الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بدل السكوت.. الرمز الغائب في برنامجَي السيسي وصباحي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أتحسس خطاه، ذلك القادم من نسيم الحقول، وروعة الفجر، وعذوبة النقاء. هنا خطت قدماه، وهناك لهج لسانه بحب مصر، وهناك وأراه التراب فنام راضيا مرضيا موقنا بأن الله لا يضيع أجر مَن أحسن عملا.
عن مصطفى النحاس أحدثكم، وأنا حزين، وغاضب، وقلق أنهم لم ينتبهوا إليه. لقد سمعت برامج وتصريحات مرشحي الرئاسة الاثنين المشير عبد الفتاح السيسي، وحمدين صباحى، وهالني ذلك التجاهل الغريب للرجل الأعظم والأكثر إنجازا في تاريخ مصر الحديث. لم يشر أحدهما إليه، لم يذكره أيهما عند استدعاء وقائع تغيير نحو الأفضل، ولم ترد إشادة به مثلما وردت إشادات عديدة ومتكررة بالرئيس جمال عبد الناصر.
وكأن تاريخ مصر الحديث بدأ ليلة 23 يوليو سنة 1952 وقبل ذلك لم تكن هناك دولة حديثة. وكأن القائد الذي بنى مصر هو عبد الناصر وليس مصطفى النحاس. تغييب غريب وتجاهل صريح لحقبة كانت الأعظم والأنبل في تاريخ مصر.
إن ناصر هو رمز الزعامة الكلامية، والحلم الخيالي الذي لا يعرف طريقه نحو التطبيق، وهو الاستبداد باسم "الأبوية"، والقهر تحت لافتة "المساواة الاجتماعية"، والنرجسية والفردية لدرجة التقديس والتأليه.
أما النحاس فهو الزعيم البسيط الذي يبني كل يوم صرحا جديدا. الرجل الذي فصل فصلا جميلا بين الدين والسياسة فانتصر كليهما. الوطني الذي يستمد قوته من تأييد الناس ومحبتهم، ويناور ويداور مستهدفا مصلحة مصر.
لا ينكر عالم بالتاريخ دور مصطفى النحاس في بناء مصر الحديثة التي ما زلنا نرفل في حريرها حتى الآن. هيئة البحث العلمي ولدت على يديه، جامعة الدول العربية كانت فكرته، هيئة الطاقة الذرية أسست على يديه، البنك المركزي المصري تشكل في عهده، الجهاز المركزي للمحاسبات ابن حكومته، وحتى اتحاد العمال كان من إنجازاته.
لولا النحاس ما دخل الضباط الأحرار الكلية الحربية، فقد أصر على السماح للطبقة الوسطى المصرية بالالتحاق في الكلية الحربية عندما وقع معاهدة 1936 مع بريطانيا. وشاءت الأقدار أن تسعى حكومات يوليو إلى طمس إنجازات الرجل، وتشوية دوره العظيم في بناء مصر الحديثة، وشطب تاريخه، وعلى نهج تلك الحكومات سار السادات ومن بعده مبارك ثم الإخوان.
لكن لأن الله يدافع عن الذين أنجزوا وحققوا وجاهدوا، فقد قيدني بعد أكثر من نصف قرن لأن أكتب لكم وللمتابعين للانتخابات الرئاسية هذا المقال، فإن الذكرى تنفع المصريين. والله أعلم.