تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كتب الأديب الانجليزى العالمى الشهير شارلز ديكينز رائعته المعروفة "قصة مدينتين" إبان الثورة الفرنسية عن باريس ولندن، وكيف أن هناك مدينة تغلى بالثورة والأخرى تنعم بالهدوء، الأولى طاردة لأهلها والثانية تستقبل النازحين.
والقارئ لهذه الرواية الرائعة سيجد تشابها كبيرا مع ما يحدث الآن بين تل أبيب وغزة، فالأولى تقذف بصواريخ جرى نزع رؤوسها شديدة الانفجار (وإلا ماسمحت إسرائيل بنفاذها من سوريا إلى حماس) والثانية تدك بجميع أنواع الأسلحة، بل إن شئت أن تقول تدمر عن سابق قصد، ولأننا أصبحنا بعد ثورتين نفكر فى السياسة فهناك عدة أسئلة محيرة الإجابة عليها تستلزم متخصصين فى الشئون العسكرية والسياسية والديموغرافية، ولا يستطيع الانسان العادى "مثلى" أن يجد لها إجابة، فقد اعتادت حماس أن تخطف الجنود الإسرائليين وتبقيهم أحياء للتفاوض عليهم وإخراج مسجونين المقاومة من غياهب السجون الإسرائيلية، فلماذا أولا خطف مدنيين؟، ولماذا تم قتلهم ولأى غرض؟، وكيف أن من بجانبه القوة العسكرية (إسرائيل) توافق على المبادرة المصرية وغزة والتى لا تملك إلا صواريخ لا تضر إسرائيل فى شيء بل وتحت القذف ليلا نهارا لا توافق على هذه المبادرة؟.
والحجة التى تساق لرفض هذه المبادرة، أنها لا تحقق مطالب الشعب الفلسطينى (ياسلام!!) وكيف أن العالم كله وافق على المبادرة المصرية بما فيهم الرئيس الامريكى وتم رفضها من الثلاثى تركيا - ايران - قطر؟!، وقال لى قائل والعهد على الراوى غان المساعدات المالية من السعودية وباقى الدول العربية تذهب إلى جيوب القادة الذين يقضون أوقاتهم على شواطئ تركيا بمصاحبة عائلاتهم، وكيف احسنت مصر بمد يد المساعدة الطبية والغذائية حتى تصل الى الشعب المسكين والمصابين والجرحى ومن مازالوا بين الأنقاض.
وإذا طرحنا هذه الاسئلة جانبا حتى تقرر هذه الثلاث دول الرافضة للمبادرة والتى لم أقرأها ولكنى تابعت، كما تابع كل الشعب المصرى مايحدث فى غزة وشذرات من المبادرة المصرية وهى وقف العمليات العسكرية فورا من الجانبين (والمستفيد هو الشعب الفلسطينى المسكين) والشروع فى المفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية (ما الذى لا يعبر عن طموحات الشعب الفلسطينى فى هذه المبادرة التى اكدت على حقه فى إقامة دولته وفى عاصمتها وهى القدس الشرقية قبل أن يتم تهويدها بالكامل).
وهذه التساؤلات إذا كتبت فى رواية لكانت من روايات الخيال العلمى، فما كتبه شارلز ديكينز، ليس بالتعقيد الذى نواجهه هذه الأيام فى أن الدولة المعتدية، والتى تسعى إلى تقويض البنية التحتية لشعب فلسطين فى غزة بحجة أنها منصات لاطلاق الصواريخ، والتى أعلنت أنها ستصعد من عملياتها العسكرية الغاشمة تقبل المبادرة والدولة المعتدى عليها، والتى يجرى تسويتها بالأرض وقتل شعبها ترفض المبادرة؟.
والتساؤل الأكبر حدث ماحدث فى العراق وسوريا وليبيا واليمن، ولم يجتمع وزراء الخارجية العرب فى جامعة الدول العربية، ولكن ما إن قال قائل (فلسطين) حتى اجتمع وزراء الخارجية للتشاور فيما بينهم ولإخراج بيانات الشجب والإدانة والرفض (والمترادفات كثيرة والمعنى واحد).
فإلى متى ستظل فلسطين عقدة الشعب العربى وليس معركته الكبرى؟، فإن بعضا من أهل (حماس) لا يريدون حل القضية وهذا ماكشفته المبادرة المصرية، بل أستطيع وأنا أؤمن بنظرية المؤامرات إيمانا تاما بأن قتل المدنيين كان لتوريط مصر إذ يعلم كل قادة حماس رد فعل إسرائيل على قتل ثلاثة من مواطنيها، وإلى متى سنؤمن أن العدو فى الخارج، وإذا كان الله قد أمرنا بقطع يد السارق فالأولى أن نقطع الأيدى التى تعبث بأمن الوطن إستجابة للمؤامرات الخارجية سواء بالإغراء المادى أو المناصب أو أى شيء آخر قد يكون خافيا علينا.
تحية لضبط النفس المصرى وتحية أكثر لكل من يساهم فى تخفيف هذه الأزمة على الشعب الفلسطينى الذى عليه أن يحاسب من خطفوا المدنيين وقتلوهم، لأنهم إمتداد للمؤامرة العالمية.
ولنتذكر جميعا أن العدو بالداخل.