ذكر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من سياق أن أخطر ما يواجهنا في الوقت الراهن هو الإرهاب، وأن عودة الأمن بمعنى القضاء على الإرهاب هي المفتاح لدوران عجلة التنمية، كما ذكر أيضا أنه على استعداد للتعاون مع الجميع عدا من تلوثت أيديهم بدماء المصريين، ولعل المقصود بذلك تحديدا أولئك الذين رفعوا السلاح في وجه الدولة.
وتتطلب المواجهة الحتمية لمثل هذا الخطر حشد كافة الجهود المتاحة للتصدي له؛ ولمثل تلك المواجهة قوانينها العلمية‘، حيث تتعدد أساليب وطرق التعامل مع "الأعداء" بما لا حصر له، ولكل أسلوب تكلفته التي ينبغي حسابها جيدا، ولكن يسبق كل ذلك ضرورة الالتزام بقاعدة ذهبية تحكم إدارة الصراعات جميعا، ولا تحتاج الإحاطة بتلك القاعدة تبحرا في علوم السياسة ولا في فنون الاستراتيجية والحرب؛ فهي قاعدة شديدة البساطة إلى حد أنها قد تعد من البديهيات، إنها ضرورة قراءة خريطة المواجهة، وتحديد المحايدين والسعي إلى كسبهم كأصدقاء أو على الأقل تثبيت حيادهم، وتحديد الأصدقاء أو "الحلفاء" والسعي لتقوية أواصر العلاقة بهم، ثم تدريج "الأعداء" ومحاولة تحييد الأقل عداء ولو بصفة مؤقتة، وتركيز كل الجهد في مواجهة "العدو الرئيسي".
بهذه البساطة يمكن الحديث عن قاعدة السعي لكسب الحلفاء في ظل الصراع مع الأعداء.
إن مواجهة الاحتلال مثلا تقتضي إقامة تحالف داخلي للمقاومة وتحالف خارجي للمساندة، وغالبا ما تضم تلك التحالفات أطرافا تتباين أهدافها النهائية ولا يجمعها سوى مواجهة خطر يهددهم جميعا في اللحظة الراهنة، وعادة ما ينفض ذلك التحالف بعد الانتصار على العدو وزوال التهديد، وخلال فترة التحالف هذه لا يطرح أي طرف تناقضاته مع طرف آخر من أطراف التحالف مهما كان حجم تلك التناقضات وجديتها وما سببته من آلام، حيث يكون على الجميع "تأجيل" الحساب إلى أن يتحقق زوال الخطر تماما.
وتقوم الحرب النفسية المعادية في هذا المجال على محاولة تفكيك ذلك التحالف وتذكير أطرافه بتناقضاتهم القديمة، وما كان بينهم من عداء وكيف أنهم في ظل هذا التحالف يضعون أيديهم في أيدي أعدائهم التاريخيين، وأن الأولى بهم تصفية تلك الحسابات أولا. ولكي تكتمل هذه الخطة فكثيرا ما يلجأ قادة تلك الحرب النفسية إلى الترويج لفكرة أن ذلك الخطر إنما هو خطر موهوم جرى تضخيمه لتحقيق مكاسب معينة لأحد الأطراف، وإذا لم تجد تلك الفكرة رواجا راحوا يروجون - والمعركة ما زالت حامية، وما زال النصر بعيدا- لفكرة أن الانتصار قد تحقق بالفعل وأن العدو قد استسلم ولا داعي لاستمرار التحفز، وأنه قد آن الأوان لجني الثمار وتصفية الحسابات الداخلية.
ورغم أنني لا أظن أحدًا يجهل شيئا من ذلك، فإن الأمر الذي يثير قدرًا هائلا من الدهشة ويفتح الباب أمام تفسيرات تآمرية شيطانية هو أن الكثير من مثقفينا الوطنيين ترتفع أصواتهم داعية إلى ضرورة توجيه ضربة قاضية إلى الأعداء جميعًا وضرورة المواجهة الشاملة لكافة الأعداء مرة واحدة، وفي نفس الوقت وباستخدام كافة الأسلحة دون تمييز بين درجات العداء، ومما يزيد الأمر تناقضا ويضفي على تلك الدعوة مزيدا من التساؤلات تأكيد أصحابها على حقيقة أن الوطن الذي يدعونه لمواجهة الجميع قد أثخنته الجراح وأنهكته مؤامرات الأعداء وأعوانهم.
ويزيد من الدهشة أن الكثير من أولئك المثقفين الوطنيين قد شهدوا بعيونهم بل ودفعوا من دمائهم الثمن الباهظ نتيجة فض تحالفات قبل أن تستنفد أغراضها، وكتبوا كثيرا عن نظريات التحالف الاستراتيجي والتكتيكي، وعن ضرورة إخضاع التناقضات الثانوية للتناقض الرئيسي، وكيف أن فعالية "المواجهة الشاملة" للمشكلات تقتضي تدريج تلك المشكلات والبدء بما هو أخطر، ولعل بعضنا ما زال يذكر ذلك الشعار الثوري والصحيح "لا شيء يعلو فوق صوت المعركة".
إن الكثير من منابرنا الإعلامية الوطنية تستثير حماسنا لكي نواجه في وقت واحد إثيوبيا وقطر وإيران والولايات المتحدة وحماس وغيرها من جماعات الجهاد المسلح، بالإضافة إلى بعض الحكومات الأوروبية وقطاعات من الرأي العام الأوروبي والأمريكي، إلى جانب 6 إبريل وفلول الحزب الوطني والسلفيين والشيعة، بل وحتى حزب النور، فضلا عن مواجهة جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها جميعا دون تفرقة بين من يهتف ويتظاهر، ومن يحرض ويخطط ويحرق ويطلق الرصاص ويفجر القنابل، مع إغلاق الباب تماما أمام كل من يحاول من أي منهم مراجعة نفسه خوفا أو اقتناعا أو حتى نفاقا.
وتتطلب المواجهة الحتمية لمثل هذا الخطر حشد كافة الجهود المتاحة للتصدي له؛ ولمثل تلك المواجهة قوانينها العلمية‘، حيث تتعدد أساليب وطرق التعامل مع "الأعداء" بما لا حصر له، ولكل أسلوب تكلفته التي ينبغي حسابها جيدا، ولكن يسبق كل ذلك ضرورة الالتزام بقاعدة ذهبية تحكم إدارة الصراعات جميعا، ولا تحتاج الإحاطة بتلك القاعدة تبحرا في علوم السياسة ولا في فنون الاستراتيجية والحرب؛ فهي قاعدة شديدة البساطة إلى حد أنها قد تعد من البديهيات، إنها ضرورة قراءة خريطة المواجهة، وتحديد المحايدين والسعي إلى كسبهم كأصدقاء أو على الأقل تثبيت حيادهم، وتحديد الأصدقاء أو "الحلفاء" والسعي لتقوية أواصر العلاقة بهم، ثم تدريج "الأعداء" ومحاولة تحييد الأقل عداء ولو بصفة مؤقتة، وتركيز كل الجهد في مواجهة "العدو الرئيسي".
بهذه البساطة يمكن الحديث عن قاعدة السعي لكسب الحلفاء في ظل الصراع مع الأعداء.
إن مواجهة الاحتلال مثلا تقتضي إقامة تحالف داخلي للمقاومة وتحالف خارجي للمساندة، وغالبا ما تضم تلك التحالفات أطرافا تتباين أهدافها النهائية ولا يجمعها سوى مواجهة خطر يهددهم جميعا في اللحظة الراهنة، وعادة ما ينفض ذلك التحالف بعد الانتصار على العدو وزوال التهديد، وخلال فترة التحالف هذه لا يطرح أي طرف تناقضاته مع طرف آخر من أطراف التحالف مهما كان حجم تلك التناقضات وجديتها وما سببته من آلام، حيث يكون على الجميع "تأجيل" الحساب إلى أن يتحقق زوال الخطر تماما.
وتقوم الحرب النفسية المعادية في هذا المجال على محاولة تفكيك ذلك التحالف وتذكير أطرافه بتناقضاتهم القديمة، وما كان بينهم من عداء وكيف أنهم في ظل هذا التحالف يضعون أيديهم في أيدي أعدائهم التاريخيين، وأن الأولى بهم تصفية تلك الحسابات أولا. ولكي تكتمل هذه الخطة فكثيرا ما يلجأ قادة تلك الحرب النفسية إلى الترويج لفكرة أن ذلك الخطر إنما هو خطر موهوم جرى تضخيمه لتحقيق مكاسب معينة لأحد الأطراف، وإذا لم تجد تلك الفكرة رواجا راحوا يروجون - والمعركة ما زالت حامية، وما زال النصر بعيدا- لفكرة أن الانتصار قد تحقق بالفعل وأن العدو قد استسلم ولا داعي لاستمرار التحفز، وأنه قد آن الأوان لجني الثمار وتصفية الحسابات الداخلية.
ورغم أنني لا أظن أحدًا يجهل شيئا من ذلك، فإن الأمر الذي يثير قدرًا هائلا من الدهشة ويفتح الباب أمام تفسيرات تآمرية شيطانية هو أن الكثير من مثقفينا الوطنيين ترتفع أصواتهم داعية إلى ضرورة توجيه ضربة قاضية إلى الأعداء جميعًا وضرورة المواجهة الشاملة لكافة الأعداء مرة واحدة، وفي نفس الوقت وباستخدام كافة الأسلحة دون تمييز بين درجات العداء، ومما يزيد الأمر تناقضا ويضفي على تلك الدعوة مزيدا من التساؤلات تأكيد أصحابها على حقيقة أن الوطن الذي يدعونه لمواجهة الجميع قد أثخنته الجراح وأنهكته مؤامرات الأعداء وأعوانهم.
ويزيد من الدهشة أن الكثير من أولئك المثقفين الوطنيين قد شهدوا بعيونهم بل ودفعوا من دمائهم الثمن الباهظ نتيجة فض تحالفات قبل أن تستنفد أغراضها، وكتبوا كثيرا عن نظريات التحالف الاستراتيجي والتكتيكي، وعن ضرورة إخضاع التناقضات الثانوية للتناقض الرئيسي، وكيف أن فعالية "المواجهة الشاملة" للمشكلات تقتضي تدريج تلك المشكلات والبدء بما هو أخطر، ولعل بعضنا ما زال يذكر ذلك الشعار الثوري والصحيح "لا شيء يعلو فوق صوت المعركة".
إن الكثير من منابرنا الإعلامية الوطنية تستثير حماسنا لكي نواجه في وقت واحد إثيوبيا وقطر وإيران والولايات المتحدة وحماس وغيرها من جماعات الجهاد المسلح، بالإضافة إلى بعض الحكومات الأوروبية وقطاعات من الرأي العام الأوروبي والأمريكي، إلى جانب 6 إبريل وفلول الحزب الوطني والسلفيين والشيعة، بل وحتى حزب النور، فضلا عن مواجهة جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها جميعا دون تفرقة بين من يهتف ويتظاهر، ومن يحرض ويخطط ويحرق ويطلق الرصاص ويفجر القنابل، مع إغلاق الباب تماما أمام كل من يحاول من أي منهم مراجعة نفسه خوفا أو اقتناعا أو حتى نفاقا.