الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بدل السكوت.. هتك عرض مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أى سرداب يفتح ظلمته لنا، وأى سحائب تخلف تُمطر فوق رؤوسنا! هُنا القاهرة التى كانت عاصمة للتحضر، ووطناً للجمال والتسامح، وحُضناً للذوق، ما بالها استحالت أرضا للفوضى، وبئرا للبداوة !
ما جرى فى التحرير قبل أيام يضعنا ــ كرجال قبل النساء ــ فى موضع حرج أمام ضمائرنا وأمام شرفنا وأمام كرامتنا.. نحن المُنتهكون هناك، لا السيدة التى ظهرت صورها وتداولها الإنترنتيون فى إثارة وسخف.. نحن الضحية الحقيقية، الذين صمتنا حتى صارت الفوضى غولا ينهش الوطن قطعة قطعة، ويمتص دماءنا حتى آخر نقطة خجل.. نحن المُغتصبون بسلبيتنا وفرديتنا وسكوننا المقيت . 
كيف انفجر الجهل فى شوارعنا فصار هواء ً نتنفسه كل يوم؟ وكيف صارت الحقارة عنوانا لحضارة كانت رائدة البشرية قرونا من الزمن؟ 
لم تكن حادثة التحرير الأولى، فقبلها طفحت مواسير الدناءة مرارا والتحفنا بالصمت وغضضنا الطرف، وعلّقنا خطايا عارنا على الفقر، والجهل، والعشوائية .. كان سرطان البداوة يتمدد داخل أوصالنا ولا نتحرك، كانت فتاوى الظلام والجهل تتوالد والناس نيام. 
وعندما استيقظنا صار الوطن لا وطن.. لا فتاة تسير وحدها آمنة أو مطمئنة، لا امرأة تلبس ما تريد وقتما تريد وتتحرك بحرية فى ظل عيون متلصصة، وعقول مغلقة.. أى أيام سوداء عصفت ببلادنا فأعادتها قرونا من الزمن صارت فيه كل امرأة مُتهمة، وكل أنثى مطمعا.
منذ سنوات وسنوات ونحن متحيزون ضد الأنثى أينما كانت .. لا نراها سوى بشهواتنا وعقولنا الخربة .. منذ سنوات والكراهية عنوان لتعاملاتنا مع المرأة فى كل مكان فى المواصلات العامة، فى أماكن العمل، فى الهيئات الخدمية، فى الجامعات وأماكن الدراسة، وفى الشوارع والميادين .. تمتد الأيدى وتعبث بأجساد حرة لا لشىء سوى أن صاحبات تلك الأجساد ولدن نساء، تنطلق البذاءات وتخلع الكلمات ثياب العفة والأدب والبراءة والنقاء.
كنت دائما أكتب وأقول: المجد للنساء .. كلما زادت مشاركة المرأة كلما تراجع القبح، واتسع التحضر، وتجدد الأمل فى وطن يستعيد نقاؤه وصفاؤه وجينات عظمته .. ومتى أطلت الضفائر على بلادى أطل الخير، والظل، والسلامة .. يسقط المجتمع الذكورى، والفكر الذكورى، والأدب الذكورى، والفن الذكورى، والعمل الذكورى .
التحرش قُبح، وكراهية النساء حقارة، والنظر لكل امرأة باعتبارها فتنة تخلف لا يليق أبدا بمصر أم الدنيا ومرشدة البشرية .
بحزن بالغ يكتب الشاعر جورج ضرغام " أريد أن أرحل عن بلدى /
عن اسمى / 
عن حرفى الساكن فيها / هناك على جملة فعلية أكثر حدوثا/ 
على العشب والسرير. /
أريد أن أرحل فقد خدعنا الشعراء والسياسيون /
ملعونة السياسة / 
ومانشتات الصحف اليومية /
ولجان تقصى الحقائق /
ملعون التصويت لغير امرأة تجيد الشعر . " 
والله أعلم .