الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

في اليوم الأول لمهرجان كان: "صفافير" النقاد تغطي على نجومية نيكول وجريس!

 صفافير النقاد تغطي
صفافير النقاد تغطي على نجومية نيكول كيدمان وجريس كيلي!
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع نهاية آخر مشهد من فيلم "جريس أميرة موناكو" الذي افتتح به مهرجان "كان" في دورته السابعة والستين التي تعقد حاليا من 14 وحتى 25 مايو، وبمجرد نزول عناوين الفيلم الأخيرة راحت تدوي في ظلام قاعة العرض صافرات الاستهجان والسخرية مغطية على أصوات التصفيق القليلة التي ارتفعت هنا وهناك. العرض المخصص للنقاد والصحفيين كان البداية الفعلية لأولى فعاليات المهرجان، وكان من المحرج أن تسمع ضحكات التهكم أثناء عرضه وصافرات الاستهجان عقب نهايته.. مع ذلك لم يكتف النقاد الساخطون على الفيلم بذلك، بل واصلوا الإدلاء بتعليقاتهم الساخرة حول الفيلم أثناء خروجهم من قاعة العرض.
لماذا تكرهون النقاد؟!
ربما تكون قد سألت نفسك يوما: لماذا يكره الفنانون ومنظمو المهرجانات النقاد؟ هذا هو السبب بالتحديد، فكل شيء هنا كان مجهزا للاحتفال والفرح: فيلم كبير ضخم الإنتاج لمخرج فرنسي شاب واعد حاصل على الأوسكار من قبل عن فيلمه "الحياة الوردية" هو أوليفييه داهان، ومن بطولة نجمة هوليوودية كبيرة ومحبوبة هي نيكول كيدمان، ويدور الفيلم عن حياة نجمة أخرى من العصر الذهبي للسينما وهي جريس كيلي التي تحولت إلى أميرة موناكو.. ثم يأتي هؤلاء النقاد ليتجاهلوا كل هذا الجهد المبذول في صناعة الفيلم وتنظيم المهرجان ويطلقون ضحكاتهم الساخرة وصافراتهم المزعجة أثناء وعقب عرض الفيلم.
هؤلاء النقاد ينطبق عليهم بالفعل تعبير "الولد المزعج" le enfant terrible الفرنسي، الذي يطلق على الأشخاص الذين يتسمون بصراحة زائدة ونبرة سخرية مريرة وغالبا ما يكدرون صفو "الكبار" و"الناضجين" بتعليقاتهم وآرائهم الصادمة، هؤلاء الذين نطلق عليهم في مصر تعبير "مفرقي الجماعات وهادمي اللذات" الذين يهوون تخريب الحفلات والاحتفالات.
في "كان"، مثلما هو الأمر غالبا على قمم الجبال، لا مجال للحلول الوسط أو الـ"معلهش". إما أن تصبح ملكا متوجا أو صعلوكا منبوذا. وأغرب شيء أنك لن تعرف أبدا ما هي الفروق الدقيقة، التي تكاد لا ترى بالعين المجردة، التي تجعل من فيلم ما "تحفة فنية"، أو تهبط به إلى مستوى "الشيت" shit، أو "الهراء" بالإنجليزية. 
هؤلاء النقاد فقط هم الذين يعرفون، أو يدعون أنهم يعرفون، تلك الفروق، وهم الذين يصفونها بدقة للآخرين، ولهذا السبب بالتحديد فإن الفنانين ومنظمي المهرجانات لا يمكنهم العيش بدون النقد والنقاد!
لكن الأسوأ من ذلك أيضا أن النقاد، مثل بقية الناس، لم يتفقوا يوما على فيلم، وأن من يعجب فلان قد لا يرضي علان، والفيلم الذي ينال الاستياء اليوم ربما يحظى بالتقدير غدا والعكس صحيح!
انقسم الناس والنقاد حول فيلم "جريس أميرة موناكو" كما ينقسمون حول كل شيء آخر، وبالنسبة لكاتب هذه السطور فقد انقسمت أنا شخصيا حول الفيلم ما بين الإعجاب بأداء كيدمان وبقية الممثلين، وببعض المشاهد واللحظات القوية جدا في الفيلم، وما بين الشعور بالملل في بعض الأجزاء الأخرى.
يبدأ "جريس أميرة موناكو" بزواج نجمة هوليوود من رينيه الثالث أمير موناكو، فيما وصف بأنه زواج القرن، وحدوتة الأطفال التي تحولت إلى حقيقة.
في الحقيقة يبدأ الفيلم بعبارتين على الشاشة قبل مشاهد زواج الجميلة والأمير. العبارة الأولى من صناع الفيلم وتقول: "هذا الفيلم قصة خيالية مستوحاة من قصة وقائع حقيقية"، والعبارة الثانية قالتها جريس كيلي لتصف بها حياتها وزواجها: "الناس يتصورون أن حياتي عبارة عن حدوتة خيالية، وهذا التصور نفسه حدوتة خيالية".
العبارتان في تصوري تجسدان ما فعله المخرج أوليفييه داهان وبقية صناع الفيلم، فقد قاما بتحويل قصة حياة الممثلة والأميرة جريس كيلي إلى حدوتة هوليوودية تقليدية.. ولكن هذه ليست المشكلة.
عيب الفيلم الأساسي هو أنه يعاني من الانقسام وعدم الانسجام في بنائه للسيناريو والشخصيات. في الحياة كل الناس تعاني من التناقضات، ولذلك يحتاجون إلى "الهارموني" الذي توفره الأعمال الفنية العظيمة ليضفوا نوعا من الانسجام والتوازن إلى حياتهم.
هذا التوازن لا يتحقق في "جريس أميرة موناكو"، على مستوى السيناريو ينقسم العمل إلى قصتين وتصورين متناقضين عن شخصية جريس كيلي، في البداية نرى حكاية المرأة التي تخلت عن حياتها العملية لتتزوج من شخص ثري صاحب نفوذ وتفتقد حريتها وشخصيتها القديمة تحت وطأة تربية الأطفال وتلبية مسئوليات حياتها الزوجية.. فتقرر أن تخرج من القفص الذهبي وتعود لحياتها العملية كممثلة.
عند منتصف الفيلم تتحول الحكاية بدون إقناع ولا تبرير درامي كاف إلى حكاية امرأة بسيطة قوية تجد نفسها وسط صراعات سياسية ومعارك طاحنة بين الرجال حولها فتستطيع بحسها الأنثوي وذكائها أن تطفئ فتيل الحرب وتعيد السلام المفقود إلى العالم!
أي الشخصيتان هما جريس كيلي الحقيقية؟ ربما كانت بالفعل تحمل الشخصيتان معا، ولكن الفيلم لم يستطع أن يحتوي هذا التناقض.
كيدمان: لا يمكنني العيش بدون الحب!
عقب العرض المخصص للصحفيين والنقاد جاءت نيكول كيدمان وشركائها من نجوم الفيلم، على رأسهم الممثل الأمريكي تيم روث والإسبانية باز فيجا، بالإضافة إلى مخرج الفيلم، يتهادون أمام شاطئ الكروازيت، حيث احتشد عشرات المصورين ومئات المعجبين في انتظارهم منذ الصباح الباكر، وفي القاعة المخصصة للمؤتمرات الصحفية كان هناك مئات الصحفيين يجهزون أسئلتهم في انتظار صعود صناع الفيلم. كان من الواضح أن الأسئلة ستتناول عدة محاور ساخنة: الخلاف الحاد بين مخرج الفيلم ومنتجه الأمريكي الذي قام بصنع نسخة أخرى تختلف عن النسخة المعروضة في "كان". الخلاف بين صناع الفيلم وعائلة جريس كيلي التي اعترضت على الفيلم عقب مشاهدة "التريلر" – الإعلان المصور- له. الخلاف السياسي بين موناكو وفرنسا الذي حدث في ستينيات القرن الماضي ويصوره الفيلم. وأخيرا: مدى التزام صناع الفيلم بالواقع والحوادث التاريخية، أو عدم الالتزام بها، مثلما يحدث دائما وبدرجات متفاوتة في أي عمل يتناول السيرة الشخصية للمشاهير.
خلال المؤتمر الصحفي أعربت كيدمان عن أسفها بسبب استياء أبناء جريس كيلي من الفيلم اعتمادا على مشاهدة الـ"تريلر"، مؤكدة أن صناع الفيلم لم يتعمدوا إطلاقا أي إساءة للأميرة جريس أو لزوجها الأمير رينيه، وقالت أنها متأكدة أن عائلة كيلي سوف تغير رأيها في الفيلم في حالة تراجعهم عن قرار مقاطعته.
في الوقت نفسه شددت كيدمان، كما فعل المخرج أوليفييه داهان، على أن فيلمهم ليس تسجيلا حرفيا للواقع، وأنهم قاموا بتغيير العديد من الوقائع والشخصيات، وبينما أكدت كيدمان أنها لم تحاول تقليد جريس كيلي بل التقاط جوهر شخصيتها وروحها، أكد داهان أنه في لحظات كثيرة أثناء التصوير كان يتعامل مع الشخصية التي جسدتها كيدمان وينسى جريس كيلي.
السؤال المتوقع من الصحفيين إلى كيدمان كان بالطبع: لو كنت محل جريس كيلي هل تقبلين أن تتركي التمثيل وحياتك العملية من أجل الزواج من أمير؟
كيدمان أيضا ردت بالإجابة المتوقعة: الحب بالنسبة لي هو كل شيء، ولا يمكنني العيش بدونه. أتذكر عندما فزت بالأوسكار عن فيلم "الساعات" وعدت إلى البيت. لقد قضيت واحدة من أسوأ أيام حياتي لأنني كنت وحيدة!
من ناحية ثانية حرص منتج الفيلم الأمريكي هارفي واينشتين على حضور المهرجان وعرض الفيلم مؤكدا احترامه للنسخة التي صنعها داهان، ورد داهان بالمقابل على أسئلة الصحفيين حول خلافه مع واينشتين بأنه لم يعد هناك أي خلافات، وأنه لم يعد هناك سوى نسخة واحدة للفيلم هي التي تعرض في المهرجان، وأنه في حالة اتخاذ قرار بعمل تعديلات فيها فسوف يتم ذلك بالتعاون والاتفاق بينه وبين منتج الفيلم.