مع اقتراب لحظة الإفطار في رمضان، تتباين عادات المسلمين في انتظار الأذان، فبين من يمسك بالمصحف، ومن يتابع الأخبار في الصحف، ومن يضيع الدقائق الأخيرة أمام شاشة التلفاز، تبقى تلك اللحظات مشحونة بالتأهب واللهفة.
وصف عميد الأدب العربي، د. طه حسين، هذه الأجواء الرمضانية ببراعة في كتاباته، حيث يصوّر المشهد قبيل الإفطار بحالة من الترقب والتطلع إلى المائدة التي تعجّ بالأطباق الشهية. ففي هذه الدقائق الأخيرة، تتخبط العقول بين الجوع والرغبة، والعيون تراقب أكواب العصير وأطباق الفاكهة، بينما الأنوف تلتقط روائح الطعام الشهية التي تملأ المكان.
وعندما ينطلق مدفع الإفطار، يندفع الجميع نحو المائدة كالعطشى الذين وجدوا الماء بعد طول انتظار. الأيدي تمتد، الصحون تُرفع وتُوضع، والأفواه تلتهم الأطباق وكأنها في سباق مع الزمن. ورغم تنوع الأصناف على المائدة الرمضانية، يبقى الفول المدمس سيد الأطباق، الطبق المقدس الذي لا تخلو منه أي سفرة، فهو الأكثر قدرة على سد الجوع ومنح الطاقة للصائمين.
طه حسين، بأسلوبه الأدبي الرفيع، جسّد تلك اللحظات الرمضانية بكل تفاصيلها، من خفقات القلوب قبل الأذان إلى لذة اللقمة الأولى بعد يوم طويل من الصيام. في النهاية، رمضان ليس مجرد شهر للعبادة، بل هو أيضًا شهر للطعام الذي يحمل طابعًا خاصًا في وجدان المسلمين، وعادات الإفطار التي تتكرر كل عام، لكنها تظل دائمًا جديدة في إحساسها ومتعتها