تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
المشكلة مع كثير ممن يدعون أنهم نخب أو نشطاء أو سمهم ما شئت، هو ذلك اليقين الذي طغى على أحاديثهم وامتلاك الحقيقة الكاملة، وأعتقد أنها كانت نفس المشكلة التي واجهتنا ومازالت مع المتأسلمين، وكان همنا معهم هو موضوع التكفير المجاني الذي يوزعوه في كل الاتجاهات على المختلفين معهم.
اليوم نواجه مشكلة أكبر كشفت عنها مرحلة الدعاية في الانتخابات الرئاسية، وهي طغيان خطاب التشويه وامتلاك فريق لأختام الوطنية والشرف ليصك به المتفقين معه ويحرم المختلفين معه من نعمته، بدأ هذا واضحًا لدى فريق أعمى عندما أطلق على جموع الشعب المصري المؤيد للمشير السيسي، أنهم عبيد للبيادة وأن من أراد أن يكون ثورياً فعليه سب المشير والالتحاق بركب ما سموه مرشح الثورة حمدين صباحي، أعرف أن حمدين براء من هذا الموضوع ولكن بعضاً من أنصاره كانوا كالدبة التي قتلت صاحبها من فرط الحب، هذا البعض شكل ما يمكن تسميته بكتائب التخوين التي رافقت حمدين في حملته.
لم ينجو من سهام التشويه أحد وصار رفقاء الأمس خصوم اليوم، ليتم اغتيالهم بكل خسة ودناءة، فمن يصدق أن شاهندة مقلد وعبدالحليم قنديل وبهاء طاهر وغيرهم مئات أن لم يكن آلاف قد خانوا الثورة لاختيارهم الحر للرئيس القادم، تلك السهام المسمومة لا يمكن اعتبارها مصادفة أو حماقة أو سوء تقدير لأن العمل بها سار بشكل منهجي، لذلك يمكنني مؤقتاً أن أصف مرتكب تلك الجريمة بأنه مشبوه سياسياً، فخطته التي سار عليها هي ستارة الدخان التي يطلقها ليختفي خلفها الإرهاب المتأسلم بتفجيراته اليومية وبمباركة من هؤلاء.
لم تكن مصادفة أن طابور التكفيريين الجدد ومانحي صك الوطنية والشرف معظمهم من أصحاب دكاكين التمويل المعروفة إعلامياً بالمراكز الحقوقية، وهو ما يرمي بظلال شك حول سلامة موقفهم من الإرهاب، يومياً نسمع عن تفجيرات وشهداء أبرياء في سيناء وفي المحافظات المختلفة وطابور أختام الوطنية أعمي وأخرس وأطرش، وعندما يمس القانون واحداً من تلك العصابة تقوم الدنيا ولا تقعد ونسمع العويل واللطم.
لذلك لا يمكن أن يستقيم الأمر هكذا، ومن يتابع صفحات التواصل الاجتماعي يلاحظ بوضوح إلى أي درك سقط هؤلاء، ولأن اللغة هي أم الدلالة فعلينا النظر فقط النظر وليس البحث إلى مستوى الانحطاط الذي صاحب هؤلاء المكفراتية الجدد، فالسباب عندهم هو الأصل وما بعد ذلك هو تفاصيل، وكأن القاعدة تقول إذا لم تسب بالقول الفاحش فأنت لست ثورياً، على الرغم من أن فعل الثورة وحالتها من أرقى انواع السمو والرقي والتحضر، إلا أن هؤلاء قد انحرفوا تماماً بالمفهوم والمضمون حتى وصل الناس إلى حالة من الإرهاق الثوري لا تحتمل مزايدة المزايدين ولا جهل الجاهلين.
صار الانخراط في العمل العام محفوفاً بالمخاطر، تدفع ثمنه من سمعتك وتاريخك إذا حاولت أن تعمل عقلك ويكون لك قرار مستقل بعيداً عن قرار الجيتو أو العصابة، تنهال عليك السهام المسمومة من كل حدب وصوب، هذه هي خطة التخريب الممنهج وهي القاتلة لأي مستقبل نحاول الحلم معه بأن يكون ديمقراطياً، ولقد قلت قبل ذلك أنني أتفهم حركة الإرهابي المتأسلم وأدواته وأتعامل معه، ولكن ما لا يمكن التعامل معه هو ذلك الجنون الذي أصاب الشتامين والتكفيرين الجدد الذين يعتقدون أنهم محتكرو أختام الوطنية والكرامة والشرف، إنهم ألعن من المكفراتية الإسلامنجية لأنهم يعلمون نتائج جريمتهم ورغم ذلك هم في غيهم سادرون.