الخميس 03 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

فضيحة بروتوكول ماسبيرو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حين نقوم بالتنزه على كورنيش النيل لا يمكن أن نتصوره دون الصرح العظيم الذي لن يغيب عن أذهاننا، مبنى يعد من أهم معالم القاهرة إلا وهو مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، والذي عرف باسم "ماسبيرو" على مدى 60 عاما مضت، يعمل به أكثر من 45 ألف موظف ما بين محترف وغير محترف، قدم لنا هذا الصرح العظيم أجمل ما سجلته الثقافة الفنية من الدراما والكوميديا المصرية السمعية والمرئية، وقدم لنا أعظم ما سجله التاريخ لعظماء الفن الراقي؛ حيث قدم للعالم كوكب الشرق أم كلثوم وعمالقة الفن المصري طوال تلك الفترة منذ إنشائه فهو تراث ثقافي مهم لا يمكن تقديره بأي ثمن، حتى وإن تضاءلت إمكانياته المادية، فهو الأرشيف الثقافي والفني لمصر والعالم العربي؛ حيث يعد الإعلام المصري المدرسة الأولى للمنطقة العربية.
ولا يخفى علينا جميعا الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر عبر الأربع سنوات منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011، وما مرت به مؤسسات الدولة من انهيار مادي ومعنوي، وها هي على اعتاب الخروج من أزمتها لتعاود ممارسة دورها العظيم في المنطقة العربية بما يتناسب مع أحلام مصر الحديثة بعد الثورة.
ولكن ما لا يمكن تصوره أن نجد طريقة الخروج من الأزمة بفضيحة قامت بها هامة من هامات الإعلام المصري، والذي كان في تصورنا أنها أحد أعمدة المؤسسة الإعلامية الوزيرة درية شرف الدين التي كانت تطل علينا من خلال شاشات التليفزيون المصري، وقد تعلق المشاهد المصري بتلك الشخصية المصرية العريقة أملا بأنها هي الاختيار الأمثل لإعادة العمل الجاد بالمؤسسة الإعلامية، ولكنها تفاجئنا بما لم يقدم عليه أحد من قبل من باب إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وذلك للتراجع المادي لماسبيرو؛ بسبب عدم الإقبال على مشاهدة قنواته، وسياسة التعتيم الإعلامي التي أفقدت ثقة المشاهد المصري به.
وبناء على تلك الأزمات المادية المتتالية تتجه الوزيرة بتوقيع برتوكول مع أحد القنوات الفضائية الغير مصرية "إم.بي.سي" وتتجاهل إمكانية دعم القنوات الخاصة المصرية، بل وترفضها كما عبرت عنه الفضائيات المصرية الخاصة.
ويعد هذا البرتوكول بمثابة فضيحة للدولة المصرية والتنازل عن مكانتها كمؤسسة من المؤسسات الهامة أمام إحدى المؤسسات الخاصة لإنقاذ الوضع المادي لماسبيرو، وهنا تتضاءل مكانة الدولة المصرية كأحد دول الشرق الأوسط الكبرى، وهنا تتساوى مكانة الدولة بقناة فضائية خاصة.
فالمعهود في إتمام البرتوكولات هي أن تكون بين مؤسسات دولية تتساوى في المكانة والقيمة أو لجهتين متساويتين في المبدأ والمنطق ولا يمكن أن يكون الحل بالتنازل عن قيمة الدولة أمام مؤسسة خاصة لإنقاذ الوضع المادي "لماسبيرو".
من المرفوض أن يتم برتوكول بين مؤسسة من مؤسسات الدولة مع أي مؤسسة خاصة مهما كانت قيمتها، وإن كان لا بد من ذلك وإنه لا مخرج إلا بالتعاون مع إحدى المؤسسات الخاصة فلما لا تكون مؤسسات مصرية كالقنوات الفضائية المصرية الخاصة، وأن كان فيه فرض إجباري لإنقاذ الوطن فنحن أولى ببلادنا.
إن المبادئ الوطنية تخرج من المصريين أولا ثم بطلب الدعم الخارجي، وإن هناك أمورا لا يمكن تصور الدعم الخارجي في حال تواجد الدعم الوطني الداخلي.
علينا جميعا مراجعة مواقفنا الوطنية، وعلى السيدة الوزيرة الخروج إلينا وتفسير ما قامت به، ولا بد من التراجع عما قامت به للحافظ على هيبة الدولة أمام المواطن المصري وأمام المجتمع الدولي.