الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ما قبل الفرافرة.. وما بعدها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن الجريمة التي شهدتها واحة الفرافرة منفصلة عن سياق عام ندور في تفاصيله منذ حرص التيار المتأسلم على خلط الدين بالسياسة، فهذه الجريمة ليست الأولى من نوعها وإذا استمر الصمت المتواطئ على جرائم ذلك التيار لن تكون الأخيرة، بل يزيد من خطورة الموقف وجود مصر الآن ممددة على طاولة التآمر الدولي لينال منها كل خصم نصيبه.
فما الذي حدث لمصر؟ وكيف وصل بها الحال ليلعب بمصيرها حفنة من الصبية الجهلاء، الذين لم يتعلموا في حياتهم سوى لغة الدم والدولار؟ متسترين خلف لحية وجلباب قصير، ومتاجرين بأعز ما يملكه المصريون وهو دينهم الذي يقدسونه، وعاشوا عليه أعمارهم.
هذا السؤال العبثي يقودنا إلى ساسة متهمين اعتقدوا أنهم بذكائهم المشكوك فيه قادرون على اللعب مع الثعابين السامة، هؤلاء الساسة دون أن نشير إلى أسمائهم خانوا مستقبل وطنهم عندما جلسوا للتفاوض سراً وعلنا مع تلك التيارات الفاشية، عقدوا معهم الصفقات وفق منطق "شيّلني وأشيّلك"؛ للمتأسلمين المال وحرية الحركة وبعض من سلطة وللساسة الفساد والاستبداد والسلطة المطلقة.
وهنا نتذكر معا أن الشعب المصري ثار يوماً ما تضامناً مع مصطفى النحاس قائلاً: "الشعب مع النحاس" ليبرز كبيرهم الذي علمهم السحر حسن البنا وسط أتباعه قائلاً: "الله مع الملك"، هذا المثل البسيط لم يكن الأول من نوعه ولن يكون الأخير وما بينهما عشرات المواقف المتشابهة وصولاً لأنور السادات الذي رعاهم انتقاماً من الصوت الاشتراكي وانتهى به الأمر مقتولاً على أياديهم.
هذه الألعاب الممجوجة والمكشوفة تفاقمت حتى جاء موعدهم لقطف الثمرة الكاملة وتدمير سبعة آلاف عام من الحضارة، وكان الصدام مدوياً ومازالت آثاره في الفرافرة وسيناء والقاهرة والمنيا وفي كل شبر تطاله أياديهم القذرة، نعم الشعب هو الحارس البطل، ولكن الفاتورة مكلفة وباهظة الثمن، الفاتورة هي دماء أبرياء مسلمين ومسيحيين، الفاتورة هي مستقبل مهدد مشوه ليكون ملعبا لكل الحماقات المتوقعة وغير المتوقعة.
فهل فهم النظام الحاكم بمصر الدرس؟ للأسف أقول لا.. ليس من باب تصدير الإحباط ولكنني لم ألمح بعد مرور عام على ثورة 30 يونيه المجيدة أي تغيير في مناهج التعليم ولم أرصد تغييرا على خارطة الإعلام القادم من ماسبيرو، ولم أجد حرباً حقيقية ضد الفساد المالي ومحاصرة أصحاب الكروش المطاطية، لم يسعدني الحظ برؤية خطة ثقافية تنويرية تنطلق من خرابات قصور الثقافة، لم أصدق تصريحات المسئولين عن العدالة الاجتماعية.
لم يستمتع الشعب المصري بالشفافية المطلوبة من الدولة لتضعه في الصورة حول هذه الحرب الضروس ضد الإرهاب، كل ما نراه ونتابعه هي مجموعة من الأسرار يتبعها مجموعة من الأخبار الحامضة، ليبقى الشعب مفعولاً به، وتبقى السلطة هي صاحبة القرار في رجوع ريما لعادتها القديمة في التحالف مع الإرهاب من عدمه.
كتبت في مقال سابق بكل وضوح مطالباً بثمن التضحيات التي قدمها الشعب المصري من أجل استقرار النظام الحالي، نعم أكررها دون خجل نريد ثمن تلك التضحيات التي قدمها الشعب بدمائه ومازال يقدم الكثير على الحدود وفي كل زاوية من زوايا الوطن، والثمن معروف للجميع وهو أمان وكرامة وعدالة وحضارة وشفافية وحساب وعقاب وكوب ماء نظيف.
هل هذا كثير على شعب مصر الذي علم الدنيا والذي كان ذات يوم فجر الضمير، لن نسكت ولن نصمت ولن ننتظر الكثير، فالفرص الممنوحة الآن سيكون وقتها أقل مما يتخيل المراهنون على عودة ألعابهم القذرة بالتحالف والتصالح وإهدار الدم والرجوع لزمن التناقض.
شهداء الوادي الجديد، ناموا مطمئنين فهو بالفعل واد جديد سيسترد لكم حقوقكم كاملة حتى ترضوا عنا، وحتى يطمئن المستقبل من غدر الساسة أصحاب مدرسة "الرقص على السلم".