الإثنين 07 أبريل 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

محمد يسري يكتب: لماذا تعجز الجماعات الإسلامية عن الاستمرار في السلطة؟

ارشيفية
ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 لماذا ترفض الشعوب الإسلامية فكرة الإسلام الحركي وتسيس الدين؟

دراسة تجارب طالبان والإخوان المسلمين تكشف رفضهم تلبية مطالب الشعب وعدم الحفاظ على الاستقراريين الداخلي والخارجي

الاستحواذ ونفي الآخر قواسم مشتركة بين تجربتي جماعة الإخوان وحركة طالبان 

السيطرة وإنكار الواقع أبرز اسباب الفشل 

 

 

 

تخبرنا صفحات التاريخ الإسلامي، سواء في التاريخ المبكر أو العصور الوسطى أو حتى العصر الحديث عن نمط متكرر من النجاح المؤقت لجماعات إسلامية، تمكنت في لحظة تاريخية معينة من الوصول للسلطة، لكنها لم تدم طويلًا إذ في الغالب ما يعقبها فشل طويل الأمد، نتيجة العديد من العوامل الذاتية الخاصة بها مثل الصراعات والانشقاقات الداخلية، أو العوامل الخارجية التي لا تعترف بها، أو تعارضها وتظل تحاربها إلى أن يُكتب لها السقوط. وخلال التقرير التالي نحاول فيه تقديم مقاربة تحليلية لفهم الديناميكيات السياسية والاجتماعية والدينية المرتبطة بتلك الجماعات في عصرنا الحاضر، وعوامل نهضتها وسقوطها. من خلال طرح عدد من النماذج التي وصلت إلى السلطة التي لم تدم طويلًا لها.

 

نظرة تاريخية

 

الإسلام السياسي، أو تسييس الدين الإسلامي كان أول فتنة ظهرت في تاريخ المسلمين بعد حروب الردة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وبعد أن تمكن الخليفة الأول للمسلمين أبو بكر الصديق رضي الله عنه، من القضاء على هذه الفتنة الأولى ظهرت فتن أخرى كان أخطرها الخلاف السياسي، الذي بدأ على يد الخوارج الذين كفروا المسلمين وحاولوا تقسيمهم والوقيعة بينهم في ذلك العصر المبكر النقي من تاريخ الإسلام، وظلت هذه المشكلة ضاربة بجذورها في الأمة الإسلامية وامتد تأثيرها العميق إلى اليوم، وكم هدمت دول وشردت شعوب، وكم أريقت بسببها الدماء الزكية.

وبعد انقضاء العصر الأول للإسلام جاء عصر الدول والدويلات، التي شهدت الكثير من الأحداث التاريخية المهمة سواء في عهد بني أمية أو الدولة العباسية، التي ظهرت خلالهما الدويلات الإسلامية التي يمكن أن نطلق عليها بوادر الإسلام السياسي نتيجة تسييس الدين في ظل الظروف السياسية، التي هيمنت على الدولتين، فظهرت الدعوات الانفصالية، والشعوبية والأممية، وشهدنا انقسام العالم الإسلامي إلى دويلات في الشرق وفي الغرب. 

وفي العقود الأخيرة، شهدت المنطقة العربية والإسلامية صعود العديد من الجماعات الإسلامية إلى السلطة، مستغلة الأزمات السياسية والاجتماعية لتحقيق نفوذ سياسي. إلا أن هذه الجماعات غالبًا ما واجهت إخفاقات في إدارة الحكم أدت إلى سقوطها. يهدف هذا المقال إلى تحليل عوامل صعود هذه الجماعات وأسباب فشلها، من خلال دراسة تجارب طالبان في أفغانستان، وجماعة الإخوان المسلمين في السودان، ليبيا، ومصر.

 

طالبان في أفغانستان.. 

الوصول الأول إلى السلطة 1996-2001

بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان في 1989، غرقت أفغانستان في حرب أهلية بين الفصائل المحلية المختلفة والتي اختلطت بالكثير من العناصر ذات المشارب والألوان والأطياف المختلفة التي غذتها عوامل الدعوة للجهاد العالمي نهاية السبعينيات من القرن الماضي. وفي ظل هذه الظروف، ظهرت حركة طالبان الأفغانية كقوة منظمة وذات رؤية دينية واضحة تتماهي مع الإطار العام لنشأتها كحركة دينية سياسية في آن واحد ترفع شعارات الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مناطق نفوذها، وفي الوقت نفسه كانت حركة مناوئة لغيرها من الجماعات والأحزاب الأخرى. ثم تهيأت الظروف لصعود تلك الحركة في التسعينيات نتيجة لتداخل عدة عوامل:

الوضع السياسي والعسكري

استغلت طالبان الفوضى العارمة والاقتتال الداخلي لتقديم نفسها كبديل قادر على تحقيق الأمن والاستقرار، وتمكنت الحركة بالفعل من الهيمنة على مساحات واسعة من الأراضي الأفغانية خاصة في مناطق نشأتها ومركزها الرئيس في إقليم قندهار بقلب أفغانستان، إذ كانت الجماعات والحركات المناوئة لها أقل منها قوة وهو ما أثبتته الأيام بعد ذلك وقد تمكنت الحركة في موجة صعودها الأولى من تكسير عظام تلك الكيانات والأحزاب، واستقرت لها الأحوال وحدها فقط على الساحة بعد صراع طويل بينهم، تمكنت الحركة من الانفراد بالسلطة واستقرت لها الأمور وباتت كل الكيانات المناوئة لها كيانات معارضة ضعيفة لا تمتلك ما تمتلكه طالبان من قوة ونفوذ داخل البلاد وخارجها، تدعمها فصائل أخرى خارج البلاد خاصة على الحدود الباكستانية وفرعها الثاني في باكستان حركة تحريك طالبان.

 

الدعم الشعبي

تمكنت من كسب تأييد السكان المحليين من خلال فرض النظام والقضاء على الفساد والجريمة، إذ ظهرت حركة طالبان في البداية كمدافع شرس وقوي على الحقوق وعن الأمن في مناطق نفوذها التي كانت تنتشر فيها الجريمة بشكل بشع قبل ظهور حركة طالبان التي لم تكن تظهر في البداية غير أنها مجموعة من المدافعين عن حقوق المدنيين من طلبة العلم الذين تلقوا تعليمهم في مدرسة دار العلوم الديبوندية وامتداداتها في الهند أو باكستان وأفغانسان وشهد إقليم قندهار والمناطق المحيطة به نشاطًا واسعا من عناصر الحركة، أدت إلى اكتسابها أرضية شعبية واسعة النطاق نظرًا للظروف الأمنية التي ظهرت فيها الحركة والعمليات التي نفذتها عناصر الحركة للدفاع عن المدنيين إزاء انتشار الجرائم والانفلات الأمني، وبالفعل تمكنت الحركة خلال فترة ما قبل الصعود من اكتساب أرضية واسعة النطاق بين قبائل البشتون الذين  يمثلون أكثر من 90% من مكونات الحركة واستفادت طالبان من انتشار البشتون الواسع في البلاد.

 

الدعم الخارجي

 تلقت دعماً لوجستياً وسياسياً من باكستان التي كانت ترى في البداية أن طالبان تعتبر وسيلة لتحقيق نفوذها الإقليمي في ظل ظروف إقليمية ودولية متقلبة خلال حقبة التسعينيات وما بعدها إضافة لوجود قوي لحركة تحريك طالبان الباكستانية التي تعد الفرع الثاني للحركة في الأراضي الباكستانية والتي تعتبر المركز الرئيس لفترة حضانة حركة طالبان علميا وحركيا وسياسيا.

 

قصر الرئاسة

بعد انهيار نظام محمد نجيب الله المدعوم من الاتحاد السوفيتي في أبريل 1992، توصلت عدة أحزاب سياسية أفغانية إلى اتفاق للسلام، تضمن تقاسم السلطة وإنشاء دولة أفغانستان الإسلامية مع تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة المرحلة الانتقالية. غير أن حزب قلب الدين حكمتيار (الحزب الإسلامي)، إلى جانب حزب الوحدة والاتحاد الإسلامي، لم يشاركوا في هذا الاتفاق. منذ البداية، واجهت الدولة الوليدة شللًا سياسيًا بسبب التنافس الشديد بين الفصائل المختلفة على السيطرة على كابل وأفغانستان ككل.

في سبتمبر 1994، برزت حركة طالبان في مدينة قندهار، جنوب أفغانستان. أما حزب حكمتيار، فرفض الاعتراف بالحكومة المؤقتة، وقام في أبريل من نفس العام بمحاولة للسيطرة على كابل بالقوة، مما أشعل فتيل حرب أهلية. وفي مايو، شن حكمتيار هجمات مكثفة على العاصمة والقوات الحكومية، مستفيدًا من دعم مالي وعسكري واستخباراتي قدمته له باكستان، مما مكنه من تدمير نصف المدينة. في الوقت نفسه، حصل حزب الوحدة بقيادة عبد العلي مزاري على دعم من إيران، بينما دعمت المملكة العربية السعودية فصيل الاتحاد الإسلامي بقيادة سياف. أدى هذا التنافس إلى تصاعد الصراع بين الميليشيات وتحوله إلى حرب أهلية شاملة.

مع اندلاع هذه الحرب المفاجئة، لم يكن للدولة الأفغانية الفتية أي مؤسسات حكومية فعالة، بما في ذلك الشرطة أو نظام قضائي أو هيئات للمساءلة. ورغم جهود التهدئة التي قادها وزير الدفاع أحمد شاه مسعود، والرئيس المؤقت صبغت الله مجددي، والرئيس المستقبلي برهان الدين رباني، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلا أن محاولات وقف إطلاق النار انهارت سريعًا. في هذه الأثناء، ظل شمال أفغانستان تحت سيطرة مسعود نسبيًا، وشهد بعض عمليات إعادة الإعمار، بينما تمتعت مدينة هرات، تحت حكم إسماعيل خان، بهدوء نسبي.

في الجنوب، لم تكن الحكومة المركزية ولا الميليشيات المدعومة خارجيًا تسيطر على الأوضاع، بل خضع الإقليم لسلطة أمراء الحرب المحليين، مثل غل أغا شيرزي. في هذا السياق، ظهرت حركة طالبان لأول مرة في أغسطس 1994، متعهدة بتخليص البلاد من أمراء الحرب "الفاسدين" وإقامة مجتمع إسلامي "نقي".

وفي 3 نوفمبر 1994، شنت طالبان هجومًا مفاجئًا أسفر عن سيطرتها على مدينة قندهار، لتتمكن بحلول 4 يناير 1995 من فرض سيطرتها على 12 ولاية أفغانية أخرى. كثير من الميليشيات في تلك المناطق استسلمت دون قتال. تألف قادة طالبان من مجموعة من قادة الوحدات العسكرية الصغيرة ومعلمي المدارس الدينية. في ذلك الوقت، حظيت الحركة بدعم شعبي واسع، حيث تمكنت من القضاء على الفساد، وإعادة الأمن، وتأمين الطرق والمناطق التي كانت تعاني من الفوضى.

 

السقوط الأول

لم تكن كل تلك العوامل لتضع حركة طالبان على رأس السلطة في أفغانستان بصورة أبدية، فلم تدم في السلطة طويلا في فترة لم تتجاوز 7 أعوام وسرعان ما سقطت الحركة نتيجة عدد من العوامل الخارجية والداخلية المتعلقة في الأساس بسياساتها، ومنها:

سياسة الإقصاء 

كغيرها من الجماعات السياسية، لا يمكن لحركة مثل طالبان أن تثق في غير رجالها، فقد عملت الحركة منذ اليوم الأول على إقصاء المعارضين لها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، ومارست الحركة سياسات متشددة على الكثير من المستويات ما أدى إلى نمو المعارضة لها بصورة كبيرة خاصة من خلال فرض القوانين الصارمة التي تتعلق بالحريات والتعليم والسياسات العامة للبلاد والتي أدت إلى الكثير من الصدامات مع الكثير من الكيانات السياسية الكبيرة في البلاد. 

العزلة الدولية

رفضت التعاون مع المجتمع الدولي في قضايا رئيسة مثل تسليم أسامة بن لادن.

الغزو الأمريكي

جاء التدخل العسكري بقيادة الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر كضربة قاضية لحكم طالبان.

 

الوصول الثاني إلى السلطة 2021

عادت طالبان إلى السلطة في 15 أغسطس 2021م، بعد عشرين عامًا من المقاومة ضد القوات الأمريكية والحكومة المدعومة دوليًا. ومن العوامل التي ساعدتها:

الانسحاب الأمريكي

 أدى قرار الولايات المتحدة بسحب قواتها إلى فراغ سياسي وأمني كبير في البلاد، بسبب عشوائية القرار، وعدم التخطيط الجيد لما بعد الانسحاب مما سهل وصول الحركة الأكثر تنظيما إلى السلطة في بضعة أيام.

التفاوض والدبلوماسية

نجحت طالبان في تحسين صورتها عبر مفاوضات مع الولايات المتحدة ودول الجوار عن طريق مكتبها السياسية في العاصمة القطرية الدوحة والتي استمرت قرابة 3 سنوات من المفاوضات المستمرة من أجل وضع أسس الثقة في طالبان مرة أخرى رغم ما بين الطرفين من صراع مكتوم.

الخبرة المكتسبة: طورت طالبان تكتيكاتها العسكرية والسياسية خلال سنوات التمرد.

هل يتكرر السقوط؟

والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا هل يتكرر سقوط طالبان مرة أخرى في أفغانسان؟

مع التطورات والخبرة الطويلة التي اكتسبتها طالبان في فترة سلطتها الأولى في أفغانستان إلا أنها ما زالت تحمل العوامل نفسها التي أدت لسقوطها في المرة الأولى، ورغم أنها تحاول أن تظهر أمام العالم بأنها تغيرت وأن استفادت من دروس الماضي إلا أن هذه الدروس ليست كافية على المستوى المحلي أو العالمي الذي يأبى إلى الآن الاعتراف بها رسميا.

فالحركة لا تزال تمارس الإقصاء ضد جميع المكونات الوطنية المحلية، كما تواجه الكثير من الأزمات الاقتصادية التي تجعلها تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الدولية التي تضاءلت كثيرا منذ عودة طالبان إلى السلطة إضافة إلى تجميد أصول البنك المركزي الأفغاني لدى الولايات المتحدة الأمريكية.

كما تعاني الحركة عزلة دولية بسبب استمرار رفض المجتمع الدولي الاعتراف بشرعيتها.

العزلة الدولية: استمرار رفض المجتمع الدولي الاعتراف بشرعية حكم طالبان.

 

الإخوان بين الصعود والهبوط.. 

الإخوان في السودان

في عام 1989، شهد السودان تحولًا سياسيًا حاسمًا، حينما تحالفت جماعة الإخوان المسلمين بقيادة حسن الترابي مع الجيش، بقيادة عمر البشير، لتنفيذ انقلاب عسكري أطاح بالحكومة المدنية. استند هذا الصعود إلى عدة عوامل، أبرزها استغلال الأزمات الاقتصادية والصراعات الداخلية، إضافة إلى قوة التنظيم الداخلي للجماعة، والذي مكنها من حشد التأييد الشعبي وتقديم خطاب ديني واجتماعي جاذب.

إلا أن هذا التحالف الذي استمر لثلاثة عقود بدأ بالتآكل مع تزايد قضايا الفساد داخل النظام، وتنامي القمع السياسي ضد المعارضة، مما زاد من حالة الاحتقان الشعبي التي أسقطت 30 عاما من حكم الجماعة.

 

الإخوان المسلمون في ليبيا

 

مع سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، برز الإخوان المسلمون كأحد الفاعلين الرئيسيين في المشهد السياسي الليبي، مستفيدين من الفراغ السياسي والفوضى التي أعقبت الثورة. ساعدهم في ذلك دعم خارجي من دول مثل قطر وتركيا، بالإضافة إلى خبرتهم التنظيمية، التي مكنتهم من تقديم أنفسهم كبديل سياسي قادر على إدارة البلاد.

لكن سرعان ما اصطدم مشروعهم السياسي بواقع الصراعات المسلحة، حيث دخلوا في نزاعات مع فصائل أخرى، مما أدى إلى تفاقم حالة الفوضى في البلاد. كما أن عدم قدرتهم على تحقيق الاستقرار أو تحسين الوضع الاقتصادي أفقدهم جزءًا كبيرًا من الدعم الشعبي. ومع تصاعد العزلة الإقليمية، خاصة مع معارضة دول مثل مصر والإمارات لدورهم، وجد الإخوان أنفسهم في موقف متراجع داخل المشهد الليبي.

 

الإخوان المسلمون في مصر

 

في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بدا أن الإخوان المسلمين في مصر يعيشون لحظتهم التاريخية، حيث تمكنوا من الفوز بأول انتخابات رئاسية ديمقراطية في البلاد عام 2012. جاء هذا الصعود مدفوعًا بفراغ السلطة بعد سقوط نظام مبارك، واستغلالهم شعارات الثورة مثل الحرية والعدالة، إلى جانب شبكتهم التنظيمية القوية التي ساعدتهم في حشد الناخبين.

 

لكن سرعان ما بدأت التحديات تلاحقهم، إذ اتسمت إدارتهم للبلاد بالقرارات الانفرادية، ما أدى إلى عزلة سياسية متزايدة. كما تفاقمت الأزمات الاقتصادية، وزادت حدة الاستياء الشعبي، مما دفع ملايين المصريين إلى الخروج في مظاهرات حاشدة يوم 30 يونيو 2013، اعتراضًا على سياساتهم. في النهاية، تدخل الجيش، ليتم عزل الرئيس محمد مرسي، وتنتهي تجربة حكم الإخوان في مصر سريعًا.

 

القواسم المشتركة 

على الرغم من اختلاف السياقات السياسية في السودان، ليبيا، ومصر، إلا أن تجارب الإخوان المسلمين في هذه الدول اتسمت بعوامل صعود وهبوط متشابهة. اعتمدت الجماعة في البداية على استغلال الأزمات السياسية والاجتماعية، مستفيدة من قوة تنظيمها الداخلي والدعم الخارجي. لكنها في المقابل، واجهت صعوبات في بناء تحالفات سياسية حقيقية، كما أدى ميلها إلى الانفراد بالسلطة إلى عزلتها السياسية. إضافة إلى ذلك، فشلها في تقديم حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية جعلها تفقد ثقة الشارع، مما مهّد الطريق أمام سقوطها.

وبذلك، تكشف هذه التجارب أن الصعود السريع إلى السلطة قد يكون سهلًا عندما تتوافر الظروف المناسبة، لكن البقاء فيها يتطلب قدرة حقيقية على الحكم الرشيد، وإدارة التحديات بعيدًا عن العزلة والانفراد بالقرار.

إن دراسة تجارب طالبان والإخوان المسلمين تكشف أن الوصول إلى السلطة ليس نهاية المطاف. التحدي الحقيقي يكمن في القدرة على إدارة الحكم بما يلبي تطلعات الشعب ويحافظ على الاستقراريين الداخلي والخارجي. إذا استمرت هذه الجماعات في تكرار نفس الأخطاء، فمن المحتمل أن تواجه المصير ذاته في المستقبل. التحول إلى خطاب سياسي واقعي وشامل قد يكون هو المفتاح لتجنب الفشل.