قبل أن تنتهي بنا الانتخابات إلى إعلان اسم المشير عبد الفتاح السيسي رئيسًا منتخبًا للجمهورية، في انتخابات ستظل محل تحليل وقراءة لفترة ممتدة، سواء في إدارتها أو ملابساتها، أو الظرف المحتشد بالتحديات والتربصات الذي جرت فيه، ولعل اللافت الحضور الإقليمي والقاري والدولي في متابعة ومراقبة سير العملية الانتخابية، دون قيود من جانب الإدارة أو حساسية من جانب من كانوا يرونها وصاية على شأن داخلى، مما يدعم توجه التحول الديمقراطى الحثيث والوليد، قبل هذا كتبت أن المهمة الأولى والممتدة للرئيس القادم ـ وقبل أن يتم تسميته ـ هى العمل على الانتقال من الثورة إلى الدولة، فالثورة حالة استثنائية بينما الدولة مقام واستمرار وكائن حي لا يبقى ولا يعيش إلا في مناخ مستقر، الثورة غليان يدير لحظته بكثير من العاطفة والانفعال غير ملتفت إلى تشابكات الحياة والجدلية القائمة بين الموارد والاحتياجات، والتي لا تحل بالشعارات مهما كانت مثالية ورائعة، لكنها- الحالة الثورية- تمد الجماهير بطاقة استثنائية لتحمل عبء مشكلات وضغوط إدارة الحياة في ظل إخفاقات إدارتها، أملًا في نجاح الثورة في إزاحة النظام ـ أو منظومة النظم ـ القائمة والفاشلة بتعدد أسبابها، وتمهيد الأرض لبناء نظام جديد اقدر وأجدر على إدارة المشهد وفق قواعد صحيحة.
بانتخاب الرئيس يصبح من المحتم أن نعطى لأنفسنا وله مساحة هادئة ـ فكرًا وفعلًا ـ للانتقال من الثورة إلى الدولة، وعلينا أن نخرج من النظر إليه بغير صفة الرئيس، من أيدوه ومن عارضوه ومن امتنعوا عن المشاركة في الاستحقاق الرئاسي، فالوقت مقصر والأزمات المرحلية والمزمنة والمستجدة ما زالت تتفاقم وتشكل خطرًا على أمن واستقرار واقتصاد مصر، وتتطلب مواجهة حاسمة ومدروسة وآنية بلا تأجيل أو مهادنة.
ولعلنا أحوج الآن إلى ضبط المصطلحات ومن أهمها "المعارضة" والذى اختزل إلى مفهوم الترصد والعداء، بينما المعارضة هي جزء اصيل من منظومة إدارة البلاد، قوامها مواطنون مصريون خلصاء يملكون رؤى لتفكيك المشكلات وإدارة العلاقة بين الموارد والمتطلبات، وتعظيم الاندماج الوطني، وتقديم الخطط الأفضل- من وجهة نظرهم- لتحقيق غد أفضل للوطن، وإن اختلفت مع رؤية الموالاة ومن يتحملون مسئولية الحكم، ومن هنا تتولد فكرة تداول السلطة بالتنافس بين المعارضة والموالاة على إقناع الشارع برؤيتيهما وقدراتهما على الإدارة الأفضل.
والمعارضة تشبه في أهميتها "مرايات السيارة" التي تكشف المناطق المعتمة التي لا يراها قائد السيارة، فهي تعكس المناطق المحيطة بالسيارة التي لا يراها القائد لتصوب قراره وتضبط اتجاهاته، وبدونها تصبح القيادة محفوفة بالمخاطر والمصادمات، وعندما تكون مصالح الدولة العليا ومصالح الناس اليومية هي الشاغل المسيطر على ذهنية كل أطراف المعادلة السياسية، تعود المعارضة إلى موقعها الصحيح على خريطة الوطن، ويتحول الصراع إلى تنافس صحي، وينكشف الفارق بين المعارضة الوطنية وبين تلك المعوقة لمسيرة بناء الوطن، ويترتب على هذا أن يدرك الحاكم حاجته لها فهى آلية لازمة لضبط المسار، ومحفزًا له في التدقيق في القرارات وإدارة المتناقضات.
ولعلنا ندرك أننا في لحظة فارقة لا تحتمل ترف الصراع التقليدي ولا نتائجه، لحظة بناء وطن تتطلب التكاتف الحقيقى لإزالة آثار السنين التي أكلها جراد الفاشية على تنوعه ومصادره، وإعادة ترميم ما هدمته، وبناء عقل تم تجريفه عمدًا أو جهلًا، وإعادة هيكلة المؤسسات والمنظومات التي تشكل وتبنى العقل الجمعى والذهنية الشعبية التي دمرتها أو كادت ثقافة الخرافة والتسطيح والماضوية والهروب من الواقع، وعلى رأسها منظومات التعليم والإعلام والثقافة، كما أدركت وفعلت كل الدول التي قررت الخروج من نفق التخلف واللحاق بركب التقدم، وربما نكون بحاجة إلى إعادة إنتاج تجربة محمد على مؤسس مصر الحديثة حين ابتعث نفرا من الشباب المصري إلى أوروبا وعادوا ليؤسسوا قواعد الانطلاق إلى الدولة الحديثة، ولكن هذه المرة لنتجه إلى الشرق لنتعرف على تجارب الهند والصين وماليزيا، المشتركين معنا في أمور عديدة بشريًا وحضاريًا ومشكلات وظروف حياتية.
نحتاج إلى تحرك الأحزاب بشكل جاد في التلاحم مع قواعدها ومع الكتل المحايدة البعيدة عنها لتفعيل المشاركة السياسية، والعمل الجاد على إعادة الاعتبار لقيم العمل والإنتاج والاجادة والمهنية والانضباط في الحياة اليومية.
التحدى ما زال قائمًا ولا نملك في مواجهته إلا العمل والجدية والتكاتف والإصرار على إعادة بناء وطن أنهكته الصراعات وما زالت تستهدفه قوى ظلامية متحالفة لإسقاطه.. فهل ننتبه؟.
بانتخاب الرئيس يصبح من المحتم أن نعطى لأنفسنا وله مساحة هادئة ـ فكرًا وفعلًا ـ للانتقال من الثورة إلى الدولة، وعلينا أن نخرج من النظر إليه بغير صفة الرئيس، من أيدوه ومن عارضوه ومن امتنعوا عن المشاركة في الاستحقاق الرئاسي، فالوقت مقصر والأزمات المرحلية والمزمنة والمستجدة ما زالت تتفاقم وتشكل خطرًا على أمن واستقرار واقتصاد مصر، وتتطلب مواجهة حاسمة ومدروسة وآنية بلا تأجيل أو مهادنة.
ولعلنا أحوج الآن إلى ضبط المصطلحات ومن أهمها "المعارضة" والذى اختزل إلى مفهوم الترصد والعداء، بينما المعارضة هي جزء اصيل من منظومة إدارة البلاد، قوامها مواطنون مصريون خلصاء يملكون رؤى لتفكيك المشكلات وإدارة العلاقة بين الموارد والمتطلبات، وتعظيم الاندماج الوطني، وتقديم الخطط الأفضل- من وجهة نظرهم- لتحقيق غد أفضل للوطن، وإن اختلفت مع رؤية الموالاة ومن يتحملون مسئولية الحكم، ومن هنا تتولد فكرة تداول السلطة بالتنافس بين المعارضة والموالاة على إقناع الشارع برؤيتيهما وقدراتهما على الإدارة الأفضل.
والمعارضة تشبه في أهميتها "مرايات السيارة" التي تكشف المناطق المعتمة التي لا يراها قائد السيارة، فهي تعكس المناطق المحيطة بالسيارة التي لا يراها القائد لتصوب قراره وتضبط اتجاهاته، وبدونها تصبح القيادة محفوفة بالمخاطر والمصادمات، وعندما تكون مصالح الدولة العليا ومصالح الناس اليومية هي الشاغل المسيطر على ذهنية كل أطراف المعادلة السياسية، تعود المعارضة إلى موقعها الصحيح على خريطة الوطن، ويتحول الصراع إلى تنافس صحي، وينكشف الفارق بين المعارضة الوطنية وبين تلك المعوقة لمسيرة بناء الوطن، ويترتب على هذا أن يدرك الحاكم حاجته لها فهى آلية لازمة لضبط المسار، ومحفزًا له في التدقيق في القرارات وإدارة المتناقضات.
ولعلنا ندرك أننا في لحظة فارقة لا تحتمل ترف الصراع التقليدي ولا نتائجه، لحظة بناء وطن تتطلب التكاتف الحقيقى لإزالة آثار السنين التي أكلها جراد الفاشية على تنوعه ومصادره، وإعادة ترميم ما هدمته، وبناء عقل تم تجريفه عمدًا أو جهلًا، وإعادة هيكلة المؤسسات والمنظومات التي تشكل وتبنى العقل الجمعى والذهنية الشعبية التي دمرتها أو كادت ثقافة الخرافة والتسطيح والماضوية والهروب من الواقع، وعلى رأسها منظومات التعليم والإعلام والثقافة، كما أدركت وفعلت كل الدول التي قررت الخروج من نفق التخلف واللحاق بركب التقدم، وربما نكون بحاجة إلى إعادة إنتاج تجربة محمد على مؤسس مصر الحديثة حين ابتعث نفرا من الشباب المصري إلى أوروبا وعادوا ليؤسسوا قواعد الانطلاق إلى الدولة الحديثة، ولكن هذه المرة لنتجه إلى الشرق لنتعرف على تجارب الهند والصين وماليزيا، المشتركين معنا في أمور عديدة بشريًا وحضاريًا ومشكلات وظروف حياتية.
نحتاج إلى تحرك الأحزاب بشكل جاد في التلاحم مع قواعدها ومع الكتل المحايدة البعيدة عنها لتفعيل المشاركة السياسية، والعمل الجاد على إعادة الاعتبار لقيم العمل والإنتاج والاجادة والمهنية والانضباط في الحياة اليومية.
التحدى ما زال قائمًا ولا نملك في مواجهته إلا العمل والجدية والتكاتف والإصرار على إعادة بناء وطن أنهكته الصراعات وما زالت تستهدفه قوى ظلامية متحالفة لإسقاطه.. فهل ننتبه؟.