شعر الأوكرانيون بالقلق بعد إعلان واشنطن وقف شحنات المساعدات العسكرية إلى البلاد بأثر فوري، وهى خطوة قالت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إنها تهدف إلى إجبار جميع الأطراف على بدء مفاوضات سلام، بحسب ما ذكرت إذاعة "صوت أمريكا".
وبعد إعلان الولايات المتحدة عن وقف المساعدات العسكرية لكييف، واصلت الطائرات بدون طيار (مسيرات) الروسية استهداف المدن الأوكرانية، بما فى ذلك أوديسا فى الجنوب وسومى فى الشمال الشرقي.
وحذر المشرعون الأوكرانيون من عواقب قرار واشنطن على البلاد. وقال المشرع الأوكرانى أوليكسى جونشارينكو، فى تصريحات نشرتها وكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأمريكية: "هذا يعنى أن آلاف الأشخاص سيموتون. أريد فقط أن أطلب من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إعادة النظر، وإعطاء بعض الوقت لأوكرانيا".
وقال القادة الأوروبيون إنه من الضرورى مواصلة شحنات الأسلحة إلى كييف. ومع ذلك، يقول المحللون إن هناك شكوكا حول ما إذا كان بإمكان أوروبا سد النقص وإلى متى يمكن لأوكرانيا الاستمرار فى القتال.
وأوضح مارك جالوتي، المحلل في "Mayak Intelligence"، "هناك حد لما يمكن أن تفعله أوروبا".
وأضاف: "هناك أنظمة معينة، تتراوح من صواريخ باتريوت إلى قطع غيار لدبابات أبرامز وناقلات الأفراد برادلي، التى يستخدمها الأوكرانيون، وأن الطريقة الوحيدة التى يمكن للأوروبيين الحصول عليها هى شرائها من السوق المفتوحة. وإن ذلك سيستغرق وقتا"، متابعًا أن بعض أنظمة الأسلحة التى تم طلبها فى السوق المفتوحة فى عام ٢٠٢٢ تصل الآن فقط إلى أوكرانيا.
وقال مالكولم تشالمرز، نائب المدير العام للمعهد الملكى للخدمات المتحدة فى لندن، إن أوكرانيا أصبحت أقل اعتمادا على الغرب بكثير مما كانت عليه فى بداية الحرب مع روسيا فى عام ٢٠٢٢.
وتابع تشالمرز، فى تصريحات نشرتها الوكالة، "على نحو متزايد، تنتج أوكرانيا أسلحتها الخاصة. لديها صناعة دفاعية كبيرة ومتنامية للغاية، وتحصل على بعض التمويل من الخارج، وهناك تعاون كبير مع شركات الدفاع الغربية. لذلك يتم توفير حوالى نصف الأسلحة التى تستخدمها أوكرانيا الآن من قبل صناعة الدفاع الخاصة بها. والباقي، حوالى النصف من الولايات المتحدة والنصف الآخر من الدول الأوروبية".
وأضاف تشالمرز أن القوات الأمريكية تلعب دورا حيويا فى الترتيبات اللوجستية، التى تنقل الأسلحة من بولندا إلى أوكرانيا.
وأشار تشالمرز إلى أن الولايات المتحدة تلعب دورا مهما للغاية فى توفير المعلومات والاستخبارات للقوات الأوكرانية.
وقالت إدارة ترامب إن وقف المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا يهدف إلى ضمان المساهمة فى الوصول إلى حل للصراع.
وقال نائب الرئيس الأمريكى جى دى فانس، فى تصريحات للصحفيين، "نريد أن يكون للأوكرانيين دولة ذات سيادة ومستقلة. نعتقد أن القوات الأوكرانية قاتلت بشجاعة شديدة، لكننا وصلنا إلى مرحلة لا تستطيع فيها أوروبا ولا الولايات المتحدة ولا الأوكرانيون مواصلة هذه الحرب إلى أجل غير مسمى. لذلك، من المهم أن يأتى الجميع إلى طاولة المفاوضات، ويحاول الرئيس ترامب إرسال رسالة صريحة للغاية: يجب على الأوكرانيين الجلوس على طاولة المفاوضات والبدء فى التفاوض مع الرئيس ترامب".
ولكن تتخذ أوروبا نهجا مختلفا، حيث استضافت المملكة المتحدة اجتماع للزعماء الأوروبيين والأوكرانيين، يوم الأحد الماضي، وقال رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، إن "تحالف الراغبين" سيسعى لمواصلة دعم كييف.
وأضاف: "حان الوقت للعمل. حان الوقت للتقدم والقيادة. المملكة المتحدة مستعدة لدعم ذلك بجنود على الأرض وطائرات فى الجو بالتعاون مع آخرين"، لافتا إلى أنه يجب على أوروبا أن تقوم بالمهام الثقيلة.
وقال جالوتى إن أوروبا فى الواقع ليست موحدة فى دعمها لأوكرانيا. وتابع: "قول نائب الرئيس الأمريكى أن الكثير من القادة الأوروبيين، الذين على وسائل التواصل الاجتماعى وفى الأماكن العامة يدعمون كييف ولكنهم فى السر أكثر تشككا يعتبر صحيح إلى حد ما".
وتسأل جالوتي: "هل من المعقول أن تستمر دولة ما فى إفراغ قواتها المسلحة وأيضا فى إبعاد أقوى حليف أمنى وضامن لها باسم الدفاع عن أوكرانيا؟"
وناشد الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، إدارة ترامب، وكتب عبر حسابه على "اكس" (تويتر سابقا)، أن أوكرانيا ملتزمة بالسلام. وفى مقطع فيديو نشر على الإنترنت، قال زيلينسكي: "يجب أن نجد القوة للمضى قدما، واحترام بعضنا البعض، كما كنا نحترم دائما أمريكا وأوروبا وجميع شركائنا، والعمل معا لتقريب السلام. أنا ممتن لكل من يدعم أوكرانيا فى هذا".
ويعد وقف المساعدات العسكرية الأمريكية بمثابة أمر مرير لبعض الأوكرانيين الذين يعانون من القصف الروسي. وتحدث بعض الأوكرانيين إلى "صوت أمريكا"، بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأسباب تتعلق بالسلامة، حيث قالت فيكتوريا، وهى من سكان كييف، إن أوكرانيا عوقبت بشكل غير عادل، مضيفة: "آمل أن يغير ترامب رأيه".
بينما قال إيليا، الذى هرب إلى كييف من منزله فى دونيتسك، "ربما يمكن لأوروبا أن تساعد بطريقة ما. الأمل الآن فى أوروبا فقط، ولا أحد آخر".
وقالت هانا، التى فرت من شبه جزيرة القرم، أنها تخشى من تأثير وقف المساعدات العسكرية الأمريكية، وأضافت: "سيكون لهذا تأثير خطير خاصة على ساحة المعركة. الثمن سيكون حياة الإنسان".