الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

عام 2012.. وحماقات أعيت من يداويها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

· يطلق البعض على سنة 2012م عام القلق والخوف والتربص.. ويطلق عليه البعض عام الاحتراب الأهلي والعنف المجتمعي في مصر.. ويطلق عليه البعض عام الصراع بين السلطة التنفيذية والقضائية.. ويطلق عليه أيضًا عام حصار المؤسسات السيادية.. فقد حوصرت فيه كل المؤسسات السيادية تقريبًا.
· ويطلق عليه أيضًا عام تحطيم مقرات الأحزاب، مثل حزب الحرية والعدالة والوفد.. ويطلق عليه أيضًا عام حصار المساجد.. ويطلق عليه أيضًا عام التفحش في الخطاب الدعوي.
· وهذه التسميات صحيحة كلها.. ولكني أطلق على عليه: «عام الحماقات السياسية».. فقد وقعت قوى سياسية كثيرة في حماقات لم يكن يتصورها أحد.. ويمكنني ذكر أهم حماقات ذلك العام فيما يلي:
1. إعلان «طارق الشحات» الشرك بالله بعد يأسه من ترخيص الحكومة له بـ“,”كشك“,” يعول به أسرته.. لأنه مريض بالسرطان ولا يجد عملاً.. فتقصير الحكومة أو الخلق جميعًا مع الإنسان لا يبيح له أن يجحد ربه.. فإذا جحده الخلق لجأ إلى الحق سبحانه وهرب إليه.. وقد جحدني كثيرون ممن أحسنت إليهم فما زادني ذلك إلا تعلقًا وحبًّا لله.. الذي إن اقتربتَ منه شبرًا اقترب منك ذراعًا.. وإن اقتربت منه ذراعًا اقترب منك باعًا.. وإن أتيته تمشي أتاك –سبحانه- هرولة.. وأنا اعتبر –كطبيب- أن أمثال طارق يمرون بحالة اكتئاب وفقدان للاتزان النفسي.. وأرجو أن يتوب إلى الله ويرجع إليه.. فعنده سبحانه ما هو أعظم مما عند حكام الدنيا جميعًا.. ولكن المصيبة أن ينشر الإعلام ذلك على نطاق واسع.. أما المصيبة الأعظم فهي إلصاق مسئولية شرك طارق بربه بالدكتور مرسي؛ في مزايدة رخيصة ليس لها أي مبرر.
2. من أكبر المصائب التي لحقت بالدعوة الإسلامية في سنة 2012م هو ظهور التفحش والبذاءة، وشيوعه في الخطاب الدعوي، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم صدع بالحق كاملاً ولم يقل كلمة فحش قط.. فـ « ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا » ، كما ورد في الصحيحين.
3. أما المصيبة الأكبر والأعظم فهي عدم اعتذار هؤلاء عن خطاب التفحش الذي انطلق من ألسنتهم.. بل وتبرير ذلك بأسوأ تبرير حدث في تاريخ الإسلام كله.. إذ انبرى أحدهم يقنع الناس بأن الله ينطق أيضًا بكلمات السب والفحش في القرآن العظيم.. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.. وتنزه سبحانه أن تكون كلماته كذلك؛ فهو سبحانه الآمر لعباده المسلمين بقوله تعالى: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ .. فلم يقل القرآن «وقولوا للمسلمين حسنا»، ولكن قال: «للناس حسنًا».. كل الناس مسلمهم وغير مسلمهم.. من تحب ومن لا تحب.. من معك ومن ليس معك.
والعجيب أن هؤلاء أرادوا أن ينقذوا أنفسهم من اللوم فسبوا الله دون قصد، واعتدوا على الذات العلية المتنزهة عن كل عيب.. والتي لا تقول إلا طيبًا.. ولا تقبل إلا طيبًا من القول والعمل.
4. ومن المصائب الدعوية الكبرى في سنة 2012 ظهور خطاب التنفير لا التبشير.. والتفريق لا التجميع.. والهدم لا البناء.. والتكفير والتبديع والتفسيق للآخر.. مع أن الدعاة مهمتهم الأصلية إدخال الناس في الدين، وليس إخراجهم منه بتفسيقهم أو تبديعهم أو تكفيرهم.. فنحن دعاة لا قضاة.. ونحن هداة لا بغاة.. مما أدى إلى تآكل الرصيد الدعوي للحركة الإسلامية بين صفوف الشعب المصري، الذي ضاق ذرعًا بهذه الطريقة السيئة في الدعوة إلى أعظم وأطيب وأرحم دين.. لقد كاد الخطاب الدعوي المعتدل والوسطي والعفيف أن يغيب بين مطرقة التكفير وسندان التفحش.
5. وقوع كثير من قوى الثورة والمعارضة في البذاءة والتفحش حيال الآخرين.. ولك أن تنظر فقط إلى الشعارات البذيئة التي كتبت على جدران القصر الجمهوري بالاتحادية؛ لتدرك مدى التدني الأخلاقي الذي وصلت إليه بعض فصائل المعارضة.. ومدى التدني الأخلاقي الذي وصل إليه الكثير من المصريين بعد الثورة.. وكأن هذه الثورة جاءت لتخرج أسوأ ما في الإنسان المصري.
6. ومن حماقات العام الماضي الكبرى أيضًا سعي بعض القوى السياسية في المعارضة المصرية إلى حرق الأرض تحت أقدام د. مرسي.. وسلبه كل حسناته وتضخيم كل سلبياته.. وهذا يذكرني بما حدث في السبعينيات، حينما حرقت القوى اليسارية والناصرية الأرض تحت أقدام السادات، وحولت نصر أكتوبر إلى هزيمة، وحولت هزيمة 5 يونيه إلى نصر.. وكان السبب الرئيسي في ذلك كراهية السادات وعدم الإنصاف معه.. والآن يسعد البعض لفشل الرئيس مرسي أكثر من سعادته بنجاحه.. ناسيًا أن فشله هو فشل لمصر.. ونجاحه هو نجاح لمصر.. وليس فشلاً أو نجاحًا للإخوان.. والمتجرد هو من يريد الخير لمصر، حتى لو لم يتحقق ذلك على يديه.
7. حصار مسجد القائد إبراهيم وبداخله شيخه الكريم، أحمد المحلاوي، وتحطيم نوافذه، وقذفه بالطوب والحجارة.
8. ضمور العقل السياسي المصري الذي أراد أن يحتفل بشهداء محمد محمود بتكرار الأمر بكل تفاصيله.. ليسقط المزيد من القتلى والجرحى، وتحرق مدارس مثلما حرق المجمع العلمي من قبل.. ولا أدري ماذا سنفعل في السنوات المقبلة؟!!
9. افتتاح فرع جديد لتنظيم القاعدة في مصر ولكن باسم آخر.. وتدشين هذا الفرع فكريًّا وتنظيميًّا.. وربنا يستر على الباقي.
10. التوظيف السياسي من بعض المعارضة لأطفال الشوارع تارة، والبلطجية أخرى؛ للقيام بأدوار العنف المختلفة.. وهذه جريمة سياسية وأخلاقية.
11. اهتمام بعض الإسلاميين ومعارضيهم بالصراع السياسي أكثر من اهتمامهم بمشكلات المواطن المصري البسيط والفقير.. مما أدى إلى كراهية المواطن البسيط للساسة والسياسة.
12. لجوء المعارضة إلى الاستقواء بالخارج في مواجهة مصر؛ ظنًّا منها أنها تواجه الرئيس وليس الوطن.. حتى الاتحاد الأوربي، الذي أعجب مندوبوه من قبل بالدستور، يرفض الدستور فور الاستفتاء عليه.
13. أصر عام 2012 ألا يغادرنا بحماقاته.. ففي آخر يوم منه سطر رئيس تحرير الأهرام مقالاً غاية في السوء، شتم فيه أكبر وأهم رمز للوسطية الإسلامية والمعلم الرئيسي لها في العالم كله، الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، الذي يُعَدُّ العالِم الأهم في دفع الحركة الإسلامية للوسطية والاعتدال في العصر الحديث.