الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بدل السكوت ..عادل عبد الموجود الذي لا يعرفه الرئيس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هناك عذّبوه حتى الموت.. مصري كملايين رخصت قيمتهم في الخارج بعد أن رخصت في الداخل.. عاد المواطن عادل عبد الموجود في صندوق جثة مطعونة الكبرياء، تحمل رقمًا، بعد أن انتهكه الجلادون وساموه عذابًا لا يحتمل.
ظن عادل عبد الموجود، ابن بني سويف الطاردة لأبنائها فقرًا وتعطلاً، أن مصر الجديدة أعادت للمصريين كرامتهم وكبرياءهم، فاعترض على معاملة الوافدين المصريين من قبل السلطات الليبية في الكشف الطبي والتحليل الدوري؛ فتم اقتياده للحبس، وتعرض لضرب مبرح بشكل يومي، حتى لفظ أنفاسه وعاد إلى بارئه.
بالأمس.. كانت مصر فتاة سمراء مغتصبة على أيدي عابري السبيل؛ لأن حاميها لم يكن سوى عسكري متسلط، ألقت به الأقدار على رأس الحكم في غفلة من الزمن.
كنا نحتمي بالصبر، وننضح بالغضب، وشبابنا بلا قيمة في بلاد الله؛ لأننا نعلم أن نظام الحكم أهدر قيمتهم في وطنهم الناعس، فصاروا أرقامًا في صناديق العودة ليواروا ثرى مصر.
كنا في العهد المباركي مستباحي الدم، مهدري العزة، مهضومي الحقوق.. ولما أيقظتنا ثورة الضمير وخلعنا لامسئولاً، واخترنا غيره، لم نكن نتصور أن الدم المصري سيبقى بلا قيمة. لم نكن نحسب أن أرواح المصريين وكرامتهم لا تهم من بيده القرار. لم نكن نظن أن مصر بعد 25 يناير ليس فيها حاكم أب لكل المصريين، يحزن لحزنهم، ويغضب لكرامتهم، ويثأر لدمائهم.
لو كان عادل عبد الموجود مواطنًا قبرصيًّا لانتفض القبارصة غاضبين، ولو كان فرنسيًّا لقاطعت فرنسا الدولة المسئولة، ولو كان أمريكيًّا لتحركت الأساطيل وحاملات الطائرات، ولو كان إسرائيليًّا لقدم رئيس الحكومة استقالته. تلك أمم تحترم أبناءها، وتحفظ حقوقهم.. فطوبى لهم.. وتعسًا لنا.. ما تغيّرت مصر، ولا تغيّر حاكمها، ولا تبدّل مسئولوها ووزراؤها.
هُنّا على أنفسنا فصرنا أكثر هوانًا على الآخرين.. قُتل الحسيني أبوضيف بليل.. واستشهد جابر صلاح وسط أحبائه برصاص قناص يعلم جيدًا هدفه.. وسقط من قبل الشيخ عماد عفت، ضمير ميدان التحرير.. ومات العشرات في بورسعيد ومحمد محمود والاتحادية.. ولم ينتفض مسئول، ولم يحاكم متهم، ولم يستقل صاحب قرار.
وعندما أتانا عادل عبد الموجود في صندوق كئيب لم تخرج رئاسة الجمهورية ببيان تنديد، ولم يغضب مشايخ الزعيق والوعيد، ولم يرد اسمه في خطابات رئيس الجمهورية المطولة، ولم توضح لنا رئاسة الوزراء كيف مات ابن بني سويف، ومن قتله، وماذا فعلت وزارة الخارجية لمحاسبة قتلته، أو استعادة حقوقه، أو رد اعتباره.
رحل مواطن مصري اسمه عادل عبد الموجود ، من بني سويف، وعمره 28 عامًا، بعد ليال من الضرب المبرح، وما زلنا صامتين!!
لا يعفينا أننا جميعًا –حكامًا ومحكومين– لم نشهد مصرعه.. يكفي أننا كنا آمنين في منازلنا مع أبنائنا وأهلينا، وهو يسكب روحه قطرة قطرة تحت التعذيب.. والله أعلم.
[email protected]