حوار افتراضي بين تلميذ وأستاذ:- تُرى يا أستاذ أين تقع مصر؟ يرد الأستاذ قائلا:- يا بنى مصر لا تقع، يستطرد التلميذ مستنكرًا؛ ألا تعرف الجغرافيا يا أستاذ؟، يرد الأخير:- لا يا بنى بل أنت الذي لا تعرف التاريخ.
بتلك الكلمات الذهبية احتفلت القوات المسلحة الأسبوع الماضي بيوم الشهيد، في الندوة التثقيفية الـ41، وذلك اليوم سمٌي بيوم الشهيد نسبةً لاستشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري إبان حرب الاستنزاف برصاص العدو الاسرائيلى، وقد حملت الاحتفالية أكثر من رسالة رسالة موجهة للداخل والخارج؛ وبدأت بتذكرة لبداية النضال في العهد الحديث تحت شعار "الهلال والصليب" حيث اختلط الدم المصري ببعضه البعض من أجل تحرير الوطن من الاحتلال الانجليزي، واستمرت تلك الحالة باختلاف الظروف والأنظمة حتى أصبحت سُنة في شعبنا أن يبذل المصري مسلماً أو مسيحياً، دمه من أجل تحرير الوطن من العدو والإرهاب.. واصطف الأطفال على خشبة المسرح يحملون صور لشهداء الوطن من رجال القوات المسلحة والشرطة وحتى صورة الكاهن "أبونا مينا عبود" شهيد الإرهاب في العريش، والشهداء من الجيش الأبيض إبان جائحة كورونا، لتتسع مظلة الشهداء وتطول قائمة مقدمي أرواحهم فداءً للوطن لتشمل أبطال القوات المسلحة والشرطة المصرية والكاهن والشيخ والطبيب.
وكأن مقدرات الشعب المصري لا تتغير، فهو شعب أصيل لا يخشى الموت بل يخشى الحياة التي تغيب فيها كرامة الوطن، ووقف أبناء الشهداء وكأنهم يتوعدون القتلة والخونة والإرهابيين، بأنهم سيكملون مسيرة الآباء وأن كل منهم في مجاله سيكمل ما بدأه الأب الشهيد والفقيد العزيز، ألا يخشى هؤلاء الموت؟ أم هم عشقوا فكرة التضحية من أجل الوطن وترسخت داخل وجدانهم؟.
أمّا عن السيد الرئيس فكعادته يكرم الأم والابنة والزوجة والأخ والمصاب وأهالينا من سيناء، وفى كلمته أصاب الهدف أكثر من مرة حيث أكد أن الدولة الناجحة لا يمكن أن تكون ناجحة بقيادة قوية فحسب بل بتلاحم تلك القيادة مع الشعب الأصيل القوي الذي لا يهاب الموت ويقف خلف قيادته، كما وجه التحية للشعب الفلسطيني الصامد من قلب القاهرة وكأنه يطمئن هذا الشعب المكلوم أن لهم جيراناً أقوياء يساندونهم حتي بلوغ النصر.
قد يسأل أحدهم هل يختار الشهيد الشهادة؟ هل هي شرف اختياري أم إجبارى؟ الشهادة أكليل يكتبه الله لمن يختاره، والشهادة تختار أنُاساً بعينهم أحبوا الوطن وعشقوا ترابه، والشهيد هو شخص يعلم المخاطر التي سيواجهها من أجل وطنه ولا يهرب أو يتقاعس ولكنه يسير في ذاك الطريق المملوء والمحفوف بالمخاطر ويواجه كي يحمي الأرض والعرض وهو يعلم أنه في وقت ما سينال الشهادة من أجل ذلك الهدف السامي، ولذا يجب على أن نروى قصصهم لأولادنا وشبابنا كي يعلموا الثمن الغالي الذي بُذل حتى تكون مصر ما هي عليه الآن.