لم ينتفض الأزهر عندما أعلن الشيخ الحوينى السلفى منذ سنوات أن الحل لمشكلاتنا أن نغزو الدول الأخرى ونسترق أهلها عبيدا وجوارى ونبيعهم فى سوق العبيد، وهو ذات ماقاله أمير المؤمنين ورئيس دولة الإسلام عندما وعد المسلمين فى خطاب العرش بفتح روما، لم ينتفض الأزهر عندما خرجت داعش وشقيقاتها من تنظيمات الإرهاب تعلن أنها تطبق الإسلام الصحيح وتقطع الرءوس وتستحل الحرمات وتحرم الحلال وتفجر المساجد والكنائس لم ينتفض الأزهر عندما يقوم الطلبة الذين يدرس لهم فى جامعته بحرق كليات الجامعة وإشعالها وحرق سياراتها طوال العام، لم ينتفض الأزهر عندما خرج محمد حسان ليعلن أن العقل ليس له مكان فى الدين وأن من يعمل عقله فى فهم الدين كافر كل هذا لم يدفعه إلى تكوين لجنة لدراسة أسباب كل هذا ووضع الحلول وإبراز وجه الإسلام المعتدل الذى يزعم أنه يمثله لكن ماحركه ودفعه سريعا إلى هذا هو كلام الحوينى أجهل خلق الله ومعه عذره عن ماقاله إبراهيم عيسى فالرجل لم يقرأ البخارى ولا كتب التفسير ليعلم أن ماتحدث فيه إبراهيم عيسى موجود فى كل هذه الكتب بالنص الذى قرأه إبراهيم عيسى وأكثر منه لكن ماعذر شيخ الأزهر ورجاله هل هم أيضا لم يقرأوا البخارى وكتب التفسير لا أدرى أن أكبر مصدر للإرهاب هو مناهج الأزهر ورجاله فلا يعرف الكثيرون أنهم كفروا محمد عبده الأزهرى المستنير من داخل الأزهر وهم من كفروا فرج فودة وأصدروا بيانًا بذلك ليقتله أحد الجهلاء وغالبية قيادات الإخوان، هم من خريجى الأزهر أو يعملون به، أما خلاف الأخوان مع شيخ الأزهر فلم يكن خلافًا على الأفكار فهم ينتمون إلى نفس المدرسة لكنه خلاف على الثقة، فهم لايثقون إلا فيمن تربى فى أحضان الجماعة لكنه والحمد لله قام معهم بالواجب كله بعد اعتصام رابعة وهجومهم على دار الحرس الجمهورى عندما انتفض وأصدر بيانا شديدا احتجاجا على مقتل بعضهم واعتكف فى قريته حزنا عليهم، بينما لم تهتز له شعرة من جرائمهم اليومية، قريبا ستجتمع اللجنة التى شكلها سيادته ممن يثق فيهم وستصدر تكفيرا لمن يتحدث عن عذاب القبر والثعبان الأقرع وتعتبرهما من ثوابت الدين وهو قول كذوب وعلى مر التاريخ رفض الكثيرون هذا الزعم الذى يتعارض مع عدالة الله ورحمته مثل ابن حزم والشيخ أبو زهرة والشعراوى ومحمد الغزالى، لكن سيصدر بيان التكفير وبعدها يتم اغتيال إبراهيم عيسى وإسلام بحيرى وغيرهما ممن قرأوا كتب التاريخ والتفسير وفهموها فليس مطلوبا القراءة أو الفهم لكن الحفظ والترديد كالببغاوات فقط لم يكن هدم ضريح النبى موسى هو الأول فى تاريخ المسلمين، يذكر التاريخ العديد من تلك الوقائع المخزية التى ارتكب بعضها من يدعون أنهم مسلمون، وقد طالت هذه الحوادث قبر النبى "صلى الله عليه وسلم"، حتى أن هناك كتبا ألفت حول هذه الحوادث، وقد كشفت تلك الكتب عدد من المحاولات لسرقة جسد النبى، أو نبش قبره، سواء بهدف سرقة جثمانه، أو نقله إلى مكان آخر، وقد ذكر المؤرخون عددا من هذه المحاولات على مدار التاريخ، إلا أن جميعها باء بالفشل وقد ذكر تلك الحوادث كل من محمد بن إلياس عبد الغنى فى كتابه "تاريخ المسجد النبوى الشريف"، كما ذكرها كتاب القبة الخضراء ومحاولة سرقة الجسد الشريف للكاتب محمد على قطب، وتذكر تلك الكتب والمراجع أن المحاولة الأولى لنبش قبر النبى كانت فى عام 386 هجرية فى بداية القرن الخامس، وذلك بإشارة من الحاكم العبيدى الملقب "بالحاكم بأمر الله" وهو سادس الحكام العبيديين، وقد ذكر المؤرخون هذه المحاولة نقلاً عن تاريخ بغداد لابن النجار بسنده، أن بعض الزنادقة أشار على الحاكم العبيدى بنقل النبى وصاحبيه من المدينة إلى مصر، وزين لهم الشيطان ذلك، واجتهد الحاكم فى مدة قصيرة وبنى بمصر حائزًا أى "مكان يستقبلون فيه الجسد الشريف"، وأنفق عليه مالا كثيرا، وبعث أبوالفتوح لنبش الموضع الشريف، فلما وصل إلى المدينة المنورة وجلس بها حضر جماعة المدنيين، وقد علموا ما جاء فيه، وحضر منهم قارئ يعرف بالزلبانى فقرأ فى المجلس (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم) إلى قوله تعالى (إن كنتم مؤمنين) فماج الناس، وكادوا أن يقتلوا أبا الفتوح ومن معه من الجند، وما منعهم إلا أن البلاد كانت لهم، ولما رأى أبوالفتوح ذلك قال لهم الله أحق أن يخشى، والله لو كان على من الحاكم فوات الروح ما تعرضت للموضع، وتفيد المصادر التاريخية بأن المحاولة الثانية كانت أيضاً، على يد الحاكم بأمر الله العبيدى، إذ حاول مرة أخرى نبش قبر الرسول "صلى الله عليه وسلم"، لكنها باءت بالفشل أيضا، وحفظ الله نبيه، وقد ذكر المؤرخون تفصيل هذه المحاولة نقلا عن كتاب "تأسى أهل الإيمان فيما جرى على أهل القيروان"، لابن سعد القيروانى، والحادثة الثالثة ذكرها جمال الدين عبدالرحيم بن الحسن بن على الأسنوى فى رسالة له اسمها "نصيحة أولى الألباب فى منع استخدام النصارى"، ونقلها عنه السمهودى فى كتابه "وفاء الوفا بأخبار دا المصطفى"، ويذكر أن الحادثة وقعت سنة 557هـ، فى عهد السطان الملك العادل نور الدين زنكى، على يد اثنين من النصارى، وذكر المؤرخون أن السلطان نور الدين رأى فى نومه النبى وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول "أنجدنى، أنقذنى من هذين.. فاستيقظ فزعاً، ثم توضأ وصلى ونام، فرأى المنام بعينه، فاستيقظ وصلى ونام، فرآه أيضا مرة ثالثة؛ فاستيقظ. وكان للسلطان وزير من الصالحين يقال له جمال الدين الموصلى، فخرج معه متوجهًا إلى المدينة، فقدم المدينة فى ستة عشر يومًا، فاغتسل خارجها ودخل فصلى فى الروضة وزار، ثم جلس لا يدرى ماذا يصنع؟ فقال الوزير لأهل المدينة، إن السلطان قصد زيارة النبى، وأحضر معه أموالا للصدقة، فاكتبوا من عندكم فكتبوا أهل المدينة كلهم، وأمر السلطان بحضورهم وكل من حضر يأخذ يتأمله ليجد فيه الصفة التى أراها له النبى فلا يجد تلك الصفة، فيعطيه ويأمره بالانصراف إلى أن انفضت الناس فقال السلطان "هل بقى أحد لم يأخذ الصدقة"؟ فقالوا لا فقال: تفكروا فقالوا: لم يبق أحد إلا رجلان مغربيان لا يتناولان من أحد شيئا، وهما صالحان غنيان يكثران الصدقة على المحتاجين فانشرح صدره.. وقال: على بهما فأتى بهما فرآهما الرجلين اللذين أشار النبى إليهما بقوله أنقذنى أنجدنى من هذين، فقال لهما: من أين أنتما؟ فقالا: من بلاد المغرب جئنا حاجين فاخترنا المجاورة عند رسول الله، فذهب معهما إلى منزلهما، وأخذ يطوف فى البيت بنفسه، حتى رفع حصيرًا فى البيت فرأى سردابا محفورًا ينتهى إلى صوب الحجرة الشريفة، فارتاعت الناس لذلك، وقال السلطان عند ذلك: أصدقانى حالكما وضربهما ضربًا شديدًا، فاعترفا بأنهما نصرانيان بعثهما النصارى فى زى المغاربة، لنبش قبر النبى، فأمر السلطان بقتلهما، ويذكر المؤرخ على السمهودى، فى كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، الجزء الثانى، أن هذه المحاولة الخطيرة لنبش قبر النبى، هى التى دفعت بالسلطان نور الدين زنكى إلى حفر خندق عظيم حول الحجرة النبوية من جهاتها الأربع، وملء ذلك الخندق بالرصاص المذاب، فصار بمثابة سور يقى الحجرة النبوية من أى محاولة اعتداء، فى المستقبل، وظل السور معروفًا بسقيفة الرصاص إلى أن تهدم أثناء حريق سوق القماشة فى يوم الإثنين الموافق 18 من رجب سنة 1397 هـ. ولعل أشهر محاولة لنبش قبر النبى، وسرقة جثمانه، يؤكدها الدكتور حجاج إبراهيم، رئيس قسم الآثار والسياحة بجامعة طنطا، فيقول إن أشهر واقعة حدثت فى هذا الشأن كان زمن صلاح الدين الأيوبى، أيام الحروب الصليبية، حين اتفق القائد الصليبى أرناط مع بعض من عربان سيناء على أن يدخل من ناحية عيذاب حتى يصل للمدينة المنورة، لسرقة جثمان النبى، وتابع "حجاج"، كان صلاح الدين الأيوبى حينذاك فى مكة، وعندما علم بالخبر، توجه إلى أرناط وشقه بالسيف نصفين، وقتل اثنين من جنود الفرنجة، قبل أن يصلوا لقبر النبى، وتفاصيل تلك الواقعة يحدثنا عنها الرحالة ابن جبير أبو الحسين محمد بن أحمد، يذكرها فى "رحلته" فى أحداث سنة "578هـ"، ويؤكد فيها أن الروم حاولوا نبش قبر النبى "صلى الله عليه وسلم"، فقال: "لما حللنا الإسكندرية فى شهر ذى القعدة، عاينَّا مجتمعًا من الناس عظيما بروز المعاينة أسرى من الروم أدخلوا البلد راكبين على الجمال، ووجوههم إلى أذنابها وحولهم الطبول والأبواق، فسألنا عن قصتهم، فأخبرنا بأمر تتفطر له الأكباد إشفاقًا وجزعًا، وذلك أن جملة من نصارى الشام اجتمعوا وأنشأوا مراكب فى أقرب المواضع التى لهم من البحر الأحمر، ثم حملوا أنقاضها على جمال العرب المجاورين لهم بِكِراء – أى بأجرة - اتفقوا معهم عليه، فلما حصلوا بساحل البحر سمروا مراكبهم، وأكملوا إنشاءها وتأليفها، ودفعوها فى البحر، وركبوها قاطعين بالحجاج، وانتهوا إلى بحر النعم، فأحرقوا فيه نحو ستة عشر مركبًا، وانتهوا إلى ميناء "عيذاب" بالقوص بصعيد مصر فأخذوا فيها مركبًا كان يأتى بالحجاج من جدة، وأخذوا أيضا فى البر قافلة كبيرة تأتى من قوص، وقتلوا الجميع، وأخذوا مركبين كانا مقبلين بتجار من اليمن، وأحرقوا أطعمة كثيرة على ذلك الساحل كانت معدة لمكة والمدينة، وأحدثوا حوادث شنيعة لم يسمع مثلها فى الإسلام، ومن أعظمها حادثة تسد المسامع شناعة وبشاعة، وذلك أنهم كانوا عازمين على دخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإخراجه من الضريح المقدس. وأشاعوا ذلك وأجروا ذكره على ألسنتهم، فأخذهم الله باجترائهم عليه، وتعاطيهم ما تَحُولُ عنايةُ القدرِ بينهم وبينه، ولم يكن بينهم وبين المدينة أكثر من مسيرة يوم، فدفع الله عاديتهم بمراكب مرت من مصر والإسكندرية، دخل فيها الحاجب المعروف بلؤلؤ مع أجناد المغربة البحريين، فلحقوا العدو وهو قد قارب النجاة بنفسه فأخذوا عن آخرهم، وكانت آية من آيات العنايات الجبارية. أما المحاولة الخامسة فقد ذكرها المحب الطبرى فى "الرياض النضرة فى فضائل العشرة" أن شمسُ الدين صواب اللمطى كبير خدام قبر الرسول قال: كان لى صاحبٌ يجلس عند الأمير ويخبرنى بما يحدث فى مجلسه، فبينما أنا ذات يوم إذ جاءنى فقال: أمر عظيم حدث اليوم، قلت: وما هو؟ قال: جاء قوم من أهل حلب وأغدقوا على الأمير فى العطاء وسألوه أن يمكنهم من فتح الحجرة وإخراج أبى بكر وعمر رضى الله عنهما منها فأجابهم، ويقول كبير الخدام أن هذا الأمر جعله مهموما محزونا، وسرعان ما جاءنى رسول الأمير يدعونى إليه فأجبته فقال لى: يا صواب: يدق عليك الليلة أقوام المسجد فافتح لهم ومكنهم مما أرادوا ولا تعارضهم ولا تعترض عليهم فقلت له: سمعا وطاعة. ويستطرد "صواب" كبير خدام القبر الشريف قائلا: وخرجت ولم أزل يومى أجمع خلف الحجرة أبكى حتى إذا كان الليل وصلينا العشاء وخرج الناس من المسجد وأغلقنا الأبواب فدق الباب الذى بجانب باب السلام ففتحت الباب فدخل أربعون رجلا أعدُّهم واحداً بعد واحد ومعهم آلات الهدم والحفر وقصدوا الحجرة الشريفة، فوالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم من الآلات ولم يبق لهم أثر، ويشير الكاتب محمد بن إلياس عبدالغنى فى كتابه "تاريخ المسجد النبوى الشريف" أن هذه المحاولة كانت فى منتصف القرن السابع الهجرى أثناء انشغال العباسيين بأمر التتار.
================== منقول بتصرف