السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

ليوناردو دافنشي.. أسطورة خلدتها الموناليزا

ليوناردو دافنشي
ليوناردو دافنشي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هو واحد من أبرع من عرفتهم البشرية في فن النحت والرسم والهندسة المعمارية، كان شغفه الدائم للمعرفة والبحث العلمي من أهم الأسباب التي جعلت منه واحدًا من أهم فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق إنه "ليوناردو دافينشي".
ولد دافنشي في عام 1452 في توسكانيا، عاش حياة عائلية غير مستقرة وعايش ظروفًا اجتماعية مضطربة ساهمت في فقدان العديد من أبحاثه وأعماله الفنية، تنقل بين العديد من بلدان العالم منها فلورنسا وميلانو وروما والبندقية وفرنسا وهذا الأمر يجعل أعماله منتشرة في جميع بلدان العالم.
واقترن اسم دافنشي بالعبقرية، فلم تكن أعماله مقصورة على الرسم والنحت وأعمال الجداريات والفنون التشكيلية والرسومات الهندسة المعمارية، بل امتدت عبقريته لتجعل منه خبيرًا في علم التشريح والنبات والرياضيات والطبيعيات والزراعة وبناء السدود، إضافة إلى أنه كان فيلسوفًا وموسيقيًا.
ومما يثير دهشة الكثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين الذين ينظرون إلى علومه وفنونه ودرره النادرة، أنها أنتجت في عصر من عصور الجهل، فهو لم يتلق علومه في كلية أو جامعة، وإنما وصل إلى ما وصل اليه بجهوده الذاتية وذكائه المتقد ومقوماته الشخصية وسماته الذاتية التي ساعدته كثيرًا في الوصول لما كان يصبو إليه.
تميزت شخصية ليوناردو دافنشي بالعديد من المقومات التي ساعدته كثيرًا في تحقيق نجاحاته فقد كان لماحًا بشكل مثير ولافت واستطاع أن يحرز مكانة اجتماعية مرموقة، إضافة إلى كونه لبق الحديث والتعامل يستطيع العزف بمهارة على قلوب من حوله إضافة إلى قدرته الرائعة على الإقناع.
رغم عدم حصوله على قدر كاف من التعليم، فقد التحق ليوناردو دافنشي عام 1466 بمشغل للفنون يملكه أندريا دل فروكي الذي كان فنان ذلك العصر في الرسم والنحت مما مكن ليوناردو من الإبحار عن قرب في عالم الرسم والفن، وبالأخص النحت والرسم، فأصبح عضوا في دليل فلورنسا للرسامين سنة 1472، وفي سنة 1476 استمر الناس بالنظر إليه على أنه مساعد "فروكي "، حيث كان يساعد "فيروكيو" في الأعمال الموكلة إليه في الرسم، وفي عام 1478 استطاع ليوناردو دافنشي الاستقلال بهذه المهنة وأصبح رسامًا مستقلًا، وتفرغ لمشروعاته المختلفة والمتعددة، ومن أغرب ما قيل عنه أنه كان يترك عملًا فنيًا لم يكتمل ويتجه إلى أبحاثة ودراساته في مجال النبات أو الهندسة المعمارية أو الجيولوجيا أو العلوم الفيزيقية.
كانت حصيلة ليوناردو دافنشي الأكبر في مجمل أعماله متركزة في مجال الرسم والتصوير، فقد كان لدافنشي إبداعات لا تعد ولا تحصي وكان له ابتكارات تفوق بها على العديد من المدارس الموجودة في إيطاليا في ذلك الوقت، وقد عرفت أعماله ببعد مرماها وعمق دلالاتها وقد وضع في كتابه "كتاب التصوير" مجمل آرائه ونظرياته حول تأثير الطبيعة على فن التصوير وعلاقة الضوء والظل وتوزيع الفراغ بالأعمال الفنية.
أبدع ليوناردو في العديد من أعماله وكان من أهمها أثناء إقامته في ميلانو لوحة "عذراء الصخور" التي طلب منه أن يرسمها لتزيين كنيسة في ميلان عام 1483، وقد رسم ليوناردو "عذراء الصخور" مرتين إحداهما موجودة في متحف اللوفر الآن، والأخرى موجودة في المتحف الوطني بلندن.
ويعتبر من أشهر جداريات ليوناردو دافنشي جدارية" كنيسة سانتا اريام" في ميلانو بإيطاليا والتي تعتبر من الجداريات الأسطورية ليس في تاريخ ليوناردو فحسب وإنما في تاريخ فن الجداريات منذ قدم التاريخ، فهي في روعتها تكاد تتساوي في الإبداع مع جداريات الحضارة الفرعونية القديمة التي نحتت منذ آلاف السنين على جدران المعابد، فقد استطاع دافنشي أن يضمن جدارية "العشاء الأخير" العديد من الرموز والاسرار، وباءت جميع محاولات فك الشفرات الخاصة بالجدارية بالفشل، فقد أختار دافنشي لحظات ساكنة يعكف فيها كل استاذ إلى تلاميذه – كما يظهر في اللوحة- واختار لحظة الذروة التي يشير فيها السيد المسيح إلى أن أحدهم سيخونه، وهذه كانت هي لمسة العنصر الدرامي الذي ميز العمل وحوله من عمل بصري جامد إلى قطعة فنية درامية تتسم بوحدة التكوين وترابطه.
كما قام برسم العديد من اللوحات إلا أن أغلبهم فقد أو ضاع، ولم ينج منها إلا أعمال محدودة إضافة إلى لوحته الخالدة والأكثر شهرة على الإطلاق في العالم وهي لوحة "الموناليزا" أو "الجيوكندا" التي بدأ برسمها في عام 1503، وانتهى منها بعد أربعة أعوام، ويقال أنها لسيدة إيطالية تدعى ليزا كانت زوجة لتاجر فلورنسي يدعي فرانسيسكو جيوكوندو كان صديقًا لدافنشي، ومن أهم ما يميز لوحة الموناليزا هو نظرة عينيها والابتسامة الغامضة التي تخفيها وقد اختلف النقاد حول هذه اللوحة، فالبعض قال أنها تحتوي على العنصر الأنثوي والذكوري في نفس الوقت والبعض الآخر قال أن دافنشي رسمها مطابقة لأبعاد وجهه مع اختلاف التفاصيل والبعض قال أن الابتسامة كانت لأم دافنشي الذي أراد أن يخلدها بعد وفاتها كما طرح بعض النقاد فكرة العقدة الجنسية المكبوتة لديه، وعلي اختلاف آراء النقاد والمدارس الفنية تبقي الحقيقة الساطعة للجميع وهي أن دافنشي كان مبدعًا مجددًا تخطي حدود العقل في أعماله التي حيرت الكثير من الباحثين الذين مازالوا حتى الآن يبحثون عن سر شفرة دافنشي.