الأحد 20 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

"دنشواي".. رمز كرامة وصمود المصريين


حادثة دنشواي
حادثة دنشواي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل محافظة المنوفية، اليوم، بعيدها القومي الـ107 في ذكري حادث دنشواي في يونيو 1906م، والتي تعد آخر فظائع المعتمد البريطاني اللورد “,”كرومر“,” في مصر.
وقعت حادثة دنشواي في نهار يوم الأربعاء 13 يونيو 1906م؛ حيث كانت مجموعة من جنود الإنجليز بقيادة الميجور “,”كوفين“,” يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة، وكان الميجور مغرمًا بصيد الحمام، فأقنع رجاله وهم: كابتن “,”بول“,”، وملازمان “,”بورثر“,” و“,”سميث“,”، وطبيب بيطري ملازم “,”بوستك“,” أن يتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواي.
بدأ الجميع في إطلاق الأعيرة لاصطياد الحمام بجوار الأشجار على جانبي الطريق الزراعي، ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل “,”بورثر“,”، و“,”سميث“,” داخل القرية لوجود أبراج الحمام، ويصوب “,”بورثر“,” بندقيته إلى برج الحمام الخاص بالشيخ محمد عبد النبي مؤذن القرية، فتفقد زوجة الشيخ وعيها بعد أن أصابها عيار طائش، فيطارد الأهالي الضباط ويطاردوهم، حتى أصيب أحد الإنجليز بضربة شمس ومات.
استغلت الإدارة البريطانية هذه الحادثة لإظهار قسوة شديدة ترهب الحركة الوطنية الصاعدة، وأصر اللورد “,”كرومر“,” الغاضب جدًّا مما حدث لضباطه وإهانتهم وموت أحدهم والقبض على بقيتهم من أهالي القرية، وصمم على الانتقام من أهل القرية وإلا سوف تكون العواقب وخيمة على مصر، وشكل محكمة مكونة من:
بطرس غالي رئيس المحكمة، وأحمد فتحي زغلول عضو المحكمة وكاتب حيثيات الحكم، وإبراهيم الهلباوي المحامي الذي عين من قبل المحكمة للدفاع عن المتهمين.
ومن المؤسف أن إبراهيم الهلباوي المحامي الذي من المفترض أن يدافع عن المتهمين كان يقوم بشرح أبعاد ما قام بها الأهالي ضد ضباط الجيش الإنجليزي، وانتهت المحاكمة إلى إعدام أربعة وجلد اثني عشر، والحكم بالأشغال الشاقة على الباقين.
استغل مصطفى كامل الحادثة في التنديد بالاحتلال في كل من مصر وأوروبا، فقامت إنجلترا بسحب اللورد “,”كرومر“,” في أبريل 1907م، وعينت “,”جرورست“,” Sir Eldon Gorst معتمدًا بريطانيًّا خلفًا له في مصر.
كما هاجمت صحيفة اللواء التي أنشأها مصطفى كامل، رئيس الوزراء المصري بطرس باشا غالي لموالاته للإنجليز، وإصداره أحكامًا بالإعدام والجلد في حادثة دنشواي؛ مما أثار المصريين ضده حتى قام شاب يُدعى إبراهيم الورداني باغتياله عام 1910م أثناء خروجه من مقر رئاسة الوزراء.
أدرك مصطفى كامل ضرورة تنظيم الجهود الوطنية بعد حادثة دنشواي، فأنشأ نادي المدارس العليا والحزب الوطني في ديسمبر 1907، وأصدر طبعتين إنجليزية وفرنسية من جريدة اللواء للقارئ الأوروبي.
‏‏وفي أكتوبر ‏1906‏ كتب الشيخ علي يوسف، رئيس تحرير جريدة المؤيد، سلسلة مقالات يهاجم فيها اللورد “,”كرومر“,” عند عودته إلى مصر تحت عنوان:‏ “,”في قصر الدوبارة بعد يوم الأربعاء‏ هو يوم مأساة دنشواي“,”.
‏وقال شاعر النيل حافظ إبراهيم‏ في هذه الذكرى:‏ قتيل الشمس أورثنا حياة‏..‏ وأيقظ هاجع القوم الرقود‏.. ‏فليت “,”كرومر“,” قد بات فينا‏.. ‏يطوق بالسلاسل كل جيد‏.. ‏لننزع هذه الأكفان عنا‏.. ‏ونبعث في العوالم من جديد‏.
‏‏وقال قاسم أمين بعد الحادث‏:‏ رأيت عند كل شخص تقابلت معه قلبًا مجروحًا ورعشة عصبية في الأيدي وفي الأصوات‏.. ‏كان الحزن على جميع الوجوه‏.‏
وتخليدًا لذكرى حادث دنشواي تم اختيار هذا اليوم ليكون عيدًا قوميًّا للمحافظة حيث تم إنشاء المتحف عام 1963 على الأرض نفسها التي شهدت تفاصيل الحادثة، وتمت فيها محاكمة الفلاحين المصريين، ثم أعيد بناء المتحف ليصبح متحفًا ضخمًا ومؤسسة ثقافية فنية تاريخية، وتم إعادة افتتاحه رسميًّا في 1 يوليو 1999 لتخليد دور هذه الحادثة الوطنية، وقد صُمم المتحف على يد المهندس هاني المنياوي.
ومنذ هذا اليوم اتخذ أهالي المنوفية هذه الذكرى رمزًا للكرامة والصمود ليحتفلوا كل عام بها، وسط ماض يذكرهم بالتضحية والفداء، ومستقبل يطالبهم ببذل الغالي والنفيس من أجل وطنهم.