تصحبكم «البوابة» في موسم جديد خلال شهر رمضان الكريم، في رحلة للقراءة، وحلقات جديدة من حلقات «كتاب في سطور»، وفى كل يوم نقدم قراءة في رواية أو عمل أدبى أو سيرة لأحد المشاهير، أو بعض الكتب الفكرية التي تناقش الأحداث التاريخية.
ففي هذه السلسلة نحاول أن نقدم خريطة للقارئ لأهم الإصدارات الفكرية والأدبية التي أثرت الحياة الثقافيةـ ونتمنى أن تحظى تلك السلسلة بقبول لدي القارئ وإضاءة بسيطة عن تلك الإصدارات، ولهذا نأخذكم في جولة عبر الكلمات لنضيء بها مصابيح المعرفة.
في هذا الكتاب «صوت الراوي وميراث السرد» للدكتور أحمد بهي الدين رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب والصادر عن معهد الشارقة للتراث يأخذنا الدكتور أحمد بهي الدين في رحلة في ذاكرة السرد عبر أربعة فصول تناول فيها السير الشعبية والتقاليد الشفاهية في كتاب كليلة ودمنة ومحاولة للإجابة عن تساؤل كيف تشكل الجماعات فضاءاتها الثقافية، ورواة القصص التقليدي أنماطهم ومروياتهم.
ويقول الدكتور بهي الدين في مقدمة الكتاب:" هذا الكتاب رحلة في ذاكرة السرد التقليدي، والرحلة قرينة السرد والحكاية، فالحكاية مرتحلة دائمة التنقل، لا تعرف مستقراً ولا تبقى على حال؛ تتغير بتغير الأيام، وتتفاعل مع نوائب الدهر وأحداثه؛ فهي إن استقرت ماتت، فهي صنو حياة راويها ومبدعها ومتلقيها . والسفر في ذاكرة السرد مقترن بغرابة ومتعة وإفادة، كما الترحال الفيزيقي، ينطلق من القرائح ويتسربل في العقول والأذهان.
ويتابع: "فميراث الإنسانية السردي حلقات متصلة، ربما تتسع حلقة منها أو تضيق لكن ترتبط ببعضها بعضاً، نراها إذ أردنا التنقل في ذاكرة السرد المدونة والحية، وليست الرحلة مع السرد سهلة ويسيرة؛ إنها تحمل وعثاء السفر ومشاقه، لكنها تؤتي ثمار الأسفار من صحبة وفائدة وخبرة، شأن الإبداع الشعبي بعامة الذي يحمل بين أعطافه ما يمكن الإنسان من أن يكون إنساناً، ويؤهله لتلقي القيم الإنسانية قولا وفعلا.
ولكل رحلة دروبها التى تستكشف عوالم الحكاية واستبطان مجاهيلها، والتنقيب في أغوار أنساقها، فيبين علائقها بالذاكرة الإنسانية وتشابكاتها الحضارية؛ لتكون النتيجة الرئيسة أننا على مسار المعرفة، والمعرفة لا تنتهي.
وأن السيرة هي نوع أدبي عربي خالص حاز تقعيده وصك اصطلاحه جهوداً بالغة، ربما لا تزال قائمة حتى يومنا هذا ؛ وأن الرحلة مع الحكاية لم تصل بعد إلى مستقرها الأخير؛ فهي كامنة تبحث عن وجهة أخرى تنطلق إليها ؛ لأنها حية ما دامت الحياة.
كما يتطرق "بهي الدين" إلى رواة القصص التقليدي وأصناف القصص الشعبي ورواته ، حيث يقدم تعريفًا مفصلا لكل منهما فعلي سبيل المثال يصنف رواة القصص الشعبي ما بين رواة القصص التقليدي الهواة ، ورواة القصص التقليدي المحترفون، والأنماط المتعددة لكل نوع أدبي والسياقات التي يروي فيها.
كما يقدم تعريفًا لرواة القصص الموهوبين والتي يقصد بهم رواة القصص التقليدي أنهم حملة المأثور الشفاهي بعامة والقصص بصفة خاصة وهو الذي ورثوا معرفته بالتواتر الشفاهي من الجماعة الشعبية التي ينتمون إليها ، وأنه ينظر لهذا النوع من الرواة بأنهم حكائون ومنهم رواة الأمثال والقصص العائلي التاريخ الشفاهي، ورواة السيرة الشعبية الهواة.