الجمعة 04 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

أنبياؤنا الجدد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

من بين الإخوة “,”المتدينين“,” في مصر الذين يعتبرون أنفسهم “,”حملة للهداية والرشاد“,” من يقع في شرك “,”الأوهام النفسية“,”، فيُسقط على نفسه صفة “,”النبي“,”، ويُسقط على الآخرين صفة “,”الكفار“,”، يعتبر نفسه ربانيا، ويعتبر غيره “,”مُشركا جهولا متآمرا“,”.. يتساوى في ذلك عبد الله بدر الذي يسمي نفسه “,”شيخا“,”، ومحمود حسين أمين عام ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين.. ومحمد بديع مرشدها العام.
عبد الله بدر حين قرر أن يتوقف عن الظهور في قناة الحافظ زل لسانه، فكشف عن طوية نفسه.. عن أوهامه النفسية.. فقال “,”سأكتفي بمساجدي“,” أقول فيها ما أشاء، ونسي أن المساجد لا تنسب لأحد، هي مساجد المسلمين.. بيوت الله التي يعبد فيها ويرفع فيها اسمه، وما كان يقصده بالطبع هو “,”المساجد التي يعظ فيها“,”، لكن “,”وهم التوحد“,” بين ذاته “,”كمبشر وداعية“,” - وربما كنبي جديد- هو الذي أوقعه في زلة اللسان الكاشفة لحالة “,”تعظيم الذات“,”.
بدر حين أراد أن يبرر “,”سبه“,” لغيره من الناس، ممن يخالفونه الرأي وطريقة التفكير وفهم الأمور، استعان بواقعة منسوبة لأبي بكر الصديق –رضي الله عنه- سب فيها عروة بن مسعود الذي جاء مفاوضاً عن المشركين في “,”الحديبية“,” قائلا له “,”امصص بظر اللات“,”، استعاض فيها أبو بكر عن “,”أمك“,” بـ “,”اللات“,”، وهي واحدة من أقذع مأثور الشتائم عند العرب الأقحاح، يمكن فهمها لو نقلت للعامية المصرية، واستشهد عبد الله بدر أيضا برواية أخرى عن أن محمداً (ص) جاءه رجلان وعندما خرجا من عنده سبهما!
لعبد الله بدر –بقدر علمه أو بقدر عدم علمه- أن يفسر أو يفهم واقعة ما كيفما شاء، لكن الأفدح هو حالة “,”التقمص النفسي“,” التي تنتابه، فيتصور أنه في مكان أبي بكر أو في مكان النبي، وأن الآخرين المخالفين له في الرأي في مكان “,”الوسيط الكافر“,”، فيعطيه هذا “,”التوهم النفسي“,” الحق في سب الناس وقذفهم.
محمود حسين – الأمين العام للجماعة المسماة بالإخوان المسلمين - يقول في معرض دفاعه عن مخالفتها لقانون الجمعيات الأهلية إنها جماعة “,”دعوية وسياسية واقتصادية ودينية وربانية“,”، وربما يكون تعبير “,”جماعة دعوية وسياسية واقتصادية ودينية“,” مفهوما بسهولة، لكن تعبير “,”ربانية“,” يحتاج إلى محاولة للتفسير، فهل يقصد محمود حسين أن القائمين عليها أو أن أعضاءها “,”عباد ربانيون“,” يتحدثون بكلمة من الله، أو هم كما يقول ابن القيم في وصفه للعبد الرباني “,”منفردون في طريق طلبهم لا تقيدهم الرسوم، ولا تملكهم العوائد، ولا يفرحون بموجود، ولا يحزنون على مفقود، من جالسهم قرت عينه بهم، ومن رآهم ذكرته رؤيتهم بالله“,”، وبالتالي لا تعد مخالفتهم لقانون الجمعيات الأهلية –كما يقول محمود حسين- “,”غير قانونية“,”، وهل يعني ذلك أن ننتظر نزول قانون “,”رباني“,” ينظم عملهم بين الخلق كجماعة “,”مصطفاة مختارة“,”، أم أن حسين لديه فهم آخر يبرر بقاء جماعته “,”خارج القانون“,”!
ربما ينتمي عبد الله بدر –وفق التصنيفات الشائعة- إلى ما يسمى بالسلفيين، وينتمي محمود حسين إلى ما يسمى بالإخوان “,”المسلمين“,”، لكنهما في الحقيقة ينتميان إلى “,”حالة نفسية“,” واحدة.. حالة انعزال عن الواقع المعرفي العام، وانغماس في أوهام ذاتية، نتيجة لتقمص شخصيات تاريخية تم فصلها تماما عن سياقها التاريخي الإنساني، فتاهت ملامحها البشرية، ولم يبق منها إلا جوانب أسطورية، أسقط عليها خيال الأجيال التالية هالات من القداسة، لأن التاريخ المتاح أمام عامة الناس تاريخ مغلوط، لم يكتبه مؤرخون معتبرون، بل رجال دين منحازون.
المسافة بين عبد الله بدر ومحمود وحسين ومرشد الإخوان محمد بديع ليست ببعيدة.. الأخير أيضا تظهر عليه علامات “,”التوحد النفسي“,” مع الأوهام.. هو يجهز أعضاء في جماعته –كما فعل من قبل- “,”للاستشهاد من أجل المشروع الإسلامي“,”، يحشدهم نفسيا من أجل الموت في 25 يناير 2013 في جهادهم ضد المؤامرات التي تحاك ضد جماعته، وكأننا أمام أنبياء جدد وغزوات جديدة.. يتوهم المرشد أنه المصطفى محمد (ص)، وأنه في حرب مع كفار قريش، من أجل رفع راية الإسلام.. يقول المرشد في رسالته الأخيرة “,”عزيزٌ علينا أن يُصاب أحد من إخواننا وفلذات أكبادنا بأي أذى أو ضرر، فضلاً عن أن يصاب أو يُسْتَشهد، ونتمنى أن نفديه بأرواحنا لو استطعنا إلى ذلك سبيلاً؛ لكنها إرادة الله النافذة باختيار شهداء وإصابة مصابين فى ابتلاء رباني، لمواجهة تهديدات ثورتنا المباركة وحماية الإرادة الشعبية، والواجب يحتم علينا اتخاذ قرارات حاسمة مبنية على معلومات أكيدة ومتواترة، نشعر معها بأن خطراً حقيقياً يهدد بلدنا وأهلنا، وإنني على ثقة بأنكم تدركون ذلك ومستعدون للفداء والتضحية من أجل نهضة بلادكم، نحن نتقرب إلى الله تعالى بكل أعمالنا ونخشاه فى كل حين قدر استطاعتنا، وأصحاب الدعوات يُضحون من أجل دينهم وأوطانهم وأهليهم، ويجدون فى التضحية، والجزاء عند الله على قدر العمل والجهد والعناء والتضحية“,”.
هؤلاء – على ما يبدو – حديثو عهد بالإسلام، لا يفقهون جوهره، لا يدركون أن “,”الكذب“,” مؤثم في الإسلام أكثر من الزنا، وأن “,”الفتنة أشد من القتل“,”، هؤلاء – على ما يبدو- لا يعرفون تاريخ بلدهم، لا يعرفون أن المصريين أول من علم الناس في العالم القديم قواعد الأخلاق والآداب العامة، لا يعرفون “,”اعترافات الميت عند حسابه“,” في عصور ما قبل “,”التأريخ“,” وفق متون الأهرامات وكتاب “,”الخروج إلى النهار“,” المعروف خطأ باسم “,”كتاب الموتى“,”، أولى تلك الاعترافات “,”أنا لم أكذب.. لم أسرق لم أزن.. لم ألوث ماء النيل....“,”، لا يعرفون أن المصريين أول من علم الناس في العالم القديم قواعد النظافة الشخصية.. حلاقة الذقن وقص الأظافر واستخدام المرحاض“,”.
يفعل المرشد ومحمود حسين وعبد الله بدر وغيرهم ما فعله أي “,”فاشيست“,” في التاريخ، يوهم جماعته أنهم مختارون لمهمة ربانية، مكلفون بأداء رسالة سامية، أو أنهم جنس فوق البشر، أو ينتمون لعرق أصيل، أو تجري في عروقهم دماء مقدسة، ما يعطيهم الحق في السيادة على الجميع، وما يبرر لهم قتل الآخرين، ولكي يدفعهم نحو الموت بقلوب صلبة وعقيدة متماسكة يبشرهم بالجنة.. لن يكونوا أمواتا في حرب “,”وضيعة“,” من أجل السلطة في 25 يناير 2013، بل شهداء في معركة شريفة من أجل رفعة الإسلام.. فلا يحزن من سيسقط منهم قتيلا، ولا يحزنن عليه أهله، فهو سيكون مع “,”عليين في السماوات“,” من أجل استتباب حكم مصر في يد المرشد وجماعته وأمثاله من الأنبياء الجدد على شاكلة محمود حسين وعبد الله بدر!