الأربعاء 19 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

المشاركة ضامن للسلمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بدأت مجريات أحداث ثورة 25 يناير شبابية مدنية سلمية، وقد حافظت الثورة في ذروة فعالياتها الثورية على سلميتها للدرجة التي أذهلت العالم، وجعلت الكثيرين من قادة وساسة العالم يطالبون بتدريس سلوك المصريين الذي تجلى في الثورة، خاصة في الشهور الأولى لها، لشعوبهم وأن يقتادوا بهم، أظهرت الثورة المعدن النفيس للإنسان المصري من خلال تجليات سلوكياته الفردية والجماعية، وكانت هذه السلوكيات بمثابة عصارة الجينات لسبعة آلاف سنة حضارة وعبقرية المكانة المصرية التي كان ميدان التحرير رمزًا لها.
وعلى الرغم من محاولة البعض جر الثورة عن مسارها الطبيعي – في بعض الأحيان- التي رسمته لنفسها في بعض فعالياتها إلا إنها كانت سرعان ما تصحح من مسارها السلمي الطبيعي.
ولا شك في أن فترات التحول الديمقراطي هي فترات تغيير عنيف في المجتمع، تسقط خلالها أعراف وتقاليد كانت مستقرة لسنوات طوال، ويجد خلالها اللاعبون الرئيسيون الجدد أنفسهم، وكأنهم أمام قواعد جديدة تمامًا للعبة السياسية، قد لا يملكون أدوات أو مهارات التعامل معها، لعل ذلك هو ما دفع الكثيرين من المراقبين للحياة الحزبية المصرية منذ لحظة تنحي الرئيس مبارك في فبراير 2011، إلى الإشارة إلى العديد من الإشكاليات ومظاهر الضعف التي أفرزتها هذه الفترة الوجيزة من سيولة، وتقلب سريع، وهشاشة للتنظيمات في بعض الأحيان، وإعلاء قيمة الأشخاص على التنظيمات في أحيان أخرى.
واللافت للنظر، أنه صاحب الدعوات للتظاهر يوم 30 يونيو الجاري، حالة غير مسبوقة من التصريحات العدائية من بعض أنصار التيار الديني وأنصار الدكتور مرسي للمشاركين والشعب، فاقت في قوتها كل أعمال الإرهاب والتهديد اللفظي التي تمت أثناء إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، كما تبارت التيارات السياسية المختلفة، والتي فشلت في تحقيق توافق وطني حقيقي خلال عامين ونصف العام “,”الماضيين“,”، على شاشات التلفزة المصرية والإقليمية في تحميل نتيجة ما سيحدث في نهاية يونيو الجاري للطرف الآخر.
وأعتقد أن حالة التخويف والترهيب المبالغ فيها الآن مفتعلة مثل تلك التي تم اختلاقها قبيل الانتخابات البرلمانية في نهاية عام 2011 وبداية عام 2012، حيث أكد البعض بأنه إذا جرت الانتخابات سوف تشهد مصر بحورًا وشلالات من الدماء، وهو ما لم يحدث بحمد الله، كما أن فعاليات 30 يونيو، لن يحدث فيها بذكاء وفطنة المشاركين، ومن ثم هناك مجموعة من العوامل الضامنة لسلمية المظاهرات منها ما يلي:
أولاً: المشاركة الفعالة والكثيفة من المصريين في 30 يونيو، فإذا خرجت جحافل وكتل بشرية كتلك التي خرجت إبان 25 يناير 2011 ستكون أفضل رادع لمن تسوّل له نفسه القيام بأي أعمال عنف أو شغب أو جر المظاهرات إلى طريق العنف.
ثانيًا: المؤسسة العسكرية، التي أكدت تكرارًا ومرارًا بأنها مؤسسة احترافية، تعمل لدى الشعب المصري، وأنها جاهزة في أي وقت للذود ليس فقط عن الأمن القومي المصري في الداخل ولكن في الخارج أيضًا، وحالة نشوب عنف – لا قدر الله- فإن أي حيادية من جانب المؤسسة العريقة مرفوضة، وستحسب عليها لأبد الدهر، وسيكون خصمًا من رصيدها لدى المصريين، وسيحاسبها التاريخ عن التقاعس في فض الاشتباك ومنع العنف المفتعل، لأنه بدأ يتضح للجميع “,”من هو الطرف الثالث واللهو الخفي“,”.
ثالثًا: جهاز الشرطة.. الذي أكد قادته بأنهم تعلموا الدرس جيدًا من ثورة 25 يناير، وأعلنوا في مؤتمر صحفي بأنهم سيؤدون واجبهم بالحفاظ على مؤسسات ومنشآت الدولة العامة ولن ينحازوا لفصيل ضد آخر، ومن ثم نجح قادة هذا الجهاز بتجنيبه سيلاً من التهم التي كان سيتحملها إذا حدث ما لا تحمد عقباه في هذه الفعاليات.
وأعتقد أن 30 يونيو الجاري، فرصة سانحة لن تأتي مرة أخرى للجهاز الشرطي لاستعادة ثقة المواطنين، وإعادة بناء جسور الثقة المفقودة مرة ثانية.
رابعًا: الرئيس وحزبه وجماعته وأنصاره من التيارات ذات المرجعية الدينية، فعلى جماعة الإخوان أن تعلم بأنه مازال لها رصيد ما عند البسطاء من المصريين، فإذا قامت بحشد أنصارها للنيل من المتظاهرين في 30 يونيو، فإنها ستخسر رصيدها للأبد، وإنها بذلك تقضي على الفرص المتبقية لها بتحسين صورتها لدى المواطنين، وأن تستثمر ما تبقى وتبني عليه في المستقبل لاستعادة ما فقدته نتيجة ممارساتها الخاطئة في المرحلة الماضي.
خامسًا: وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، فيجب عليها القيام بالدور الوطني المنوط بها من خلال إرسالها رسائل مباشرة وغير مباشرة بالتأكيد على سلمية المظاهرات وإبراز الوجه الحضاري للثورة المصرية، وضرورة الحفاظ على سلميتها.
سادسًا: رجال الدين المسلمين والمسيحيين.. فبدلاً من قيام بعضهم بتكفير المشاركين في المظاهرات أمام الرئيس ونفر من جماعته، فعليهم تهدئة الأوضاع وإبراز الوجه الإنساني والحضاري للدين.
والخلاصة: إن الشعب المصري بميله نحو الوسطية الدينية والسياسية لن يرحم بأي حال من الأحوال أي فصيل سياسي يجر البلد والثورة المصرية إلى العنف حتى ولو بعد حين، وإن المشاركة الفعالة السلمية يوم 30 يونيو هي السبيل الوحيدة لتعديل وتصحيح مسار الثورة، فيا أهلاً بالمشاركة!.