرفه من أهل القرية ليخبره بأن أمه في قرية بعيدة عن قريتهم في مرض شديد وتحتاج أن تراه قبل أن يدركها الموت، وأخرج الرجل من الزجاجة بيضة ذهبية لكي يبيعها ويشتري لأمه ما تحتاج إليه ونادي على ابنه وأعطاه المزمار وأخبره بعلاقته بالثعبان وأعطاه الزجاجة التي يدخر فيها البيض وبها خمس بيضات وأوصاه بأمه خير وأوصاه بالمحافظة على العلاقة الطيبة مع الثعبان حتى يعود وأخذ زاده وانصرف للاطمئنان على أمه أيضاً.. وفي الموعد المحدد ذهب ابنه إلى الشجرة وجلس تحتها وأخذ يعزف على المزمار حتى خرج الثعبان وتعرف عليه لأن الولد يشبه أباه تماماً فاطمأن منه على والده ودخل الجحر وأخرج له البيضة وودعه ودخل جحره مرة أخرى، استغل الولد المشوار إلى الثعبان فهو يمشي في طريق شامة غير ممهدة طوال منتصف النهار ففكر في إزاحة الصخرة واستخراج مخبأ البيض مرة واحدة بدلاً من الذهاب كل أسبوع في هذا الطريق الوعر وذهاب اليوم كله في الإياب والذهاب وعندما حان الوقت حمل معه الفأس والمزمار وخرج لكي ينفذ ما في رأسه وجلس تحت الشجرة واستمر في العزف على المزمار حتى خرج الثعبان وتراقص معه وعندما هم بدخول الجحر لكي يحضر له البيضة هوى الشاب بفأسه على الثعبان الذي ألتف بسرعة على قدم الشاب وغرس أنيابه في ساقه ولكن الفأس كانت قد قطعت زيل الثعبان الذي ما إن أفرغ سمه في ساق الشاب حتى عاد مسرعاً إلى جحره ولم يخرج منه بينما وهنت قوة الشاب عن تحريك الصخرة وبدأت حرارة جسده في الارتفاع فأدرك أن سم الثعبان بدأ يسري في دمه فأسرع إلى الكوخ وما إن وصل إلى الباب حتى سقط ميتاً وخرجت أمه تحاول أن تداويه فلم يفلح معه شيء فقد تمكن السم من جميع جسده فسقط ميتاً وقامت أمه بدفنه بجوار الكوخ وهي تبكي عليه بشدة فهو ابنها الوحيد حتى عاد أبوه ووجد هذه الحالة فاستفسر من أمه عما حدث فأخبرته بأن ذهب إلى موعد الثعبان وأخذ معه المزمار والفأس ولكنه عاد من غيرهما وسقط أمام الكوخ ميتاً بكي الرجل ابنه الوحيد وجلس حزيناً يوم واثنين حتى استجمع قواه وذهب حيث مكان الثعبان، فوجد الفأس والمزمار وذيل الثعبان فأدرك الرجل ما فعله ابنه وما ارتكبه من حماقة أودت بحياته ويقطع مصدر للرزق عليه وعلى أبيه وحاول أن يتدارك الموقف ولا يخسر كل شيء فأخذ المزمار وعزف النغمات التي يحبها الثعبان حتى خرج الثعبان مقطوع الذيل وحاول الرجل أن يصلح ما أفسده عليه ابنه إلا أن الثعبان قال له: "أنت لن تنسى من قتل ابنك وأنا لن أنسى من قطع ذيلي".
هذه القصة بها من العبر الكثير ولكن العبرة الأساسية هي عبرة قيام العلاقات على المصالح المشتركة – فالمصالح المشتركة تذيب فوارق القوى بين الضعيف والقوي، ولكن تحقيق المصالح المشتركة التي تعود على الطرفين بالنفع العام لكل منهما وهي سياسة الأذكياء الذين يدركون كيفية تحقيق المكاسب عن طريق إقامة علاقات تقوم على المصلحة الحقيقية لكل طرف بعيدة عن الانتهازية والاستغلال وفرض الهيمنة فهذه العلاقات تستمر في جلب النفع والخير لكل الأطراف أما إذا دخلت القوة الغاشمة الحمقاء معتمدة على قوتها في تحقيق مصالحها عن طريق سحق الآخرين فسرعان ما ينقلب السحر على الساحر فأمريكا أقوى دولة في العالم عسكرياً واقتصادياً عندما استخدمت هذا المنطق، منطق القوة الغاشمة مع أضعف دولة في العالم وهي فيتنام وعلى مدار 11 سنة من محاولة فرض القوة الغاشمة فشلت أمريكا بجلالة قدرها وخرجت مهزومة تجر معها الخزي والخذلان وعادت كما يقال في المثل العربي "عاد بخفي حنين"، وكذلك الحال مع الاتحاد السوفيتي عندما استخدم منطق القوة الغاشمة وهو ثاني أكبر قوة في العالم ودخل أفغانستان أفقر شعب وأضعف دولة وعلى مدار 14 سنة فشل وتفكك الاتحاد السوفيتي وانهار وخرج مهزوماً يجر هو أيضاً أذيال الخزي والخذلان، والآن تفعل إسرائيل المجرمة نفس الشيء مع الشعب الفلسطيني الأعزل تستخدم منطق القوة الغاشمة وسوف تجري السنين التاريخية على إسرائيل كما جرت على أمريكا في فيتنام وعلى روسيا في أفغانستان ولكن مشكلة إسرائيل في تأخر إجراء السنن عليها هو حالة التمزق التي يعيشها النضال الفلسطيني وحماس جزء من هذا التمزق بعد الفساد الذي ضرب منظمة التحرير الفلسطينية أعتقد الشعب الفلسطيني أن حماس هو البديل الأكثر نقاءً والأكثر شفافية فانتخب حماس فإذ به يرى في حماس شيطاناً رجيماً أكثر فساداً من منظمة التحرير وأبعد عن الشفافية بعد المشرق والمغرب وأن ولاءها للتنظيم الدولي الإرهابي العميل وليس لها ولاء للقضية الفلسطينية التي يستخدمها كالدجاجة التي تبيض ذهباً – حماس التي تحكم شعب غزة بالحديد والنار حصلت على مدح من الحكومة الإسرائيلية قبل أحداث غزة بشهر واحد – تشكر فيه الحكومة الإسرائيلية منظمة حماس على تحكمها في القطاع وقدرتها على كبح جماح الجماعات الجهادية الأخرى ولك الله يا شعب فلسطين.