يثير طلب جمهورية الكونغو الديمقراطية الحصول على دعم عسكري لمواجهة هجوم متمردي حركة "أم 23" المستمر منذ أشهر تساؤلات حول احتمال تحول الصراع في هذا البلد الواقع وسط إفريقيا إلى مواجهة إقليمية واسعة النطاق.
وفي إطار الاتفاقيات الأمنية والعسكرية، تدخلت بوروندي المجاورة لدعم القوات النظامية الكونغولية في محاولتها التصدي للمتمردين، الذين حققوا تقدمًا ميدانيًا وسيطروا على مناطق استراتيجية في شرق البلاد. كما أرسلت الحكومة الكونغولية وفدًا إلى تشاد للقاء رئيسها محمد إدريس ديبي إنتو، بهدف بحث إمكانية الحصول على دعم عسكري إضافي.
يسعى الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسيكيدي، إلى وقف زحف "أم 23" بكافة الوسائل، سواء عبر الجهود الدبلوماسية أو التحركات العسكرية.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد تورشين، أن "الكونغو الديمقراطية تحاول بكل السبل تأمين دعم إقليمي، وطلبها المساعدة من تشاد يعكس أهمية الجيش التشادي، الذي يتمتع بخبرة كبيرة في مواجهة الجماعات المسلحة مثل بوكو حرام في منطقة الساحل الإفريقي".
وأضاف تورشين في تصريح لـ"إرم نيوز" أن الجيش الكونغولي يأمل في الاستفادة من خبرة الجيش التشادي، نظرًا لاعتماد الحركات المتمردة في المنطقة على تكتيكات حرب العصابات، وهو الأسلوب الذي يجيده الجيش التشادي.
وأشار إلى أن استجابة تشاد لطلب الكونغو الديمقراطية قد تعزز فرص كينشاسا في وقف تقدم "أم 23"، كما قد تفتح الباب أمام تعاون عسكري أوسع بين دول المنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار. واعتبر أن ذلك لن يكون في مصلحة الجماعات المتمردة والانفصالية، لأن التحالفات الإقليمية القوية قد تحد من نفوذها وتضعف أي دعم خارجي تتلقاه.
بينما تُعد بوروندي حليفًا رئيسيًا للكونغو الديمقراطية، تواجه رواندا اتهامات بدعم متمردي "أم 23"، مما يزيد من احتمالات توسع دائرة الحرب.
وفي هذا السياق، حذر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، من أن "أي دعم عسكري من تشاد للكونغو الديمقراطية، سواء عبر العتاد أو القوات، قد يؤدي إلى تفاقم الصراع واتساع نطاقه، بل وربما يصل إلى مستوى التدخل الدولي".
وأضاف كايتا لـ"إرم نيوز" أن "شرق الكونغو الديمقراطية غني بالموارد الطبيعية، مما يجعله محل أطماع العديد من الأطراف. وبالتالي، فإن تدخل جهات خارجية قد يؤدي إلى تدويل النزاع، بدلًا من احتوائه، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة".
في ظل هذه المعطيات، يبقى مصير الصراع في الكونغو الديمقراطية رهنًا بتطورات الدعم العسكري الإقليمي والدولي، وما إذا كان سيؤدي إلى حل الأزمة أو تصعيدها إلى حرب إقليمية شاملة.