تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
ابتُليت الأمة الإسلامية من بعد عصر النبوة والخليفين أبوبكر «رضي الله عنه» وعمر بن الخطاب «رضي الله عنه» بظهور الفرق الضالة التي أخذت تنخر في جسد الأمة الإسلامية المتمثلة في الدولة القوية حتى مزقتها إلى دويلات يُذيق بعضها بأس بعض وأخذت تنخر في عقيدتها حتى مزقتها فرقًا وطوائف يستحل بعضها دماء بعض، وإن هذا مصداقًا لحديث ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن عمر بن الخطاب باب يسد الفتن عن أمتي، فإذا مات عمر انكسر الباب.
وهكذا صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فبعد عمر بن الخطاب تولى الخلافة من بعده عثمان بن عفان «رضي الله عنه» وقد قتل عثمان في فتنة أعقبتها فتن كقطع الليل المظلمة قتلة موتورون ضالون وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وبعده الخليفة علي بن أبي طالب «رضي الله عنه» قتله ابن ملجم، لعنة الله عليه، وهو يظن أنه أحسن عملاً، هذا الملعون قتل أتقى أهل زمانه آنذاك وهو يظن أنه قتل رجلاً كافرًا.
هذه هي خطورة هؤلاء المجرمين الذين وصفهم النبي «صلى الله عليه وسلم»، بأنهم «كلاب جهنم». يستبيحون دماء المسلمين بمجرد مخالفتهم ويأتون بالتأويلات التي تزيدهم ضلالاً على ضلالهم.
وفي وصف آخر لهم يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : “,”يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية“,”. بل إن الملعون ابن ملجم يختار معه رجلا يقال له شبيب بن بجرة ليعاونه على قتل على، رضي الله عنه، فيقول له: يا شبيب هل لك في خير الدينا والآخرة؟ فقال شبيب: ما ذلك؟
فقال له ابن ملجم، لعنه الله: قتل علي.
هكذا أصحاب هذه الأفكار الضالة المنحرفة تنظر إلى أتقى أهل الأرض بأنه كافر وفي قتله شرف الدنيا والآخرة.
والذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع ازدياد فتاوى التكفير للمسلمين لمجرد مخالفتهم، وتخرج من أقوام أقحموا أنفسهم في أمور الدين وهم ليسوا بأهله، بل هم فرقة من الفرق الضالة التي أغواها الشيطان وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
ففي أقوال الجنود الذين قتلوا في شهر رمضان في النقطة الحدودية مع إسرائيل «كرم أبوسالم»، قالوا سمعنا أناسًا يدخلون علينا أثناء إفطار رمضان، فظننا أنهم يحتاجون أشياء للإفطار ففوجئنا بهم يفتحون علينا النيران وهم يصيحون «الله أكبر يا كفرة» «الله أكبر يا كفرة يا أولاد الكلب» وقد صدق رسول الله «صلى الله عليه وسلم» حينما قال في وصفهم يَدَعون أهل الأوثان ويقتلون أهل الإسلام.
أي أنهم يتركون من هو أولى بالقتل ويذهبون إلى قتل المسلمين ضلالاً في ضلال، والذي تعجب منه أنهم يقولون بأنهم يستعدون لقتال إسرائيل، ثم ترى أفعالهم، هل قتل ستة عشر جنديا مصريا أثناء إفطار رمضان يضر بإسرائيل؟ هل خطف ثلاثة ضباط وأمين شرطة مصريين وقتلهم وعدم تسليم الجثث أو الإرشاد عنها يضر بإسرائيل؟ هل خطف سبعة جنود مصريين وتصويرهم في فيلم مهين فيه إذلال للجيش المصري يضر بإسرائيل؟ هل اقتحام أقسام الشرطة وضرب مواقع الشرطة والجيش في سيناء يضر بإسرائيل؟
إن كل هذه الأعمال تصب مباشرة في صالح إسرائيل التي تتطلع للعودة لاحتلال سيناء وترحيل الفلسطينيين إليها لتنهي بذلك القضية الفلسطينية وتنشغل مصر بدلاً من التنمية التي هي في أشد الحاجة إليها، تنشغل بمعركة تحرير الأرض.
إن كل ذلك يضر بمصر وبالمصريين ويصب مباشرة في صالح الإسرائيليين، ربما من يقوم بهذه العمليات جاهل أو ساذج يظن أنه يجاهد في سبيل الله، والحقيقة أنه يجاهد في سبيل هواه، لأن مقصود الجهاد هو الانتصار للمسلمين وليس قتلهم وتوهينهم، أما قيادات هذه المجموعات فهي تعلم تماماً الدور القذر الذي تقوم به ألا وهي الحرب بالوكالة أي حرب الجيش المصري بالوكالة عن إسرائيل التي ترى أن توكيل الوكلاء أرخص لها من الدخول في حرب مباشرة.
ومن خلال هذه الفرق يكفّرون عوام المصريين بحجة أنهم يذهبون إلى صناديق الانتخابات لانتخاب رئيس كافر لا يحكم بما أنزل الله سواء كان من الإخوان أو غير الإخوان.
وعندما نرد على هذه الشبهة، فنحن لا نقصد بها أن يرجع هؤلاء عن غيهم وضلالهم، فمن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، ولكننا نريد أن نبصِّر الذين يذهبون إلى الانتخابات إلى الحكم الشرعي، فعندما نذهب إلى صندوق الانتخابات فنحن نكون بين خيارين اثنين، رجل يتصف بالرحمة والحكمة والعدل، ورجل يتصف بالظلم والجور وعدم الحكمة، والاثنان لا علاقة لهما بشرع الله أي أن الاثنين لا يحكمان بكتاب الله.
ففي مثل هذه الحالة يجب على المسلمين أن يختاروا أهون الشرين، وعليهم أن يختاروا الذي على يديه ينصلح أمر العباد والأقرب منهم إلى الحق، فهذا ما يجب على المسلم فعله، وعليه ألا يقف في صف ظالم جائر أحمق، فمن أجل ذلك نذهب إلى صندوق الانتخابات وليس في ذلك كفر ولا معصية، لأن تداول السلطة من الأمور الإدارية التي يتركها الإسلام لاجتهادات الناس، ولكنه يضع لها الخطوط العامة، وهي التي ذكرناها الأقرب إلى الحق والأمور الإدارية أغلبها متروك لاجتهادات الناس، وذلك لاختلاف الأزمان والعادات والتقاليد كقانون المرور والطيران وإدارة المؤسسات وهكذا كلها تدخل في اجتهادات البشر، ومنها طريق تداول السلطة وصندوق الانتخابات، وهي خلاف سن التشريعات، لأن سن التشريعات أمر آخر سوف نفرد له موضوعًا.
ولكي نقرّب هذه المسألة إلى ذهن القارئ، فمثلاً يوجد مسلمون في أمريكا وفي فترة انتخابات الرئاسة الأمريكية يتقدم مرشحان، واحد عن الحزب الجمهوري، والآخر عن الحزب الديمقراطي، فمثلاً مرشح الحزب الجمهوري ذكر في برنامجه دعم إسرائيل والحفاظ على تفوقها العسكري والاقتصادي ورفض أي قرار يصدر لإدانة إسرائيل، وطرد المهاجرين العرب أو التقليل من وضعهم في المجتمع الأمريكي.
بينما مرشح الحزب الديمقراطي ذكر في برنامجه أن المهاجرين العرب لهم نفس حقوق الأمريكان، وأنه يؤيد حقهم في المساواة، وأنه سوف يعمل على إيجاد حل عادل للمشكلة الفلسطينية.
فهنا يجب على المسلمين ترشيح مرشح الحزب الديمقراطي لدفع شر مرشح الحزب الجمهوري، فأي كفر ارتكبه المسلم بذلك؟
هكذا الجهل يعمي صاحبه عن رؤية الحق وفعل الواجب، وكما قلنا «ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور».
ومن البلاءات التي ابتلانا الله بها «جمعة التكفير والتحريض على القتل» والتي سموها «نصرة الشرعية».
ولعلنا جميعاً شاهدنا وسمعنا صرخات التهديد التي انطلقت من أفواه مؤيدي الرئيس بين قائل سوف يسحقون، وآخر يقول «إني أرى رؤوسا أينعت وحان قطافها» وشيخ متهتك يدعو على الخارجين في 30 يونيو دعاءً لم نسمعه يدعوه على بني إسرائيل أو حكام بورما التي يحقر فيها المسلمون أحياءً، ولكنني سوف أقف عند كلام «وجدي غنيم»: إن من سينزل في 30 يونيو هم الصليبيون الذين خرجوا من الكنائس والأديرة بالأسلحة، وهناك من يقول إن الإسلام سينتهي في هذا اليوم، فهم كفرة بنص القرآن، لذلك ستكون حرباً صليبية.. وقال «إن من سينزل مع الصليبين والعلمانيين والليبراليين يوم 30 يونيو كفرة، لأنهم يكرهون الشرع ويكرهون الدين الإسلامي.. ولو قتلوا سيذهبون إلى النار“,”.
ومثل هذا الكلام الغث الذي يدل على جهل تام بأحكام الشريعة ويدل على اللغة الحقيرة التي اختارها مؤيدو مرسي لخطاب غيرهم، لغة التهديد والتكفير التي تخالف شريعة الله القائلة للنبي (صلى الله عليه وسلم): «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك». آل عمران.
ولأنهم مخالفون لهدي النبي (صلى الله عليه وسلم) وينتهجون نهج الخوارج أهل الضلال والغي، فليس أمامهم إلا هذه اللغة التي تزيد الرئيس المعزول عن شعبه عزلة فوق عزلته وإنني أقول لهؤلاء الجهلة علماء السوء وأصحاب الأهواء الضالة المنحرفين عن صواب الفقه الإسلامي وعن الإخلاص لله: ماذا تقولون في الحسين بن علي، رضي الله عنهما، عندما خرج بأهله على ظلم بني أمية؟ وإن نعال بني أمية أفضل من ملء الأرض من أمثالكم، فهم أهل الجهاد والفتوحات العظيمة، أما أنتم فلم نر منكم على مدار أكثر من ثلاثين عاماً سوى فتوى جمع التبرعات وتعدد الزوجات وأقربها التبرع لاستغناء مصر عن المعونة الأمريكية، أين ذهبت هذه الأموال وغيرها على مدار 30 سنة؟ لم نسمع أن عالماً واحداً منكم ذهب للجهاد في شبابه إلى أي جهة فيها جهاد شرعي، ماذا تقولون في الحسين بن علي يا علماء السوء ويا فقهاء كل سلطان؟
وهل الرئيس محمد مرسي يطبق الآن شرع الله، أين شرع الله يا أئمة (الهيئة الشرعية)؟
إننا لا ننتظر إجابة منكم، فقد أجابنا النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن الحسين بن علي، رضي الله عنهما، هو سيد شباب أهل الجنة، صدق النبي (صلى الله عليه وسلم) وكذبتم أنتم الذين تكفرون الذين يخرجون للمطالبة بـ“,”عيش – حريه – كرامة – عدالة اجتماعية“,”.
«ألا لعنة الله على الظالمين» آمين..