إذا كان الفقر شرًا استعاذ منه النبى عليه السلام، وتوعده الإمام عَلي بالقتل لو كان رجلًا، فإن آخرين رأوه طريقًا للنجاح والتقدم وسُلمًا إلى المجد.
فى عالم السياسة بالغرب يُفضل الناس الأفقر، ويتعاطفون مع الأقل مالًا، والدليل تلك الشعبية الجارفة التى حققها خوسيه موهيكا رئيس باراجواى المُنتخب منذ ثلاث سنوات والمُصنّف كأكثر رؤساء العالم شعبية بسبب فقره وبساطته وزهده.
فى الأسبوع الماضى احتفت شبكة "سى إن إن" الإخبارية بالرجل قبل أن تُذيع حوارًا معه باعتباره أفقر رئيس دولة فى العالم، قالت الشبكة إنه يسكن بيتًا صغيرًا فى بحى فقير فى العاصمة مونديفيديو، وليس للرجل حراسة سوى ثلاثة أفراد، ولا يوجد لديه سائق خاص وإنما يقود سيارته "البيتلز" موديل 1987 بنفسه.
يلبس "موهيكا" ملابس بسيطة تُطابق ملابس الطبقة الوسطى فى أمريكا اللاتينية، ورغم أن راتبه يبلغ 12500 دولار شهريًا وهو رقم كفيل بحياة هانئة فى تلك البلدان، إلا أنه يتبرع بـ90% من راتبه شهريًا للجمعيات الخيرية، وتشارك زوجته عضو مجلس الشيوخ فى مصروف البيت وكأنها حرم موظف فى بداية سُلمه الوظيفى.
لقد كان الرجل وزيرًا للثروة السمكية قبل عشر سنوات، وضرب أمثلة غريبة فى الزهد والتعايش مع المجتمع، فالشعور بالناس كان يدفعه إلى الاكتفاء بوجبتين فقط، وعندما اختير رئيسًا لباراجواى رفض الإقامة فى القصور الرئاسية، ودعا الجمعيات الخيرية إلى الاستفادة بها وظل كما كان قبل المنصب والسياسة بسيطًا، طيبًا، ومتواضعًا حتى أن الناس اعتبرته نبيًا ورمزًا خالدًا للوطن.
فى عالمنا العربى يختلف الأمر كثيرًا، يأتون إلى السُلطة فقراء فيثرون ثراءً فاحشًا، يُغيّرون أطعمتهم وملابسهم، وتتدلى كروشهم إلى الأمام، يقتنون التحف النادرة، ويشترون المجوهرات الثمينة، ويتملكون الشاليهات الفخمة، ويتاجر أبناؤهم وأبناء عمومتهم وأشقاؤهم وأبناء أشقائهم وأصهارهم فى كل شىء، ويتشاركون مع كبار رجال الأعمال ويفوزون بالصيت والنفوذ والثروة.
عرفناهم عقودًا طويلة - سلالة خلف أخرى - انفتاحيين، وساداتيين، ومباركيين، ومرسيين.. يتوعدون الفقر ولا يقتلونه، يشكون الظلام ولا يشعلون أى شمعة نور، يطالبون الناس بالتقشف ويدعونهم إلى الانكماش وهم لا يتقشفون ولا ينكمشون، يرفلون فى الحرير بينما شعوبهم نائمة فى الوجع والعذاب.
والآن بعد ثورتين، ومحاكمتين، وفرصتين للنهوض، يجب أن ننتبه لما يُقال، ونصحو لما يُسمع ونكرر لمن يحمل الأمانة النصيحة الغالية: إذا أردت من الناس الطاعة فكن قدوة، وافتقر وانكمش وتقشف واصبر، سيكونون مثلك.. والله أعلم.
فى عالم السياسة بالغرب يُفضل الناس الأفقر، ويتعاطفون مع الأقل مالًا، والدليل تلك الشعبية الجارفة التى حققها خوسيه موهيكا رئيس باراجواى المُنتخب منذ ثلاث سنوات والمُصنّف كأكثر رؤساء العالم شعبية بسبب فقره وبساطته وزهده.
فى الأسبوع الماضى احتفت شبكة "سى إن إن" الإخبارية بالرجل قبل أن تُذيع حوارًا معه باعتباره أفقر رئيس دولة فى العالم، قالت الشبكة إنه يسكن بيتًا صغيرًا فى بحى فقير فى العاصمة مونديفيديو، وليس للرجل حراسة سوى ثلاثة أفراد، ولا يوجد لديه سائق خاص وإنما يقود سيارته "البيتلز" موديل 1987 بنفسه.
يلبس "موهيكا" ملابس بسيطة تُطابق ملابس الطبقة الوسطى فى أمريكا اللاتينية، ورغم أن راتبه يبلغ 12500 دولار شهريًا وهو رقم كفيل بحياة هانئة فى تلك البلدان، إلا أنه يتبرع بـ90% من راتبه شهريًا للجمعيات الخيرية، وتشارك زوجته عضو مجلس الشيوخ فى مصروف البيت وكأنها حرم موظف فى بداية سُلمه الوظيفى.
لقد كان الرجل وزيرًا للثروة السمكية قبل عشر سنوات، وضرب أمثلة غريبة فى الزهد والتعايش مع المجتمع، فالشعور بالناس كان يدفعه إلى الاكتفاء بوجبتين فقط، وعندما اختير رئيسًا لباراجواى رفض الإقامة فى القصور الرئاسية، ودعا الجمعيات الخيرية إلى الاستفادة بها وظل كما كان قبل المنصب والسياسة بسيطًا، طيبًا، ومتواضعًا حتى أن الناس اعتبرته نبيًا ورمزًا خالدًا للوطن.
فى عالمنا العربى يختلف الأمر كثيرًا، يأتون إلى السُلطة فقراء فيثرون ثراءً فاحشًا، يُغيّرون أطعمتهم وملابسهم، وتتدلى كروشهم إلى الأمام، يقتنون التحف النادرة، ويشترون المجوهرات الثمينة، ويتملكون الشاليهات الفخمة، ويتاجر أبناؤهم وأبناء عمومتهم وأشقاؤهم وأبناء أشقائهم وأصهارهم فى كل شىء، ويتشاركون مع كبار رجال الأعمال ويفوزون بالصيت والنفوذ والثروة.
عرفناهم عقودًا طويلة - سلالة خلف أخرى - انفتاحيين، وساداتيين، ومباركيين، ومرسيين.. يتوعدون الفقر ولا يقتلونه، يشكون الظلام ولا يشعلون أى شمعة نور، يطالبون الناس بالتقشف ويدعونهم إلى الانكماش وهم لا يتقشفون ولا ينكمشون، يرفلون فى الحرير بينما شعوبهم نائمة فى الوجع والعذاب.
والآن بعد ثورتين، ومحاكمتين، وفرصتين للنهوض، يجب أن ننتبه لما يُقال، ونصحو لما يُسمع ونكرر لمن يحمل الأمانة النصيحة الغالية: إذا أردت من الناس الطاعة فكن قدوة، وافتقر وانكمش وتقشف واصبر، سيكونون مثلك.. والله أعلم.