لا أظن أن هناك كلمة تم ابتذالها وانتهاكها في هذا البلد قدر (المعايير)، إذ ارتكبت –باسمها– وبالذات في السنوات التي تلت عملية يناير 2011 حزمة هائلة من الجرائم تمثلت في تعيينات لأشخاص في مناصب إدارية عليا للدولة، كما أسندت حقائب وزارية لأفراد آخرين وفق (تفضيلات) وليس (اعتبارات) أيا كانت طبيعة تلك التفضيلات سواء اتصفت (بالثورية) أو (الحزبية) أو (الشللية)، أو- وذلك أغرب العناوين- (باتشاح الشخص الذي يتم تصعيده بالغموض لكيلا يتعرض لاحتجاج أو اعتراض) وبحيث يجد المجتمع نفسه أمام (مجاهيل) و(نكرات) يحتلون مناصب إدارة البلد، ويرضى عنهم الرعاع الشعبويون الذين تعودوا رجم كل من كان معروفا أو ناجحا بأى مقياس، وإجبار السلطة المرتعشة على عدم اختياره من الأساس، أو التراجع عن حماية اختيارها إن كان وقع بالفعل.. أولئك المسئولون الذين يحتلون – الآن – مناصب إدارة بعض أهم المواقع في البلد لا نعرف شيئا عن كفاءاتهم، أو عن تواريخهم المهنية وسوابق أعمالهم، أو ميولهم السياسية، أو – حتى- طباعهم السلوكية، وهكذا فرضت مجموعة من شذاذ الآفاق نفسها على الرأى العام بوصفها (رموز ثورجية غامضة) فيما كانوا قادمين من أوعية وتشكيلات النظام الأسبق، وبالذات الحزب الوطنى الذي يدعون الثورة عليه ويطالبون بسحق ما تبقى من رموزه، ومن هؤلاء – مثلا – عمرو حمزاوى الذي كان يحضر اجتماعات المجلس الأعلى للسياسات ويبذل مجهودا معتبرا من أجل أن يتقرب للأستاذ جمال مبارك، ثم – بعد ذلك ووسط دهشة الجميع – تشارك مع عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط والمحبوس احتياطيا على ذمة عدة قضايا – وقتما كانا نائبين في مجلس نواب الإخوان في وضع مشروع قانون مشبوه للعزل السياسى مفصل تفصيلا لإقصاء اللواء عمر سليمان من التقدم لانتخابات الرئاسة، ومن هؤلاء – أيضا – عصام شرف الذي قدمه القيادى الإخوانى محمد البلتاجى – رافعا يده – للمحتشدين في ميدان التحرير، باعتباره رئيس الوزراء (الذي جاء من الميدان)، ثم بعد ذلك اكتشفوا جميعا أنه كان عضوا في المجلس الأعلى للسياسات، ونافق وداهن كل رؤسائه في الحزب من أجل أن يضمن رضاءهم وترقيته، وحين بات رئيسا للوزراء – وفي تحول عجيب آخر – كان شباب الإخوان يملون عليه – في بيته ومكتبه – كل قراراته وتحركاته وتوجهاته، وأخيرا ها هى درية شرف الدين التي كانت تتزرزر وتتقلص – بإخلاص – وهى تكتب ما يشبه المقالات في "المصرى اليوم" التي تتوحد فيها مع كل ما هو ثورة على النظام الأسبق، ثم نكتشف – فجأة – أنها كانت عضو المجلس الأعلى للسياسات وعضو أمانة المرأة بالحزب الوطنى.
ولكن عضوية الحزب الوطنى الديمقراطى ليست سبة أو خطيئة على أية حال، وإنما ما أثار صدمتنا وفجيعتنا هو تصعيد أفراد بالذات – ينتمون (تاريخيا) إلى الحزب الوطنى في عهد ما بعد يناير في حين تم إقصاء آخرين بتهمة انتمائهم لذلك الحزب نفسه، رغم أن أولئك الصاعدين تنقلوا طوال مسيرتهم العملية الظافرة – ولعهود وعقود – بين عدد كبير جدا من مناصب الدولة، وفشلوا فيها جميعا، ومع ذلك تم دفعهم إلى وظائف ومقاعد عليا، وليجدوا مواطئ لأقدامهم – دون مقاومة – في الخلاء الإدارى والسياسى الذي ترتب على عملية يناير 2011 حين تم ما أشرنا إليه من إقصاء انتقائي بدون وجه حق – لمئات الآلاف من المهنيين والخبراء في كل المجالات، ووفقا للحجة الساقطة التي دمرت القوى المدنية في البلاد، وأدت إلى تمزيقها وتشظيها عبر اتهام بعضهم بأنهم (فلول) أو (ينتمون إلى نظام الرئيس مبارك) مهما كانت براءتهم من كل اتهام جنائى أو قانونى.. وعلى ذلك النحو صعدت مجموعة من أرباع الموهوبين والفشلة، ومحدودى الكفاءة والثقافة، ومجهولى النسب السياسى أو الحزبى إلى أعلى درجات السلم الوظيفى في البلاد مسنودين بدعم أجهزة سيادية، أو علاقات صداقة، أو تأييد ما يسمى قوى ثورية، أو تشكيلات حزبية، ليست – في التحليل الأخير – بريئة من الوصم بكونها الطابور الخامس الذي أربكته ثورة 30 يونيو الأسطورية، وسقوط مخطط دمج الإخوان في العملية السياسية، وتمكينهم من مفاصل الدولة تنفيذا للفرمانات والتعليمات الأمريكية.
كان كل ذلك الانهيار المزرى يتم باسم (المعايير) فيما هو اغتصاب وربما اغتيال لتلك المعايير على نحو لم تشهده البلاد من قبل.
والحقيقة أننى أود التعرض – هنا – لمسألة تعيين أبلة درية شرف الدين وزيرة الإعلام، ومناقشتها على ضوء ما وقر في إفهامنا وضمائرنا عن معنى الكلمة الشهيدة (المعايير).
وقبل التقدم كلمة واحدة في هذا النص فإن كلمة (أبلة) لا تعنى –حاشا لله- السخرية من درية، ولكنها بغرض التوقير اللازم لسيدة طاعنة في السن ينبغى أن يكون لها احترامها، بصرف النظر عن تقييمنا السياسى أو المهنى لأدائها، وهو ما يتفق مع ما نشأنا وربينا عليه من قيم احترام الكبير وبخاصة من تفصلنا عنه فوارق سن كبيرة جدا.
ولكن احترام ما بلغته الوزيرة من الكبر.. لا يعصمها من قراءتنا النقدية لعملها في وزارة الإعلام، وأسلوب إدارتها لذلك المرفق الاستراتيجى الحيوى، وهو ما نعرض له (حالا) في رصدنا لعدد من الاختلالات في أداء تلك الوزيرة، والتى تفرض خروجها – الآن حالا وفورا- من منصبها وعدم قبول الحجة المقرفة التي يسوقها البعض لنا لتبرير بقاء واستمرار تلك الوزيرة، وهى أن مدتها لن تطول، وسوف تبقى فقط لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية، أو أنها ستبقى فترة وجيزة حتى إنشاء الجهاز الوطنى للبث.
هذا كلام مبتذل جدا، إذ لا شيء يفرض بقاء رموز الفشل في مقاعدهم لدقيقة واحدة، ثم ما هو السبب الذي يجبر دافع الضرائب المصرى أن يصرف على مشروع (بقاء أبلة درية) رغم فشلها الذريع، وبحيث ندفع مرتبها وحوافزها ومكافآتها وكأنه فرض عين وليس فرض كفاية.
وأوجز – هنا – بعض جوانب الخلل في أداء أبلة درية شرف الدين أسوأ وزير إعلام تبوأ ذلك المنصب تاريخيا:
• أولا: انهيار المصداقية، إذ يعتمد جهاز الإعلام على بناء جسور ثقة ومصداقية بينه والناس، ولا يمكن بغير تلك الجسور تصور استمرار الجهاز في تأدية مهامه أو تصميم رسائله، أو تحصل رجع الصدى وردود الأفعال المناسبين وعلى النحو الذي صممناه عند بناء الرسالة.
وهذا كله لم يعد موجودا، إذ رحلت معظم الكفاءات الحقيقية من التليفزيون المصرى إلى التليفزيونات الخاصة والعربية، ثم أن قوى الاختراق في ماسبيرو (الإخوان + 6 أبريل) نجحت في إفشاء تيارات كراهية ورفض للعناصر الصحفية التي عملت في ماسبيرو، رافعين شعارا منحطا يتكلم عن أن العمل في ماسبيرو هو حق لمن أسموهم (أبناء المبنى) فقط – كأن ذلك المبنى من أملاك أهاليهم، وعلى أية حال فقد رحل غير أبناء المبنى إلى القنوات الخاصة وحرمت قوى الاختراق ماسبيرو من ميزة تنافسية كانت تتمثل في أداء بعض أولئك، وانهار كذلك مستوى أداء التليفزيون، وفقد الأداء المهنى حساسية تصميم الرسائل السياسية، وانفض المشاهدون عن الشاشة، وفقد التليفزيون نتيجة كل ذلك مصداقيته كجهاز اتصال.
• ثانيا: ضعف مستوى التوجيه السياسى، الذي يبدو واضحا من التخبط الذي يعانيه الخطاب الإعلامى المصرى، وتخلفه – في معظم الأحوال – عن أداء دوره في إخبار الناس، أو مساعدتهم على التحليل وخلق معاملات الارتباط بين الوقائع المختلفة، فضلا عن اختلاط الميول الشخصية بالمستهدفات السياسية على نحو غير مسبوق.
• ثالثا: الفشل في هندسة وبناء الهوية المهنية والسياسية للجهاز، إذ لا يستطيع أي متابع (متخصص أو غير متخصص) تحديد الخط السياسى، أو المدرسة المهنية للتليفزيون، الذي يبدو عشوائية إلكترونية، ليس هناك رابط فكرى أو منطقى بين شقفاتها أو أجزائها.
نحن -بصراحة- أمام طائرة خربة يختطفها بالتبادل أو التناوب عدد من الناس لكل منهم أفكاره وميوله ومزاجاته، يعنى كل منهم يضع طبنجته في رأس الطيار ويجبره على تحويل مقصده إلى مكان آخر.
ومن هنا صرنا نرى خزعبلات مذهلة على شاشة التليفزيون -ربما– بلغت القمة بذلك الفيلم التسجيلى الذي أذاعته قناة (نايل – تى في) منذ شهور عن إنجازات محمد مرسى (وهو يرسف في قيوده بسجن برج العرب متهما بالقتل والتخابر وإهانة القضاء وإهدار المال العام وغيرها).. يا لها –إذن- من إنجازات، وطبعا اقترنت تلك الواقعة المذهلة باستمرار عرض الفيلم لمدة نصف ساعة، يعنى أفصحت عن غياب كامل للمتابعة في جهاز سياسى المفترض أن تكون المتابعة من أولى أولوياته بحكم ارتباطه (بالأخبار) بكل ما تتضمنه من مستجدات في كل لحظة.
على أية حال.. أقالت أبلة درية شرف الدين مسئولة القناة بعدما سطرت – أنا – عمودا في "الأهرام" بعنوان: (درية.. احفظى مركزك)، ولكن إقالة مديرة القناة تبدو وكأنها شنق للكمسارى حين نكون بصدد تحديد المسئول عن أزمة النقل العام في البلاد.. المسئول عن تلك الواقعة هو أبلة درية لا غيرها، ولكنها بقت في موقعها باعتبار أن ذلك البقاء في ذاته هو المأثرة التي تتجاوز كل المآثر.
ولأن المسئول الحقيقى لم يتعرض للمجازاة فقد عاد مساعد مخرج للتنفيذ للعمل مرة أخرى في قناة (نايل – تى في) بعد تعرضه للوقف بسبب إدانته في ملف فيلم إنجازات مرسى، وعلمت من مصدر أمنى أن إحدى المذيعات تقدمت بشكوى ضد الرجل تتهمه فيها بالعمل لصالح الإخوان حتى الآن.
كل يوم هناك في التليفزيون واقعة لها نفس السمت لأن الشخصية السياسية للتليفزيون لم تعد واضحة على أي نحو.. هل هو تليفزيون الدولة، أو أنه فضائية تجارية، أو أنه تليفزيون الإخوان، أو تليفزيون 6 أبريل؟!.. لا أحد يعرف، إذ مع الفشل المدوي وانفضاض الناس عن التليفزيون الحكومى، راحت أبلة درية وقيادات التليفزيون (الذي لا يعمل فيه سوى أبناء المبنى) يحاكون ويقلدون التليفزيونات التجارية دون وجود الإمكانيات الفنية والبشرية التي تؤهلهم لذلك، فوصلنا إلى شكل تليفزيونى لا يبلغ ما نراه في الفضائيات الخاصة، ولا يبقى محتفظا بسمات تليفزيون الدولة، وحتى في ذلك الوضع الأخير فإن تليفزيون الدولة – مع كل الشقلبات السياسية التي شهدتها البلاد منذ عملية يناير 2011 – كان يمثل المجلس العسكرى القديم أحيانا تحت إشراف لواءين محدودى القدرات، هما اللواء اسماعيل عتمان واللواء طارق المهدى، ثم صار يمثل جماعة الإخوان الإرهابية في ظل حكم مرسى، ثم بات يمثل الحكم الانتقالي فيما بعد 30 يونيو، وهو – الآن – يمهد لأن يصبح تليفزيون حكم ستتمخض عنه الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية القادمتين.
حين نكون بصدد الحديث عن (تليفزيون الدولة) فإنا لا نعنى (تليفزيون السلطة أيا كانت)، ولكن ذلك غاب عن وعى المسئولة عن الإعلام التي تمضى أيامها مرحة نشوانة بتلك "الأملة" التي صارت فيها دون أن تحاول أداء واجبها أو تستعين بمن يعينها على أداء واجبها، أو يحدد لها الذين جابوها وعينوها الخبراء الذين تستطيع الالتجاء إليهم.
وأما عن الشخصية المهنية، فقد غابت – هى الأخرى – في عشوائية أبلة درية التليفزيونية، وصرنا أمام خليط بين (المحافظة) و(الإثارة)، وخلط بين الالتزام السياسى الرصين، وأسلوب قنوات المنوعات الخفيف على نحو يشعرنا بأننا أمام "كليب" غير متجانس لأعمال تنتمى إلى تليفزيونات مختلفة.. وحتى أداء المذيعين لم يعد ينتمى إلى شكل موحد يمكن الوثوق في استقراره وديمومته، إذ يحدثنا أحدهم بلهجة قطرية، والأخرى تقلد اللبنانيات، والثالث لا يفرق بين (قراءته) الأخبار و(صناعته) للأخبار، وبحيث يبدو وكأنه (صوت التاريخ) ويتضاءل المشاهدون أمامه على نحو تفرضه الخطورة غير المبررة التي يشيعها أداؤه.. ناهيكم عن الديكور وشكل الشاشة، ونوع الألحان المميزة للبرامج.. نحن –هنا– نتكلم عن (علم) له من أتعبوا عقولهم حتى يتحصلوه وهو يختلف –على الجملة– عن المشهد "الجهجاهونى" الذي تبدعه أبلة درية شرف الدين كل يوم.
وهذه النقطة – في الحقيقة – تفتح الباب لمناقشة زاوية أخرى في ذلك الوجود المهنى المعيب الذي أسسته وكرسته درية، وأعني بها افتقاد الوزيرة للرصيد المهنى أو السياسى الذي يفترض أن يقدم سنادة للقرار الوزارى بما يقنع العاملين بالجهاز أو الجمهور في معناه الواسع.
إذ لا يتذكر الناس لأبلة درية شرف الدين سوى برنامج (نادى السينما) الذي ينبغى أن ينتسب – بالكلية – إلى المعد لمادة ذلك البرنامج، وما خلا ذلك كانت درية تستقيه من خلال استدراجها للضيوف أثناء تجهيزهم على يدى الكوافير أو الماكيير قبل تسجيل البرنامج، وهكذا حكى لى بعض ضيوف ذلك البرنامج وعلى رأسهم الأستاذ محمود معوض رحمه الله.
كما لم يكن لدرية سوابق سياسية تجعل منها كادرا سياسيا معتبرا يمكن الوثوق في قدرته على تحديد أولويات الجهاز أو طرق تعامله مع حدث بعينه، ولعل أكبر الأمثلة على ذلك، الطريقة التي عالجت بها بث مرافعات الدفاع في محاكمة القرن (قضية الرئيس حسنى مبارك ونجليه ووزير الداخلية اللواء حبيب العادلى وستة من مساعديه) إذ أرادت أبلة درية أن تسجل المرافعات، ثم تحدد أجزاء منها – على نحو انتقائى – لتذيعها، مما دفع القاضى الجليل إلى سحب حق البث الحصرى من التليفزيون المصرى، ومنحه لقناة (صدى البلد) بناء على طلبها.
يعنى درية كانت ستشترك بعلم أو بدون إدراك في تزييف وعى الشعب بإخفاء الحقائق المذهلة التي تضمنتها مرافعات الدفاع، وبحيث لا يعرف الناس حقيقة ما تعرضت له البلاد وشعبها في عملية يناير 2011.. لقد ظلت التليفزيونات وعلى رأسها التليفزيون الرسمى يتهمون المدعى عليهم بما يخالف ما نستمع إليه من الوقائع في مرافعات الدفاع، والآن تحاول درية – إرضاء للإخوان و6 إبريل الذين "يشغي" بهم مبنى ماسبيرو وأن تخفى الحقيقة عبر عدم بث مرافعات الدفاع كاملة على الهواء بحجة أن خريطة التليفزيون مزدحمة بتغطية أحداث أخرى اختارت قيادات الإعلام أن تعتبرها الأولى بالتغطية، في حين يوجد لدى التليفزيون المصرى 15 قناة تليفزيونية (على الأقل) تذيع –كل يوم– أطنانا من الكلام الفارغ، كان في الإمكان تخصيص إحداها لبث مرافعات الدفاع في القضية.
هذا الأمر هو (فضيحة مهنية) أخلت بحقوق طرف لحساب ترجيح وجهة نظر الطرف الآخر، وهو(فضيحة سياسية) منعت بطلتها درية حق الشعب في أن يعرف ما الذي جرى له ولقادته في خضم أحط ما تعرض له من مؤامرات على امتداد تاريخه، وأن يعرف –كذلك- حقيقة براءة قادته من عدمها وعلى نحو عادل ومتوازن.
• رابعا: هناك شخصانية حقيقية في إدارة أبلة درية شرف الدين لمرفق الإعلام، وأنا –بالذات- أستطيع رواية الكثير من جوانب تلك الشخصانية من خلال معرفتى بمن هم (الأقرب) ومن هم (الأبعد) إليها قبل استوزارها، وقد أصبحوا (الأقرب) و(الأبعد) بعد تربعها على مقعد وزيرة.
صارت مستشارتها في كل شيء إحدى أولئك (القريبات) وقامت بتصفية حساباتها مع كل من اعتبرته (عدوا) أو (بعيدا).. وعندى عدد كبير من الحالات التي تؤكد ذلك المعنى.
• خامسا: ضمن اختلالات طريقة إدارة أبلة درية للمؤسسة الإعلامية، ما أصبح يشوب بعض المفاوضات مع رجال الأعمال من انعدام مطلق للشفافية.
وفى هذا الإطار فقد كان هناك اتجاه قبل عملية يناير 2011 لبيع ست محطات (FM) في المقطم إلى مستثمرين أفراد بواقع 51% للجهة السيادية واتحاد الإذاعة والتليفزيون، و49% للقطاع الخاص على أن يكون مصريا وألا يكون واجهة لغير المصريين.
وكان طرح ذلك الموضوع يتم من خلال اتحاد الإذاعة والتليفزيون (الذي كنت عضوا في مجلس أمنائه) أما – الآن – فإن أطرافا كثيرة تشيع أن المفاوضات تدور حول ذلك الموضوع بين درية ورجل أعمال حول الموضوع، وأن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب لم يوافق على المبدأ، ومن ثم عادت درية "مدلدلة" لتجتمع برجل الأعمال وتؤكد له هامسة: "سوف أحاول أن أقنعه"!!
ما الذي يجرى بين درية ورجل الأعمال بالضبط؟ ولماذا لا تكون المفاوضات حول مثل تلك الأمور متروكة –بكاملها– في يد لجنة من ممثلى اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهيئة الرقابة الإدارية والمخابرات العامة، والجهاز المركزى للمحاسبات، بدلا من أسلوب الهمسات واللمسات المكوكية لأبلة درية بين رئيس الوزراء ورجل الأعمال.. ثم.. ثم.. لأى جانب تنحاز درية؟ هل لرئيس الوزراء أم رجل الأعمال؟!
هذه ملامح لاختلالات أداء جهاز الإعلام في عهد أبلة درية شرف الدين، وهو ما يجب أن تضع أية جهة مسئولة حدا سريعا لها، ولن يكون ذلك الحل أقل من إقالتها وصرفها فورا من مبنى ماسبيرو.
ولكن عضوية الحزب الوطنى الديمقراطى ليست سبة أو خطيئة على أية حال، وإنما ما أثار صدمتنا وفجيعتنا هو تصعيد أفراد بالذات – ينتمون (تاريخيا) إلى الحزب الوطنى في عهد ما بعد يناير في حين تم إقصاء آخرين بتهمة انتمائهم لذلك الحزب نفسه، رغم أن أولئك الصاعدين تنقلوا طوال مسيرتهم العملية الظافرة – ولعهود وعقود – بين عدد كبير جدا من مناصب الدولة، وفشلوا فيها جميعا، ومع ذلك تم دفعهم إلى وظائف ومقاعد عليا، وليجدوا مواطئ لأقدامهم – دون مقاومة – في الخلاء الإدارى والسياسى الذي ترتب على عملية يناير 2011 حين تم ما أشرنا إليه من إقصاء انتقائي بدون وجه حق – لمئات الآلاف من المهنيين والخبراء في كل المجالات، ووفقا للحجة الساقطة التي دمرت القوى المدنية في البلاد، وأدت إلى تمزيقها وتشظيها عبر اتهام بعضهم بأنهم (فلول) أو (ينتمون إلى نظام الرئيس مبارك) مهما كانت براءتهم من كل اتهام جنائى أو قانونى.. وعلى ذلك النحو صعدت مجموعة من أرباع الموهوبين والفشلة، ومحدودى الكفاءة والثقافة، ومجهولى النسب السياسى أو الحزبى إلى أعلى درجات السلم الوظيفى في البلاد مسنودين بدعم أجهزة سيادية، أو علاقات صداقة، أو تأييد ما يسمى قوى ثورية، أو تشكيلات حزبية، ليست – في التحليل الأخير – بريئة من الوصم بكونها الطابور الخامس الذي أربكته ثورة 30 يونيو الأسطورية، وسقوط مخطط دمج الإخوان في العملية السياسية، وتمكينهم من مفاصل الدولة تنفيذا للفرمانات والتعليمات الأمريكية.
كان كل ذلك الانهيار المزرى يتم باسم (المعايير) فيما هو اغتصاب وربما اغتيال لتلك المعايير على نحو لم تشهده البلاد من قبل.
والحقيقة أننى أود التعرض – هنا – لمسألة تعيين أبلة درية شرف الدين وزيرة الإعلام، ومناقشتها على ضوء ما وقر في إفهامنا وضمائرنا عن معنى الكلمة الشهيدة (المعايير).
وقبل التقدم كلمة واحدة في هذا النص فإن كلمة (أبلة) لا تعنى –حاشا لله- السخرية من درية، ولكنها بغرض التوقير اللازم لسيدة طاعنة في السن ينبغى أن يكون لها احترامها، بصرف النظر عن تقييمنا السياسى أو المهنى لأدائها، وهو ما يتفق مع ما نشأنا وربينا عليه من قيم احترام الكبير وبخاصة من تفصلنا عنه فوارق سن كبيرة جدا.
ولكن احترام ما بلغته الوزيرة من الكبر.. لا يعصمها من قراءتنا النقدية لعملها في وزارة الإعلام، وأسلوب إدارتها لذلك المرفق الاستراتيجى الحيوى، وهو ما نعرض له (حالا) في رصدنا لعدد من الاختلالات في أداء تلك الوزيرة، والتى تفرض خروجها – الآن حالا وفورا- من منصبها وعدم قبول الحجة المقرفة التي يسوقها البعض لنا لتبرير بقاء واستمرار تلك الوزيرة، وهى أن مدتها لن تطول، وسوف تبقى فقط لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية، أو أنها ستبقى فترة وجيزة حتى إنشاء الجهاز الوطنى للبث.
هذا كلام مبتذل جدا، إذ لا شيء يفرض بقاء رموز الفشل في مقاعدهم لدقيقة واحدة، ثم ما هو السبب الذي يجبر دافع الضرائب المصرى أن يصرف على مشروع (بقاء أبلة درية) رغم فشلها الذريع، وبحيث ندفع مرتبها وحوافزها ومكافآتها وكأنه فرض عين وليس فرض كفاية.
وأوجز – هنا – بعض جوانب الخلل في أداء أبلة درية شرف الدين أسوأ وزير إعلام تبوأ ذلك المنصب تاريخيا:
• أولا: انهيار المصداقية، إذ يعتمد جهاز الإعلام على بناء جسور ثقة ومصداقية بينه والناس، ولا يمكن بغير تلك الجسور تصور استمرار الجهاز في تأدية مهامه أو تصميم رسائله، أو تحصل رجع الصدى وردود الأفعال المناسبين وعلى النحو الذي صممناه عند بناء الرسالة.
وهذا كله لم يعد موجودا، إذ رحلت معظم الكفاءات الحقيقية من التليفزيون المصرى إلى التليفزيونات الخاصة والعربية، ثم أن قوى الاختراق في ماسبيرو (الإخوان + 6 أبريل) نجحت في إفشاء تيارات كراهية ورفض للعناصر الصحفية التي عملت في ماسبيرو، رافعين شعارا منحطا يتكلم عن أن العمل في ماسبيرو هو حق لمن أسموهم (أبناء المبنى) فقط – كأن ذلك المبنى من أملاك أهاليهم، وعلى أية حال فقد رحل غير أبناء المبنى إلى القنوات الخاصة وحرمت قوى الاختراق ماسبيرو من ميزة تنافسية كانت تتمثل في أداء بعض أولئك، وانهار كذلك مستوى أداء التليفزيون، وفقد الأداء المهنى حساسية تصميم الرسائل السياسية، وانفض المشاهدون عن الشاشة، وفقد التليفزيون نتيجة كل ذلك مصداقيته كجهاز اتصال.
• ثانيا: ضعف مستوى التوجيه السياسى، الذي يبدو واضحا من التخبط الذي يعانيه الخطاب الإعلامى المصرى، وتخلفه – في معظم الأحوال – عن أداء دوره في إخبار الناس، أو مساعدتهم على التحليل وخلق معاملات الارتباط بين الوقائع المختلفة، فضلا عن اختلاط الميول الشخصية بالمستهدفات السياسية على نحو غير مسبوق.
• ثالثا: الفشل في هندسة وبناء الهوية المهنية والسياسية للجهاز، إذ لا يستطيع أي متابع (متخصص أو غير متخصص) تحديد الخط السياسى، أو المدرسة المهنية للتليفزيون، الذي يبدو عشوائية إلكترونية، ليس هناك رابط فكرى أو منطقى بين شقفاتها أو أجزائها.
نحن -بصراحة- أمام طائرة خربة يختطفها بالتبادل أو التناوب عدد من الناس لكل منهم أفكاره وميوله ومزاجاته، يعنى كل منهم يضع طبنجته في رأس الطيار ويجبره على تحويل مقصده إلى مكان آخر.
ومن هنا صرنا نرى خزعبلات مذهلة على شاشة التليفزيون -ربما– بلغت القمة بذلك الفيلم التسجيلى الذي أذاعته قناة (نايل – تى في) منذ شهور عن إنجازات محمد مرسى (وهو يرسف في قيوده بسجن برج العرب متهما بالقتل والتخابر وإهانة القضاء وإهدار المال العام وغيرها).. يا لها –إذن- من إنجازات، وطبعا اقترنت تلك الواقعة المذهلة باستمرار عرض الفيلم لمدة نصف ساعة، يعنى أفصحت عن غياب كامل للمتابعة في جهاز سياسى المفترض أن تكون المتابعة من أولى أولوياته بحكم ارتباطه (بالأخبار) بكل ما تتضمنه من مستجدات في كل لحظة.
على أية حال.. أقالت أبلة درية شرف الدين مسئولة القناة بعدما سطرت – أنا – عمودا في "الأهرام" بعنوان: (درية.. احفظى مركزك)، ولكن إقالة مديرة القناة تبدو وكأنها شنق للكمسارى حين نكون بصدد تحديد المسئول عن أزمة النقل العام في البلاد.. المسئول عن تلك الواقعة هو أبلة درية لا غيرها، ولكنها بقت في موقعها باعتبار أن ذلك البقاء في ذاته هو المأثرة التي تتجاوز كل المآثر.
ولأن المسئول الحقيقى لم يتعرض للمجازاة فقد عاد مساعد مخرج للتنفيذ للعمل مرة أخرى في قناة (نايل – تى في) بعد تعرضه للوقف بسبب إدانته في ملف فيلم إنجازات مرسى، وعلمت من مصدر أمنى أن إحدى المذيعات تقدمت بشكوى ضد الرجل تتهمه فيها بالعمل لصالح الإخوان حتى الآن.
كل يوم هناك في التليفزيون واقعة لها نفس السمت لأن الشخصية السياسية للتليفزيون لم تعد واضحة على أي نحو.. هل هو تليفزيون الدولة، أو أنه فضائية تجارية، أو أنه تليفزيون الإخوان، أو تليفزيون 6 أبريل؟!.. لا أحد يعرف، إذ مع الفشل المدوي وانفضاض الناس عن التليفزيون الحكومى، راحت أبلة درية وقيادات التليفزيون (الذي لا يعمل فيه سوى أبناء المبنى) يحاكون ويقلدون التليفزيونات التجارية دون وجود الإمكانيات الفنية والبشرية التي تؤهلهم لذلك، فوصلنا إلى شكل تليفزيونى لا يبلغ ما نراه في الفضائيات الخاصة، ولا يبقى محتفظا بسمات تليفزيون الدولة، وحتى في ذلك الوضع الأخير فإن تليفزيون الدولة – مع كل الشقلبات السياسية التي شهدتها البلاد منذ عملية يناير 2011 – كان يمثل المجلس العسكرى القديم أحيانا تحت إشراف لواءين محدودى القدرات، هما اللواء اسماعيل عتمان واللواء طارق المهدى، ثم صار يمثل جماعة الإخوان الإرهابية في ظل حكم مرسى، ثم بات يمثل الحكم الانتقالي فيما بعد 30 يونيو، وهو – الآن – يمهد لأن يصبح تليفزيون حكم ستتمخض عنه الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية القادمتين.
حين نكون بصدد الحديث عن (تليفزيون الدولة) فإنا لا نعنى (تليفزيون السلطة أيا كانت)، ولكن ذلك غاب عن وعى المسئولة عن الإعلام التي تمضى أيامها مرحة نشوانة بتلك "الأملة" التي صارت فيها دون أن تحاول أداء واجبها أو تستعين بمن يعينها على أداء واجبها، أو يحدد لها الذين جابوها وعينوها الخبراء الذين تستطيع الالتجاء إليهم.
وأما عن الشخصية المهنية، فقد غابت – هى الأخرى – في عشوائية أبلة درية التليفزيونية، وصرنا أمام خليط بين (المحافظة) و(الإثارة)، وخلط بين الالتزام السياسى الرصين، وأسلوب قنوات المنوعات الخفيف على نحو يشعرنا بأننا أمام "كليب" غير متجانس لأعمال تنتمى إلى تليفزيونات مختلفة.. وحتى أداء المذيعين لم يعد ينتمى إلى شكل موحد يمكن الوثوق في استقراره وديمومته، إذ يحدثنا أحدهم بلهجة قطرية، والأخرى تقلد اللبنانيات، والثالث لا يفرق بين (قراءته) الأخبار و(صناعته) للأخبار، وبحيث يبدو وكأنه (صوت التاريخ) ويتضاءل المشاهدون أمامه على نحو تفرضه الخطورة غير المبررة التي يشيعها أداؤه.. ناهيكم عن الديكور وشكل الشاشة، ونوع الألحان المميزة للبرامج.. نحن –هنا– نتكلم عن (علم) له من أتعبوا عقولهم حتى يتحصلوه وهو يختلف –على الجملة– عن المشهد "الجهجاهونى" الذي تبدعه أبلة درية شرف الدين كل يوم.
وهذه النقطة – في الحقيقة – تفتح الباب لمناقشة زاوية أخرى في ذلك الوجود المهنى المعيب الذي أسسته وكرسته درية، وأعني بها افتقاد الوزيرة للرصيد المهنى أو السياسى الذي يفترض أن يقدم سنادة للقرار الوزارى بما يقنع العاملين بالجهاز أو الجمهور في معناه الواسع.
إذ لا يتذكر الناس لأبلة درية شرف الدين سوى برنامج (نادى السينما) الذي ينبغى أن ينتسب – بالكلية – إلى المعد لمادة ذلك البرنامج، وما خلا ذلك كانت درية تستقيه من خلال استدراجها للضيوف أثناء تجهيزهم على يدى الكوافير أو الماكيير قبل تسجيل البرنامج، وهكذا حكى لى بعض ضيوف ذلك البرنامج وعلى رأسهم الأستاذ محمود معوض رحمه الله.
كما لم يكن لدرية سوابق سياسية تجعل منها كادرا سياسيا معتبرا يمكن الوثوق في قدرته على تحديد أولويات الجهاز أو طرق تعامله مع حدث بعينه، ولعل أكبر الأمثلة على ذلك، الطريقة التي عالجت بها بث مرافعات الدفاع في محاكمة القرن (قضية الرئيس حسنى مبارك ونجليه ووزير الداخلية اللواء حبيب العادلى وستة من مساعديه) إذ أرادت أبلة درية أن تسجل المرافعات، ثم تحدد أجزاء منها – على نحو انتقائى – لتذيعها، مما دفع القاضى الجليل إلى سحب حق البث الحصرى من التليفزيون المصرى، ومنحه لقناة (صدى البلد) بناء على طلبها.
يعنى درية كانت ستشترك بعلم أو بدون إدراك في تزييف وعى الشعب بإخفاء الحقائق المذهلة التي تضمنتها مرافعات الدفاع، وبحيث لا يعرف الناس حقيقة ما تعرضت له البلاد وشعبها في عملية يناير 2011.. لقد ظلت التليفزيونات وعلى رأسها التليفزيون الرسمى يتهمون المدعى عليهم بما يخالف ما نستمع إليه من الوقائع في مرافعات الدفاع، والآن تحاول درية – إرضاء للإخوان و6 إبريل الذين "يشغي" بهم مبنى ماسبيرو وأن تخفى الحقيقة عبر عدم بث مرافعات الدفاع كاملة على الهواء بحجة أن خريطة التليفزيون مزدحمة بتغطية أحداث أخرى اختارت قيادات الإعلام أن تعتبرها الأولى بالتغطية، في حين يوجد لدى التليفزيون المصرى 15 قناة تليفزيونية (على الأقل) تذيع –كل يوم– أطنانا من الكلام الفارغ، كان في الإمكان تخصيص إحداها لبث مرافعات الدفاع في القضية.
هذا الأمر هو (فضيحة مهنية) أخلت بحقوق طرف لحساب ترجيح وجهة نظر الطرف الآخر، وهو(فضيحة سياسية) منعت بطلتها درية حق الشعب في أن يعرف ما الذي جرى له ولقادته في خضم أحط ما تعرض له من مؤامرات على امتداد تاريخه، وأن يعرف –كذلك- حقيقة براءة قادته من عدمها وعلى نحو عادل ومتوازن.
• رابعا: هناك شخصانية حقيقية في إدارة أبلة درية شرف الدين لمرفق الإعلام، وأنا –بالذات- أستطيع رواية الكثير من جوانب تلك الشخصانية من خلال معرفتى بمن هم (الأقرب) ومن هم (الأبعد) إليها قبل استوزارها، وقد أصبحوا (الأقرب) و(الأبعد) بعد تربعها على مقعد وزيرة.
صارت مستشارتها في كل شيء إحدى أولئك (القريبات) وقامت بتصفية حساباتها مع كل من اعتبرته (عدوا) أو (بعيدا).. وعندى عدد كبير من الحالات التي تؤكد ذلك المعنى.
• خامسا: ضمن اختلالات طريقة إدارة أبلة درية للمؤسسة الإعلامية، ما أصبح يشوب بعض المفاوضات مع رجال الأعمال من انعدام مطلق للشفافية.
وفى هذا الإطار فقد كان هناك اتجاه قبل عملية يناير 2011 لبيع ست محطات (FM) في المقطم إلى مستثمرين أفراد بواقع 51% للجهة السيادية واتحاد الإذاعة والتليفزيون، و49% للقطاع الخاص على أن يكون مصريا وألا يكون واجهة لغير المصريين.
وكان طرح ذلك الموضوع يتم من خلال اتحاد الإذاعة والتليفزيون (الذي كنت عضوا في مجلس أمنائه) أما – الآن – فإن أطرافا كثيرة تشيع أن المفاوضات تدور حول ذلك الموضوع بين درية ورجل أعمال حول الموضوع، وأن رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب لم يوافق على المبدأ، ومن ثم عادت درية "مدلدلة" لتجتمع برجل الأعمال وتؤكد له هامسة: "سوف أحاول أن أقنعه"!!
ما الذي يجرى بين درية ورجل الأعمال بالضبط؟ ولماذا لا تكون المفاوضات حول مثل تلك الأمور متروكة –بكاملها– في يد لجنة من ممثلى اتحاد الإذاعة والتليفزيون وهيئة الرقابة الإدارية والمخابرات العامة، والجهاز المركزى للمحاسبات، بدلا من أسلوب الهمسات واللمسات المكوكية لأبلة درية بين رئيس الوزراء ورجل الأعمال.. ثم.. ثم.. لأى جانب تنحاز درية؟ هل لرئيس الوزراء أم رجل الأعمال؟!
هذه ملامح لاختلالات أداء جهاز الإعلام في عهد أبلة درية شرف الدين، وهو ما يجب أن تضع أية جهة مسئولة حدا سريعا لها، ولن يكون ذلك الحل أقل من إقالتها وصرفها فورا من مبنى ماسبيرو.