الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

فارس بني خيبان..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في زمن خلا من الفرسان والفروسية، ومن المعلقات الشعرية، ومن أبيات الحماسة والفخر، والذين يبيتون على الطوى حتى ينالوا “,”كريم المأكل“,”، في زمن قال عنه نزار قباني: “,”زمن العنتريات التي ما قتلت ذبابة“,”، ووصف مظفر النواب “,”عرَبَه“,” بـ“,”أولاد قُراد الخيل“,”..
في زمن تبيت دول وشعوب متخمة ومرهقة من الترف، وبجوارها دول “,”شقيقة“,” يأكل الناس فيها بعضهم البعض، ودول أخرى “,”شقيقة وصديقة“,” يكون الطبيعي أن يموت المرء فيها جوعًا، في زمن صار فيه المسلم عدوًّا للمسلم، والصهاينة أقرب للحكومات “,”من حبل الوريد“,”، وتحولت فيه الجيوش الجرارة إلى ميليشيات متناحرة، أو طوابير عروض عسكرية تجعل النساء في الشرفات تشهق “,”انبهارًا“,” لكنها لا تصنع “,”انتصارًا“,” كما أقر بذلك أمل دنقل.
في زمن أصبح فيه الرؤساء سماسرة والملوك مُرابين، والشعراء أحذية لمّاعة، والكتاب قوادين، والعاهرات سيدات مجتمع، والراقصات عناوين “,”المراحل“,”، والعلماء غرباء ومنفيين، في زمن مأفون مصاب بالإيدز والهربس والإكزيما والجمرة الخبيثة؛ حيث المشافي تتاجر بالأعضاء وتنقل من يدخلها إلى رحمة الله، أو تغلق في وجهه أبواب الرحمة..
في زمن يكفر فيه الفقير لأن الرب لم ينصفه، ويكفر فيه الغني لأن الرب لم يردعه عن النهب، في زمن تصبح فيه الأوطان مجرد أغنية تذاع في المناسبات، والثوار زوائد دودية عن النظام العام..
في زمن كهذا، ينتظر الجميع فارسهم المخلّص، الذي سيأتي على حصان مطهم وفي يده سيف العدل وميزانه، وفوق هامته راية شهباء يتموضع فيها نسر جامح بعينين ثاقبتين، مميزًا الراية التي ستجمع تحت ظلالها كل ملوك “,”الطوائف“,” الذين ذُلوا في تفرقهم وصاروا نهبًا لكل لصوص الدول.
لكن المِخيال الشعبي وضع صفات متعددة لهذا الفارس المخلص فقال: “,”فيه عدل الفاروق، ودهاء بن الوليد، وحكمة علي، وجسارة صلاح الدين، وإخلاص عبد الناصر“,”.
وقال شعراء الربابة على أبواب القرى المنسية: فيه أيضًا بطولة أبي زيد الهلالي، كما قال بائع متجول أنه رآه في طريق منعزل ينفض عن ملابسه أتربة الطرق ووعثائها بعد أن أنقذ فتاة من الاغتصاب الجماعي، وأعادها لأهلها الذين قتلوها من فورهم دفاعًا عن الشرف التليد، وقال نمامون ينتشرون في الطرقات الترابية أنه سيسافر إلى تونس أولاً، وهو ما أعطى انطباعًا بصحة ادعاء شعراء الربابة أنه أبو زيد الهلالي.
ومع ذلك لم يظهر في يناير، ثم لم يظهر في بقية شهور السنة، حتى أعلن “,”مجلس المشير“,” في السنة التالية الاحتكام للغة الصندوق الانتخابي، وفتح باب التسجيل للفرسان الذين سيرد واحد منهم فقط على دعوة العروس ويتمم الزفاف السعيد، لكن الأيام مرت، وجبل الآمال يكبر، والأحلام بالغد المشرق تزداد اشتياقًا، وبدأ أصحاب الفرح يصطفون ليقولوا كلمتهم، حتى فوجئوا آخر الأمر برجل جهم القسمات يمشي مشي الفقمات، قبل أن يعتلي ظهر حمار أهزل ووراءه جماعات ووحدانًا، فرحين مستبشرين باحتلال قصر الاتحادية وهم يهللون ويكبرون “,”بفتح مصر“,”.
ولأن العروس أصيبت “,”بسد“,” النفس، وحاولت قبول هذا الفارس الخيبان، الذي يبدو أنه “,”ما لوش في النسوان“,”، وامتصت أطنانًا من الليمون، لكنه أثبت لها بالقول وبالفعل أنه ما “,”لوش في الطور ولا الطحين“,”، وأنه لا يجيد حتى الحديث العادي.
العروس الآن تطلب الخلع؛ لأن ما تزوجته من “,”أشباه الرجال“,”، ولها الحق في ذلك؛ لأن عروسًا مثل مصر تستأهل من هو أفضل وأكثر رجولة ونخوة، ويكفي ما حدث من خداع، رغم أن البداية كانت “,”مبشرة“,” بكل “,”الخوازيق“,”.. فقد تمخض الجبل.. وولد “,”مرسي“,”..!!