السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قراءة في ميثاق الشرف الإعلامي (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من تحفظ الإعلاميين وأساتذة وخبراء الإعلام على تدخل الحكومة بشكلٍ سافر في إصدار ميثاق شرف مهني يجب أن يقوم على إصداره -كما أسلفنا- الإعلاميون أنفسهم والاستعانة بمن يروْن من الأكاديميين أو الجمهور المستهدف بالمادة الإعلامية، فإننا نرى أنه من المفيد أن نقوم بقراءة تحليلية ونقدية لهذا الميثاق بُغية عرض الموضوع من مختلف جوانبه.
وفي البداية نقول: إن مشروع الميثاق رغم اللغط والجدل الذي أثير حول طريقة إصداره ليس سيئًا تمامًا، حيث توجد به بعض الجوانب الإيجابية التي يُمكن أن تؤخذ في الاعتبار في أيِ ميثاق يضعه الإعلاميين، ومن بين هذه الجوانب الإيجابية:
أولًا: ما ورد في المواد من المادة الثامنة وحتى المادة الثانية عشرة من باب الواجبات التي يجب أن يلتزم بها الإعلاميون، من حيث الامتناع عن التشهير أو التحريض على الكراهية أو العنف أو الإرهاب أو التمييز على أسس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو الأصل أو المستوى الاجتماعي، وهى مسألة مهمة في ظل الانقسام الذي تعيشه مصر في المرحلة الراهنة، وحالة الاستقطاب المتبادلة، علاوة على وجود ديانات ومذاهب مختلفة يجب أن تتعايش سويًا في نسيج وطني واحد. هذا علاوة على ضرورة البعد عن إثارة الشك والشائعات والأخبار الكاذبة وعدم إذاعة ما يدعو إلى الإحباط أو تثبيط الهمم والروح المعنوية للشعب، وهى الحرب النفسية التي يحياها الشعب المصري منذ فض اعتصامي رابعة والنهضة، بالإضافة إلى عدم تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة في الدعاوى الجنائية أو المدنية بطريقة تستهدف التأثير على صالح التحقيق أو سير المحاكمة، والالتزام بحق الرد والتصحيح، وعدم الترويج للسلوكيات الإجرامية والإغراء بتقليدها.
ثانيًا: يحث الميثاق الإعلاميين في مادتيه السابعة عشرة والثامنة عشرة من باب الواجبات على الارتقاء بالذوق الفني والجمالي العام وتنمية الملكات والمواهب، ونشر الوعي البيئي، وهى كلها أمور لا خلاف عليها، بل هي واجبة في ظل تردي الذوق العام المصري في الآونة الأخيرة.
ثالثًا: وثمة مادة مهمة وهي المادة (19) في باب الواجبات، وهي تمثل أرقًا دائمًا لضيوف ومشاهدي البرامج المختلفة ولا سيما برامج التوك شو، وهي مراعاة أصول الحوار وآدابه واحترام ضيوف الحوار وحقهم في تقديم أنفسهم وشرح آرائهم وكذلك حق المواطنين في المعرفة وعرض وجهات نظرهم على اختلاف توجهاتهم في الموضوعات الجماهيرية، حيث يفهم بعض مقدمي هذه النوعية من البرامج –للأسف الشديد- أن التوك شو معناه أن يستعرضوا مهاراتهم في الحديث لأطول وقت ممكن على حساب الضيوف.
رابعًا: كما أن المادة (20) من باب الواجبات والتي تقضي بالالتزام بمعايير الجودة المهنية والأمانة والحياد في المحتوى الإعلامي والالتزام بعنصري الحقيقة والعدالة في العرض مع التأكد من مصادر المعلومات وذكر المصدر كلما أمكن هي من صميم العمل الإعلامي الذي يتسم بالدقة والشفافية والنزاهة والمهنية.
خامسًا: كما أن المادتين (21) و(22) من باب الواجبات من حيث الامتناع عن بث المشاهد الخليعة أو الخارجة عن اللياقة والحشمة أو العبارات أو الإيحاءات أو الإشارات أو المعاني البذيئة أو الإباحية والجنسية الفجة التي تخرج عن الذوق العام، ومراعاة عرض الأفلام والمسرحيات والمواد الفنية مصنفة حسب الفئات العمرية حماية للأطفال والنشء، فهذا أيضا لا خلاف عليه للحفاظ على أخلاقيات المجتمع وتقاليده، بالإضافة إلى أن عملية تصنيف الأفلام حسب مدى ملاءمتها للفئة العُمرية ووضع تنويه بهذا قبل عرض الفيلم يُعد تقليدً راسخًا في القنوات التليفزيونية
الغربية، ولعلنا نلاحظ ممارسة إعلامية مثيلة على قنوات "شو تايم".
ورغم هذه الجوانب الإيجابية التي رصدناها في مشروع ميثاق الشرف الإعلامي، إلا أن هذا المشروع لم يخلُ من عديد من السلبيات التي ربما جاءت تكرارًا لما وقعت فيه مواثيق الشرف الإعلامي في الدول العربية والإسلامية.. وهذا ما سنتحدث عنه في المقال القادم.