تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
ها هو الدكتور محمد مرسي يجلس وحيدًا، وقد انفض عنه حلفاؤه ومؤيدوه وتابعوه. يستعيد شريطًا سينمائيًا تمتد فترة عرضه لعام كامل، بدايته مع القسم الذي حنث به أمام المحكمة الدستورية العليا، ولقطته الثانية وسط أهله وعشيرته في ميدان التحرير، يفتح صدره مباهيًا بأنه لا يرتدي القميص الواقي!.
تتوالى اللقطات بعدها في سرعة البرق، ويغمض مرسي عينيه في قاعة العرش الخاوية، مفكرًا في شهداء رفح، وضحايا قصر الاتحادية، والإعلان اللادستوري الذي يكرس للاستبداد والتسلط، ووزارة هشام قنديل الفاشلة، والجمعية التأسيسية التي أنتجت دستورًا هزيلاً طبخ بليل، وأخونة الدولة في هستيريا الجائعين، والزيارات الخارجية الفاشلة التي لا محصول لها، وأزمات الوقود والنظافة والمرور والتعليم والأسعار، والانفلات الأمني، وإهانة القضاء، واستعداء كل القوى السياسية، حتى المسالم منها.
يستعيد مرسي شريط العام، ويعود بظهره إلى الوراء مفكرًا في حلفائه واعوانه: حفنة من بقايا الإرهابيين المتقاعدين، ومشايخ الفضائيات الذين لا علم لهم إلا بذاءة اللسان، والسياسي الأراجوز الذي يتوهم في نفسه- وهو الجاهل المزور- براعة المخبر الاستراتيجي، وحزب الرقص الذي يلعب دور الفتوة الشتام، وحفنة من الانتهازيين التافهين الذين يطبلون ويزمرون لكل وأي حاكم، ثم ينقلبون عليه عندما تلوح بوادر غرق السفينة.
مثل حمدي غيث، الملك ريتشارد في فيلم “,”الناصر صلاح الدين“,”، يجلس مهندس الفلزات محمد مرسي يضرب كف بكف، ويتساءل عن النهاية التعيسة التي لا مهرب منها. يفكر في القليل الذي تبقى له، ويرفض التأمل في مشهد الملايين من أبناء الشعب الذين يهتفون ضده في الميادين.
ينتهي فيلم “,”الناصر صلاح الدين“,” بجنون الدوق آرثر، والعلامة الأبرز في جنونه هي إصراره على الوصول إلى عرش أورشليم، وبعد ساعات ينتهي فيلم محمد مرسي بجنون مماثل، فهو على يقين من أنه الرئيس الشرعي المنتخب، وأنه يتهيأ للحوار مع القوى السياسية وإقناعهم بأنه أمير المؤمنين!.
المؤسف بحق أن الرئيس الأمريكي “,”المنتخب“,” أوباما، هو من يعلم الرئيس المصري “,”المتهم“,” بأن الديمقراطية ليست صندوق الانتخابات ولكنها إرادة الشعب، فمتى يفهم مرسي؟!