الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

التليفزيون مصدر رئيسي لزيادة العنف عند الأطفال

صورة ارشفية
صورة ارشفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يشاهد طفل القرن الواحد والعشرين 200 ألف فعل عنف و16 ألف جريمة قتل على التليفزيون قبل بلوغه الثامنة عشرة، مع الإشارة إلى أن غالبية أعمال العنف في الأعمال الأميركية تمر من دون عقاب وتقدم بمظهر ترفيهي ومسلّ، هذا ما أظهرته أحدث الدراسات الأمريكية.

ومن هذه الدراسات واحدة شملت أكثر من 700 عائلة، واستغرقت نحو 17 عامًا في مراقبة هذه العينة، وقد اتضح أن للتليفزيون علاقة وثيقة بتعميم ثقافة العنف لدى الشباب، حيث أظهرت الارقام أنه مع ارتفاع عدد الساعات، التي يخصصها الفرد للتليفزيون يرتفع ميله إلى العدوانية، ففي حين اقتصرت نسبة الذين ارتكبوا أعمالا عدائية على 5.7 في المائة في صفوف الشباب، الذين تتراوح اعمارهم بين 16 و22 سنة والذين دأبوا منذ طفولتهم على مشاهدة التليفزيون أقل من ساعة يوميًا، ارتفعت النسبة نفسها إلى 22.5 لدى الذين يشاهدون التليفزيون بين ساعة وثلاث ساعات يوميًا.

أما الذين يتسمرون أكثر من 3 ساعات يوميًا امام الشاشة من الفئة نفسها فنسبة العنيفين منهم تصل إلى 28.8 في المائة، لكن العدوانية ليست الاثر السلبي الوحيد الذي يلحقه التليفزيون بالأطفال والشباب، فقد توصلت الدراسات إلى أن الأطفال الذين يواظبون على التسمر أكثر من 4 ساعات يوميًا امام الشاشة هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالكسل والبدانة.

كما أن الأكاديمية الامريكية لطب الأطفال، أوصت بضرورة تقنين الوقت المخصص للتليفزيون بعدما نجحت في الربط بين هذا الأمر ومشكلات العجز عن التركيز والانتباه لدى الأطفال الذين يمضون ساعتين يوميًا أمام الشاشة.

الخبيرة التربوية اللبنانية بولين الحاج والاختصاصية في علم النفس العيادي، الدكتورة رندة شليطا، والاختصاصية اللبنانية في طب الأطفال الدكتورة، حنان مصري أجمعتا على ضرورة مراقبة الاهل عن كثب لأطفالهم عبر تحديد ساعات المشاهدة اليومية على الا تتعدى الساعة ونصف الساعة لمن هم أقل من 12 عامًا وساعتين للمراهقين. كما شددتا على أهمية مراقبة نوعية البرامج التي يشاهدها الصغار لما لها من انعكاسات على سلوكهم فيما بعد.

عن الاضطرابات في سلوك الأطفال، قالت بولين الحاج: "أنا لست ضد التليفزيون إنما المشكلة أن هذا الجهاز بات الوسيلة شبه الوحيدة للترفيه، ونتيجة ذلك نشأت فجوة كبيرة بين ما تعمل الأنظمة التربوية على إرسائه في عقول التلامذة وبين ما يبثه التليفزيون من قيم وعادات سيئة من دون مراعاة أي معايير بالنسبة إلى أوقات المشاهدة". وانتقدت الحاج ما تبثه المحطات في فترات الظهيرة من أفلام أو برامج مخصصة للأطفال مليئة بمشاهد العنف. واعتبرت الأمر غير مبرر وغير مقبول إطلاقًا.

وأضافت: "العنف ينتشر في صفوف تلاميذ لا تتعدى أعمارهم اربع سنوات، فهم يحاولون تطبيق ما يرونه في البرامج على اصدقائهم، ذلك أن سنهم لا تسمح لهم بالتمييز بين ما هو واقعي وخيالي. مثلا، لا يفهم الطفل أنه إذا وجه لكمة قوية لصديقه على وجهه سيسبب له ضررًا كبيرًا، إنه ببساطة يعتقد أن أسنانه ستتساقط ثم تعود إلى مكانها بعد ثوان قليلة، كما يحصل في الرسوم المتحركة. كذلك يشاهد الطفل برامج يحق للبطل فيها اللجوء إلى العنف ليخلّص رفاقه من خطر محدق بهم، من دون أن يشعر بالذنب أو الخطأ لارتكابه أفعالا شنيعة.

في المقابل، نحاول في المدرسة تعليم الطفل اعتماد الحوار طريقة للتفاهم مع الآخر، فإذا أردنا الوصول إلى مجتمعات سليمة لا يسارع شبابها إلى حمل السلاح علينا البدء بإعادة النظر في طرق تربيتهم". وأوضحت: "أن معدلات تركيز هذا الجيل أقل بكثير من الجيل الذي سبقه بعشرة أعوام، إنه جيل لا ينجح في دروسه ولا يتمتع بالحد الأدنى من الإحساس بالمسئولية".

وبالنسبة إلى المراهقين، تقول: "حين يصل الطفل إلى المراهقة يصبح عدائيا، لا يجيد الحوار، ينفعل بسرعة لأنه لم يعتد على التعبير عن مشاعره، بل على الانزواء والوحدة. كذلك تتشكل لديه ثقافة مشوهة عن الحب والجنس وبعض الأطفال ينحرفون لاحقًا ويسلكون طرقا خاطئة بفعل الاعتماد على التليفزيون مصدرًا أساسيًا لتكوين معرفتهم".

وتتساءل مستغربة: "إذا كان الأهل يرفضون تدخل الاقارب في تربية أطفالهم، فكيف يقبلون أن يتولى التليفزيون عملية التربية ببث قيم خاطئة ومشوهة؟ على الأهل أن يمضوا بعض الوقت مع أطفالهم ومشاهدة البرامج معهم ومناقشتها وتوضيح أن ما يحصل في عدد من المشاهد هو خيالي ولا يمت إلى الواقع بصلة".

وعن التأثير النفسي خلال مراحل النمو المختلفة، تقول الدكتورة رندة شليطا أن "خطورة التليفزيون تكمن في سرعة الصور التي يبثها وفوضى الألوان والضوضاء. فهي تتغلغل في الدماغ أكثر وأسرع بكثير من مائة محاضرة، ذلك انها تجعل من مشاهدها متلقيا سلبيا لا متفاعلا، كما لا تتطلب منه أي تركيز، فحين يشاهد الطفل برنامجًا يكون مأخوذا كليًا بشكل لا يجيب حتى وإن نادته والدته أكثر من 10 مرات".

واعتبرت أن "استيراد الدول العربية برامج غربية للأطفال، يقضي على التعددية لاننا نرى نموذجا واحدا اينما ذهبنا وهذا يضعف مخيلة الطفل". وتضيف: "يجب أن يحاط الطفل من سنتين أو ثلاث إلى خمس أو ست بالأمان وأن يعلم أن والديه لن يتخليا عنه". ونصحت بان مشاهدة أفلام مخيفة أو عنيفة في هذه السن من شأنها أن تبعث على الخوف والقلق وعدم الأمان، كذلك الأمر بالنسبة للأعمال المبالغ في مثاليتها والتي تؤدي هي الأخرى إلى إرساء مفاهيم خاطئة.

ابتداء من سن السابعة يبدأ الطفل، حسب فرويد، باكتساب القيم والحس الجمالي والشعور بالمسئولية والتمييز بين الخطأ والصواب. وما أن يبلغ سن المراهقة، حتى تظهر عملية التماهي التي تتم بشكل غير واع. وبعد تخزين صور ومشاهد من التليفزيون والواقع يبدأ بتقليد شخصيات معينة.

وهنا لسوء الحظ يتشبه مراهقونا بنجوم مثل المغنية بريتني سبيرز المرأة التي حلقت رأسها أمام التليفزيون، كما تسعى بعض الفتيات إلى التماثل بعارضة الأزياء كايت موس التي لا يتعدى مقاس خصرها 32 سم بسبب ما تعانيه من مشكلات واضطرابات. وبكل اسف تردنا حالات كثيرة في صفوف المراهقين الذين لا يقوون على التمييز بين ما يضرهم وما هو لصالحهم".

وتتابع: "الكثير منهم يلحقون الأذى بأنفسهم ليس فقط عبر الافراط في ثقب اجسامهم وطبع الأوشام إنما عبر الانحراف كتعاطي المخدرات، وجرح انفسهم بآلات حادة عند مواجهة مشكلة ما، طبعا لا نحمل كل المسئولية للتليفزيون ولكنه ينقل نماذج وصورًا ليست صالحة للتماثل بها، خصوصا بعدما دخلنا عصر الفضائيات التي لا تحترم القواعد الأخلاقية البسيطة بالنسبة إلى الاوقات المناسبة للبث.

لكن الصورة ليست كلها قاتمة، فهناك برامج ديمقراطية العائلة النهج الصحي في تواصل الاباء مع الابناء ديمقراطية العائلة النهج الصحي في تواصل الآباء مع الابناء.
كيف تنمى في ابنائك روح الولاء والانتماء والعرفان بالجميل كيف تنمى في ابنائك روح الولاء والانتماء والعرفان بالجميل .

تعلّم الاهل تربية أولادهم واستيعابهم، وبرامج أخرى تعلّم حسن التصرف وحسن اختيار الملابس. فيا ليتنا ننتهج هذه الاساليب بدلا من اعتماد تليفزيون الواقع الذي يعمم السطحية والغباء". وتشير الدكتورة رندة شليطا إلى خطأ أن يجهز الآباء غرفة الأطفال بجهاز خاص "لأنه يشجع على عزلهم، فتضعف قدراتهم على التفاعل مع الآخرين.

فأحيانا من المفيد أن يتشاجر الاخ مع أخته حول ما سيشاهدان فهذا يساعدهما على تكوين شخصيتهما، كل ما أطلبه من الامهات عدم اعتبار التليفزيون بمثابة حاضنة للأطفال ريثما ينهون واجباتهم المنزلية، لا سيما حين يكون الطفل رضيعا. ففي هذه السن يكفي أن يلعب بلعبة صغيرة أو ينظر إلى حائط الغرفة الملوّن".

بدورها حذرت الدكتورة حنان مصري من خطورة "التسمر طويلا امام الشاشة والابتعاد عن ممارسة الرياضة، لأن الطفل، بذلك يعتاد على الخمول وتضعف عضلاته وتتراكم الدهون في الأماكن التي تفتقد الحركة. كما أن الجلوس بوضعية غير سليمة قد يؤدي إلى التواءات في العمود الفقري".

وأشارت إلى أن "الجوع الذي يتولد عند المكوث طويلًا لمشاهدة البرامج المسلية، المرعبة أو العنيفة، يشجع الأطفال على سده بما هو سهل المضغ وسهل التحضير. فأفضل ما يحصلون عليه هو السكاكر والبطاطا والاطعمة الجاهزة المليئة بالنشويات والدهنيات، فضلا عن المشروبات الغازية التي يؤدي الاكثار منها إلى السمنة المفرطة".

وعن الأمراض التي تنجم عن السمنة "التي تصيب حاليًا عددًا كبيرًا من اطفالنا"، قالت إنها "تزيد احتمالات الإصابة بالسكري في سن مبكرة. كما قد تؤدي إلى اضطرابات مبكرة في القلب والضغط والشرايين، ناهيك عن اضطرابات النظر، واضطرابات السلوك والتصرف غير المدروس".

ولفتت إلى أن "النوم قرب التلفاز هو نوم سببه الارهاق وليس الحاجة إلى النوم، وبالتالي عند الاستيقاظ صباحًا يكون الدماغ مرهقًا وغير قادر على التركيز في المدرسة، حض الصغار على ممارسة الرياضة ومراقبة ما يشاهدون عن كثب وتوجيههم حول البرامج والمدة المسموح بتمضيتها امام الشاشة، من واجب الآباء، حتى لا يشاهدوا برامج عنف يعمدوا إلى تقليدها".