السبت 05 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

بعد تغيير المناهج التعليمية.. خبراء التعليم: ما يحدث مجرد ترقيع ولا يراعي سوق العمل أو التطور التكنولوجي.. ويتجاهل المقاييس العالمية لإخراج طالب مناسب لسوق العمل

 وزارة التربية والتعليم
وزارة التربية والتعليم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قامت وزارة التربية والتعليم بتغيير عدد من المناهج التعليمية، في إطار الخطة الاستراتيجية لوزارة التربية والتعليم لتغيير المناهج بشكل كامل خلال 3 سنوات، وحسب مركز تطوير المناهج بلغ عدد الكتب التي تم تغييرها 30 كتابا في الفصلين الأول والثاني وتم تعديل 1290 كتابا آخر، تمهيدًا لتغييرها بشكل كامل خلال الـثلاث سنوات المقبلة.
ومن أهم الكتب التي تم تغييرها بالنسبة للمرحلة الابتدائية، هي كتب الرياضيات للصفين الأول والثاني الابتدائي، وكتب اللغة العربية للصف الثالث الابتدائي، وتم تغيير مواد الصف الثاني الثانوي بالكامل، وعمل سلسلة للغة الإسبانية واللغة الفرنسية خاصة بوزارة التربية والتعليم.
وفى مادة التربية الوطنية للصف الثالث الثانوي، تم تغيير الفصل الخاص بثورة 25 يناير، والذى كان أضيف في عهد حكم جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان يتحدث عن إنجازاتهم ويتناول الأحداث من وجهة نظرهم ليتغير إلى تناول ثورات مصر في العصور المختلفة، ابتداءً من الفراعنة، وصولاً إلى 25 يناير و30 يونيو، وتناول الكتاب عهد الرئيس المعزول محمد مرسى بشكل عابر أن الشعب المصري قام بثورة على الجماعة نتيجة عدم الرضا عن أوضاع معينة.
وفى مادة الجغرافيا للصف الثاني الثانوي، تم استحداث منهج جديد لم يتم تناوله من قبل، وهو منهج "جغرافيا التنمية"، وعرضت فيه الفصول المختلفة عن تجارب البرازيل وماليزيا في كيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية التي مرت بها تلك البلاد، عن طريق مشروعات تنمية حقيقية وليس عن طريق القروض.
وفى منهج الرياضيات للمرحلة الابتدائية، تم استحداث 6 شخصيات كرتونية جديدة لتمثل بعض المسائل الحسابية، منها شخصيات نشيط وناصح، والتي سيتم تقديم المسائل الحسابية لطلاب المرحلة الابتدائية من خلالها، وفى منهج الصف السادس الابتدائي "التاريخ الحديث"، تم حذف الدرس الخاص بالرئيس الأسبق حسنى مبارك، ليتحول إلى تاريخ مصر بعد حرب أكتوبر، وتم حذف الأجزاء التي كانت تنسب له النصر في الحرب، وتم تعديل الدرس ليصبح دوره أنه صاحب الضربة الجوية، وشارك في الحرب، ولكن النصر كان نتاجًا لمجهود جيش مصر وليس لمبارك وحده، كما هو مذكور من قبل في منهج الصف الثالث الإعدادي أيضًا في مادة التاريخ.
وعلق على هذه التغييرات عدد من خبراء التعليم، مؤكدين أن ما يحدث مجرد ترقيع للمواد، وليس تغييرًا أو تطويرًا حقيقيّا، لأن الوزارة لا تلتفت إلى المواصفات القياسية للطالب أو الخريج، بل تهتم بالمناهج فقط وتغييرها، غير مكترثة بنوعية المناهج أو الامتحانات التي تراعي احتياجات سوق العمل في العالم أو حتى داخل مصر.
قال مجدي قاسم، رئيس مجلس إدارة هيئة ضمان الجودة السابق بوزارة التربية والتعليم: إن التعديلات التي أجرتها وزارة التربية والتعليم على المناهج لا تتخطى حاجز الشو السياسية التي يتفنن فيها النظام هذه الأيام، فكيف للوزارة أن تقوم بتعديل المناهج دون أن تحدد مواصفات قياسية للخريج، مضيفًا أنه للأسف في مصر كل وزير جديد يأتي إلى الوزارة أول ما يفعله هو تعديل وتغيير المناهج، وفقًا لما يزعمه بأنها أحدث صيحات التحضر والتطور في العالم، علمًا بأننا لا نتحدث مطلقًا عن المواصفات القياسية للخريج، ولا نشكل المناهج والامتحانات وفقًا لهذه المواصفات، لأننا لا نركز على إكساب الطالب للمهارات الأساسية قدر اهتمامنا بأن يكون لدينا مناهج "شكلها حلو فقط".
وعن إدراج تجربة البرازيل وماليزيا ضمن المناهج الخاصة بالتعليم قال: يمكن أن تكون تجربة ماليزيا والبرازيل من أنجح التجارب في العالم، لكن كل بلد ولها ظروفها، فنحن لنا ظروف تختلف كليّا عن البرازيل وماليزيا، على الأقل في طريقة التفكير، وحال الطالب لدينا الذي يختلف كليّا في بيئته وطاقته الاستيعابية عن هناك، فتدريس تلك التجارب مجرد "بهرجة" أكثر منها حرصًا على الطالب.
وأشار قاسم إلى أن العمل على تطوير قدرات الخريج ومراعاة ذلك في المناهج والامتحانات هو التطوير الحقيقي الذي تسعى إليه الوزارة، خاصة وأننا نعاني من فقر في الناحية البشرية، وبالتالي نحن لسنا في حاجة إلى تلك القرارات الفوقية التي تعتبر ترقيعًا أكثر منها تطويرًا، والتي تغير المناهج فقط، بدون تأهيل العامل البشري للتطوير.
وأكد الدكتور رءوف عزمي، الخبير التربوي، أن تطوير المناهج في مصر يتم بطريقة "القص واللصق"، أي أن ما كان يدرس في الصف الثاني الإعدادي، يتم تدرسيه في الصف الأول الإعدادي، وما يدرس في الصف الثالث الابتدائي يدرس في الصف الخامس، وهو ما يعتبره المختصون في بلدنا تطويرًا للتعليم.
وأضاف عزمي أن انعدام الرؤية الواضحة عن مفهوم "التطوير" لدى الخبراء في مصر، هي السبب فيما نحن في الآن، فالتطوير لا يعني التبديل، بل يعني تطوير الرؤية التي يمكن من خلالها مواكبة التطورات التكنولوجية، فلم نسمع أبدًا عن استخدام الكمبيوتر أو الإنترنت مثلًا في التعليم، ولم نسمع عن المواد التفاعلية للطالب على الإطلاق.
وأشار عزمي إلى أن البعد عن ركب التكنولوجيا في مناهج التعليم يؤخر من التعليم في مصر سنوات إلى الوراء، وهو ما يظهر بشدة في إهمال المواصفات القياسية للامتحانات، التي تنعكس بشدة على المواصفات القياسية للخريج، التي أصبحت لا تناسب سوق العمل في أي دولة من دول العالم، بل أصبحت لا تناسب سوق العمل في مصر.
وتابع: نسمع دائمًا كلمة "بروز الشهادة على الحيطة"، في إشارة إلى أن الشهادة ليست لها أي قيمة حقيقية في أرض الواقع، فهي شيء للزينة، وهذا دليل قاطع على أن كل من يزعم أن تعليمنا يتطور بشكل مرحلي، فنحن لا نراعي متطلبات السوق، وما يتطلبه رجال الأعمال في موظفيهم حتى نوفر لهم ما يبتغونه في العمالة المصرية، بدءًا من العامل حتى أكبر موظف.
وعن إضافة تجارب دول أجنبية إلى المناهج في مصر، قال: لا مانع من الاستفادة بتجارب الغير، ولكن يجب أن ننتقي منها ما يناسبنا، وهو ما نطلق عليه "تمصير التجارب الخارجية"، فلو طبقنا ذلك سننتقي ما يناسبنا وما لا يناسبنا من تلك التجارب، محققين أكبر المكاسب من تدريس هذه التجارب.