لست كرويا.. وانقطعت علاقاتى بالكرة بعد أن تنازعتنى هواية القراءة وتشكيل تنظيمات سرية سياسية ذات طابع يسارى فى مدرسة بورفؤاد الإعدادية المشتركة، كنت ميالا لفريق الترسانة ومشجعا له أيام مجده، ومحبا لنجومه الكبار حسن الشاذلى، مصطفى رياض.. إبراهيم الخليل.. فتحي بيومي، محمود حسن، وأحمد بهاء، ولا أعرف تماما لماذا اخترت تشجيع فريق الشواكيش، ربما لأنه كان يمثل عمال الترسانة البحرية، وأنا أبدأ خطواتى الأولى فى تكوينى الاشتراكى، هكذا بدا الأمر لى انحيازا طبقيا وسياسيا.. ولا يعقل وأنا ابن هذا الفكر أن أكون أهلاويا أو زملكاويا، هذا رغم أغنية الشحرورة (صباح) التى كانت تذاع ليل نهار، وصدعتنا بها، (بين الأهلى والزمالك محتارة والله.. الاتنين حلوين.. الاتنين طعمين.. محتارة أشيل مين ولا أشيل مين، جوة عيونى)، ومع ذلك ظللت أميل أكثر للزمالك وكنت أحب نجومه مثل ثعلب الكرة المصرية كابتن حمادة إمام، وعمر النور، وعلى محسن، وطه بصرى، ثم جيل فاروق جعفر، وحسن شحاتة ، وعلى خليل، ومحمود الخواجة وكان لنجوم الأهلى الكبار مكانة خاصة فى قلبى، صالح سليم، الفناجيلى، ميمى الشربينى، وللجيل الثانى أيضاً، الخطيب، مصطفى عبده، طاهر الشيخ، مصطفى يونس، وبالطبع كنت أميل لأننى ابن بورسعيد لفريق المصرى البورسعيدى، ونوادى بورفؤاد، والمريخ، والقناة، ثم لفرق الإسماعيلى، والاتحاد السكندرى والأوليمبى، "أتمنى أن يذكرنى أخى عادل، وهو لاعب كرة موهوب بذكريات اللعب فى حدائق بورفؤاد وشوارعها وعلى شواطئ بورسعيد ورأس البر مع محمد شاهين، والسنجق، ومسعد نور، ومدحت فقوسة، وأسامة خليل، وسمير التفاهنى، والسقا، ومحمود غريب".
بعد ذلك وقعت أسيرا للسياسة وتراجعت اهتماماتى الرياضية ولم يعد يشغلنى إلا علاقة الرياضة بالسياسة واستخدامها فى الحياة الحزبية، ومدى ارتباط تقدم الدول بتقدمها الرياضى، بل استخدام المسابقات العالمية فى الصراع والحرب الباردة والضغط السياسى على بعض الدول، وتحول الأمر عندى إلى تشجيع "اللعبة الحلوة"، لمباريات المنتخب القومى بدافع وطنى مصرى وعربى ومسابقات كأس العالم فى أوقات الفراغ، إذا وجدت، وكان أفضل وقت بالنسبة لى لموعد غرام هو مباراة تتأجل فيها حياة المصريين ويصبح الشارع ملكا لى أنا وحبيبتى.. بعيدا عن عيون العوازل، تماماً كما كنت أفعل وقت انطلاق مدفع الإفطار "أيام شقاوة ثانوى والجامعة".
لم أكتب فى الرياضة طوال عمرى.. وعندما تركت مجلتى "المصور" عشقى الأول والتى صنعت اسمى وانتقلت رئيساً لتحرير مجلة "الهلال" ومطبوعاتها، وهى من أعز فترات عمرى الصحفى، أصدرت عددا عن الكرة والسياسة، لأول مرة فى تاريخ مجلة فكرية وثقافية، وبعدها وأثناء رئاستى تحرير مجلة "أكتوبر" أصدرت عددا أثار جدلا كبيرا عن مباراة مصر والجزائر بغلاف يهنئ فريق الجزائر بفوزه، وحذرت من الغوغاء الذين أفسدوا علاقات الشعبين والبلدين بسبب مباراة، وكان المقال بعنوان "فى إصلاح ما أفسدته الكرة" وصدق موقفى، وتحققت رؤيتى، "وهذه قصة كبيرة ليس مكانها هنا".
الآن.. أرصد ما يفعله جمهور الكرة، واستغلال السياسيين تجمعات الشباب وجريمة عصابة الإخوان فى استاد بورسعيد، واستخدام شباب الألتراس أداة لتنفيذ جرائم جماعة بعينها.. ويومها قلت لأحد أصدقائى وهو الدكتور عوض الشبة.. أثناء مناقشتنا الطويلة.. أخشى أن تتحول السياسة فى مصر إلى لعبة كرة تستخدم فيها طريقة 4/2/4 وفى النهاية نستعين بحكم أجنبى!.
ليس لى موقف مضاد وحاد من كرة القدم ولا من الرياضة بشكل عام.. بالعكس الرياضة كالفن تسمو بالروح والجسد وتدفع للتقدم وهى أحد أسلحتنا ضد التخلف والأفكار الغبية، التى تحارب مشاركة المرأة فى كل الألعاب الرياضية، ولكن أن تتحول الرياضة إلى وسيلة للبلطجة والاستخدام السياسى فهذا مرفوض.
أكتب هذا السطور وأنا أشاهد فوز نادى الزمالك بكأس مصر، وفرحت لفرحة جمهوره وخروج الزمالك من محنته، وتمنيت الفرح لكل مصر.. والنصر لشعبها ورد اعتبار كل مظلوم وخصوصًا النادى المصرى وأهلى فى بورسعيد وتعويض أبناء شهداء النادى الأهلى وشهداء النادى المصرى أيضاً، وأحلم بتفوق مصرى عالمى فى كل الألعاب، يرفع فيه لاعبو مصر رجال وسيدات وآنسات علم بلادنا فى كل عواصم العالم.
نحن شعب يستحق الفرح والانتصار ونستحق مجتمعا عادلا، متقدما، يساوى بين أبنائه وليس ذلك بعيدا عنا ونستطيع تحقيقه فى كل المجالات.
مبروك للزمالك.. لأنه فريق مصرى وأتمنى أن أقولها لأى فريق مصرى آخر، يدخل البهجة على قلوب الجميع.