قال الرئيس في كلمته الأخيرة إنه حدث فتور بين الدولة والأقباط نتيجة لما فعله النظام السابق، وأنا كمصري (قبطي) مسيحي الديانة، لا أنسى ما فعله النظام السابق، وحبيب العادلي، ولكني أيضًا لا أنسى الهجوم على الكاتدرائية بالمولوتوف والرصاص الحي وقنابل الغاز، الذي لم يحدث منذ دخول عمرو بن العاص إلى مصر، وترحيب المصريين (الأقباط) بدخول العرب لتخليصهم من جبروت النظام الروماني، وكيف دخل معظم الأقباط في دين الإسلام طواعية.
وكيف أنسى أن الأشمونيين حاربوا عمرو بن العاص، ووقفت الكنيسة ضد هذه المعركة التي كاد أن يهزم فيها عمرو بن العاص، وقالت قولتها: إن هؤلاء أصحاب دين سماوي أقرب ما يكون إلى ديننا، وذكروا واقعة هجرة المسلمين الأوائل في عصر النبي عليه الصلاة والسلام إلى الحبشة المسيحية الأرثوذكسية، ومطالبة عمرو بن العاص -الذي كان على دين الجاهلية في هذا الوقت- للنجاشي بتسليم المهاجرين من المسلمين، وكيف أن النجاشي بشهادة النبي، صلى الله عليه وسلم، لا يظلم عنده أحد، قال: فليأت المسلمون لشرح دينهم، ولما سمع تلاوة من الذكر الحكيم، وبالتحديد سورة مريم، قال: والله الذي نعبده ليس بيننا وبين هذا الدين إلا شعرة، وألصق أصبعيه السبابة والوسطى؛ للتدليل على أخوة الدينين ومصدرهما الواحد، وهو الله الواحد الأحد الذي نعبده جميعًا.
وكيف أطمئن يا سيادة الرئيس على حياتي وحياة أولادي وأحفادي بعد مذبحة الشيعة، التي روعت العالم أجمع، وأساءت إلى مصر، وإلى الإسلام، وإلى السنة، وقبلها فتاوى محبيك ومريديك في حضورك، وكلمات السحق واستدعاء خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي في العراق: “,”إني أرى رءوسًا أينعت وحان قطافها“,”، وتكملتها لا تصلح لزماننا هذا؛ لأنها: “,”وإني لأرى الدماء تترقرق بين العمائم“,”، وهي لا تناسب المحتجين على سياساتك والرافضين لركوع مصر أمام أمريكا وإسرائيل والبنك الدولي.
حضورك سيدي الرئيس كان بمثابة خاتم النسر على ورقة لا تحتوي إلا على العنف والكره والرغبة في الانتقام، ناسيًا الآية الكريمة (والكاظمين الغيظَ والعافين عن الناسِ، واللهُ يحبُّ المحسنين)، انتقم ممن أردت فرادى أو جماعة، ولكن حذرًا من الاقتراب من القتل على الهوية الدينية وتكفير الآخر بالمظاهر؛ لأن هذا سيأتي على الأخضر واليابس في مصر، والآن الشيعة، ثم الأقباط، ثم البهائيون، ثم الصوفيون، ثم تدمير الأضرحة وجوامع المخالفين، وتغطية التماثيل، وهدم الأهرام، وتحريم الغناء والباليه والمسرح والسينما والشعر والأدب، ثم كتب التفسير المخالفة، ثم الأزهر؛ لوطنيته واعتداله المنصوص عليهما في القرآن والسنة النبوية المشرفة.
يا فخامة الرئيس.. احكم بما قاله الرسول الكريم: “,”أنتم أعلم بشئون دنياكم“,”؛ فصلاتك وصيامك وزكاتك وحجك وشهادتك لنفسك، ولكن حقنا عليك أن تحكم أولاً كرئيس لكل المصريين، وأن تشعر بوطء جريمة قتل الشيعة عليك كموظف عمومي وكراعٍ للإسلام وللسنة، روع العالم بوجوده في مؤتمر “,”الحقد الدولي“,”، وأيضًا وأنت تقول إن الأمن تحسن بنسبة 70% في المائة يوم الأولى، ثم يأتي الهجوم على الأزهر ثم على الكنيسة؛ لأن المسيحيين دافعوا عن الأزهر، ثم قتل الشيعة، ولا أظن أن كل هذا يصب في الـ30% الباقية، بل إن هذه الجرائم وكثير غيرها يصب في خانة الـ90% “,”لا أمن“,”، والـ10% أمن حققه الناس لأنفسهم ولجيرانهم..
واعلم سيادتك أني سأشارك يوم 30 يونيو، وسأحمي أخي المسلم بصدري، كما أتوقع أن يحميني، فهذه بلدنا مصر، شاء من شاء، وأحب من يحب، أما المهددون والحاقدون والذين يعطون لأنفسهم الحق في التفتيش في ضمائر الناس فلا مكان لهم بيننا.