أكد الأديب أمين الخولي في كتابه «من هدى القرآن في رمضان» أن شهر رمضان ليس مجرد موسم للخيرات والطاعات، بل هو فرصة ذهبية لإحداث تأثير عميق في حياة الأفراد والمجتمع.
فنجاح رمضان، كما يرى الخولي، يعتمد على الوعي الصحيح والتخطيط الدقيق، بحيث تتضافر جهود الأفراد والهيئات الشعبية والرسمية، لتثمر نتائج حقيقية تعود بالنفع على الأمة الإسلامية.
رمضان.. مدرسة لضبط النفس وكبح الغرور
يصف الخولي رمضان بأنه "رياضة تنبيهية" تهدف إلى كبح جماح الطغيان، وإيقاظ الشعور الإنساني لدى الأفراد. فالصيام، في جوهره، يجعل الإنسان يدرك ضعفه واحتياجه، مما يمنعه من الاستكبار، ويجعله أكثر تواضعًا ورحمة بالآخرين. فالحرمان المؤقت من الطعام والشراب يكشف للفرد معنى الحاجة، ويجعل من رمضان موسمًا لكسر الفوارق الاجتماعية، حيث تتهذب النفوس، وتلين القلوب، وتتحول قسوة الحياة إلى رحمة وسخاء.
الجانب النفسي للصوم.. معركة داخلية ضد الشهوات
يشير الخولي إلى أن الأثر النفسي للصيام لا يمكن إنكاره، فهو يوقظ لدى الصائمين إحساسًا فريدًا بحاجتهم للطعام والشراب، ويجعلهم يقدّرون النعم التي اعتادوا عليها. ورغم النية المبيتة للصيام، إلا أن الإنسان قد ينسى في لحظات ويهمّ بتناول الطعام دون قصد، وهو دليل على أن الحرمان يولّد شعورًا أكثر وعيًا بالحاجة. ومن هنا، يأتي الصوم كأداة لتهذيب النفس، وكسر الشهوة، وتشجيع الإنسان على الامتناع عن الإسراف، مما يعزز التقوى ويقوي الإرادة.
الصيام.. محاكاة للصمدية والملائكة
ويتناول الخولي بُعدًا فلسفيًا للصيام، حيث يعتبره وسيلة للتشبه بأحد أخلاق الله، وهو الصمدية، أي الاستغناء عن الطعام والشراب. فكما أن الصمد هو الذي لا يجوع ولا يعطش، فإن الإنسان، خلال فترة الصيام، يحاول قدر الإمكان التشبه بهذا المعنى، كما يسعى لتقليد الملائكة بالكف عن الشهوات، ليقترب من حالة الصفاء الروحي، ويتغلب على النزعات المادية التي تسيطر عليه في باقي أيام السنة.
رمضان.. موسم الشكر والامتنان
يختم الخولي حديثه بالتأكيد على أن الصيام وسيلة لشكر النعمة، فحين يجوع الإنسان يدرك قيمة ما لديه، ويشعر بمعاناة الفقراء، مما يجعله أكثر عطاءً ورحمة. وهكذا، يتحول رمضان إلى مدرسة روحية وإنسانية متكاملة، تعيد تشكيل شخصية الفرد، وتُرسّخ قيم العدل والتواضع، ليخرج الإنسان منه أكثر تقوى ونقاء.