مُحللة سياسية بالحزب الجمهورى ومُحامية بالأمن القومي الأمريكي إيرينا تسوكرمان في حوار لـ البوابة نيوز:
- الموقف المصرى واضح وصريح ويجب أن تسمعه حكومتا «ترامب ونتنياهو»
- إسرائيل أخفت مقترح التهجير عن إدارة بايدن
- تهجير الفلسطينيين قسريًا انتهاك للقانون الدولى ويؤدى لعدم الاستقرار الإقليمى
- جدوى خطة التهجير وآثارها موضع نقاش حاد.. ولا توجد خطة للتنفيذ
- المواطن العادى فى غزة مرتبط بالأرض ولن يغادر طوعًا أو خوفًا
- مسئولون أمريكيون أوضحوا أن التهجير مؤقتًا وليس دائمًا.. ومصر والأردن والسعودية رفضت واعتبرتها مُزعزعة للاستقرار وغير عادلة للفلسطينيين
جاءت تصريحات الرئيس الأمركي دونالد ترامب على غير المتوقع بشأن تهدئة الأوضاع فى غزة بعد 15 شهرًا من العدوان الإسرائيلى الغاشم والذى أدى لاستشهاد أكثر من 47 ألف مواطن وإصابة ما يزيد على 111 ألفًا؛ جراء حرب إبادة شنها العدوان الإسرائيلى على المدنيين العُزل فى غزة بداية من الـ7 من أكتوبر 2023.
ولقيت حرب الإبادة والمجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال ضد أهالي غزة رفضًا عالميًا وعربيًا؛ وكُلل بفرحة الأهالى بتوصل جهود الوسطاء «مصر وقطر.. وآخرون» لوقف إطلاق النار فى غزة بعد 15 شهرًا من العدوان ليبدأ الحديث على تماسك بنود الاتفاق والتفكير فى إعادة الإعمار واستمرار تهدئة الأوضاع، إلا أن الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب خرج بتصريحات «عنترية مجنونة» تُشير لتقويض فرص السلام فى منطقة الشرق الأوسط؛ بعد الحديث صراحة عن خطة تهجير أهالى غزة لـ مصر والأردن أو إقامة دولة جديدة للغزاوية فى السعودية؛ والتى لقيت رفضًا قاطعًا وصريحًا رسميًا وشعبيًا للمُخطط مُزعم الترويج له.
«البوابة» حاورت إيرينا تسوكرمان المُحللة السياسية بالحزب جمهوري والمُحامية بالأمن القومى الأمريكى وعضو مجلس إدارة مركز واشنطن الخارجى لحرب المعلومات بشأن تصريحات «الخطة المجنونة» وموقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الشرق الأوسط ككل وعلى جه الخصوص «فلسطين وسوريا» إلى جانب الحرب الأوكرانية الروسية، وإلى نص الحوار.
![](/Upload/libfiles/749/1/250.jpg)
■ كيف ترين تصريحات ترامب عن الشرق الأوسط والحديث عن تهجير الفلسطينيين لمصر والأردن والسعودية؟
- قوبلت تصريحات ترامب بإدانة واسعة النطاق بشأن الشرق الأوسط والتهجير القسري للفلسطينيين وانتهاك الأعراف والقانون الدولى واحتمال زيادة عدم الاستقرار الإقليمي؛ ويبدو أن إسرائيل من خلال وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريتش أوغيره من أصحاب وجهات النظر اليمينية المتطرفة؛ تواصلوا مع ترامب قبل تنصيبه سرًا لمناقشة اقتراح التهجير؛ للتأكد من عدم تسربه إلى إدارة الرئيس السابق بايدن؛ ولم يشارك ترامب هذه الخطة مع أى من المقربين منه.
وتصريحات ترامب جاءت مُفاجأة للجميع حتى نتنياهو نفسه، وبالتأكيد لم يتوقع أن ترامب سيأخذ فكرة إعادة التوطين على أنها تعنى أمريكا لتُعيد تطويرغزة بما يتوافق مع مصالحها التجارية؛ وجاءت طرح فكرة التهجير كمقدمة للمناقشة مع الدول العربية، ولكن يبدو أن ترامب أخذ مخاوف إسرائيل الأمنية وأعاد تفسيرها وفقًا لتفضيلاته الخاصة دون التفكير حقًا فى رد فعل أى شخص.
ولكن سبب استمراره فى الإصرار على فكرة التهجير والتوطين رغم ردود الفعل العنيفة والرفض الصريح، هو الإمكانيات الاقتصادية المُحتملة التى يمكن أن يستخدمها كوسيلة ضغط على الدول العربية فيما يتعلق بقضايا أخرى أوعروض مماثلة فى أماكن أخرى.
■ وصفت تصريحات ترامب فيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين بـ«المستفزة» ومستحيلة التنفيذ لماذا؟
- رد الفعل على تصريحات ترامب كان صريحًا وعنيفًا؛ وحاول المسئولون الأمريكيون توضيح الاقتراح؛ وأن تهجير الفلسطينيين سيكون مؤقتًا وأن الولايات المتحدة لا تنوى الحفاظ على ملكية طويلة المدى لغزة ولا توجد خطط لنشر قوات أمريكية أو تمويل إعادة إعمارغزة.
ورغم هذه التوضيحات، قُوبل اقتراح ترامب بإدانة واسعة النطاق ورفضت الدول العربية بما فى ذلك مصر والأردن والمملكة العربية السعودية، «خطة التهجير» مُعتبرة أنها مُزعزعة للاستقرار وغير عادلة للفلسطينيين، ويقوض الحقوق الفلسطينية ويمكن أن يؤدى لزيادة عدم الاستقرار الإقليمي.
ومن رأيى خطة التهجير ستأتي بنتائج عكسية ضد مصالح ترامب:
- الترسيخ «للمقاومة» وجعل حماس أكثر شعبية مرة أخرى
- تصلب مواقف الدول العربية فى أى مفاوضات مستقبلية تتعلق بغزة أوالتكامل الإقليمي
- صعوبة وجود حل عملى لإنهاء الصراع في غزة.. وتعرض اتفاقات كامب ديفيد للخطر
- يجعل إسرائيل المسئول الأول عن فشل حل الدولتين
- يفتح آفاقاً جديدة لهجمات حرب المعلومات ضد إسرائيل وأمريكا من أطراف أخرى
- يدعو الصين للعب دور أكبر فى الشئون الإقليمية
■ كيف يرى الشارع الأمريكي تصريحات ترامب عن الشرق الأوسط.. وهل هناك ملامح عن تنفيذ خطة التهجير؟
- اقتراح ترامب قوُبل بمُعارضة كبيرة على المستويين الدولى والمحلي؛ خاصة وأن تهجير الفلسطينيين قسراً وإعادة تطوير غزة من جانب واحد دون موافقة سكانها ينتهك الأعراف الدولية ويؤدى لمزيد من عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط.
وحتى الآن لا تزال جدوى الخطة وآثارها موضع نقاش حاد؛ ومن الواضح أنه لا توجد خطة للتنفيذ، خاصة وأن حماس لا تزال فى السلطة فى غزة.. وفى الوقت الحالى يبدو أن المواطن العادى فى غزة مرتبط بالأرض وبسردية المقاومة، ومن غير المرجح أن يغادر طوعًا أو خوفًا. وتصريحات ترامب خلقت انطباعًا بأن هذا المقترح يدور حول تلبية احتياجات الإسرائيليين والأمريكيين؛ وليس حول الدفع من أجل حل معقول، حتى لو كان إطارًا من شأنه أن يفيد أمن إسرائيل إلى حد كبير.
ولكن الحل البناء يتطلب إشراك الجهات الفاعلة الإقليمية فى الدبلوماسية النشطة لحل المعضلات الأمنية الحالية وتضارب المصالح التى تقف فى طريق إزالة احتمالات وقوع المزيد من العنف، والتى من المُرجح أن تكون عملية معقدة.
![](/Upload/libfiles/749/1/249.jpg)
■ كيف ترون موقف مصر المناهض للتهجير منذ بداية الحرب على غزة؟
موقف مصر ضد تهجير الفلسطينيين كان واضحًا وثابتًا وصريحًا منذ بداية الحرب على غزة؛ وقد أوضحت القاهرة أن أى هجرة قسرية للفلسطينيين «خاصة لسيناء» خط أحمر لن تسمح بتجاوزه.. وهناك عدة عوامل رئيسية تفسر موقف مصر:
فمصر تحافظ على سيادتها وتحمى أمنها القومي، كما أنها ترفض زعزعة استقرار المنطقة وزيادة خطر النشاط المسلح فى شمال سيناء كسابقًا؛ إلى جانب أن مصر ترفض خلق تحديات ديموغرافية وسياسية طويلة المدى «خاصة وأن السكان النازحين لا يعودون بسهولة فى كثير من الأحيان».
وترى «القاهرة» أن أى تحرك قسرى للفلسطينيين خارج غزة هو جزء من جهد أوسع للقضاء على القضية الفلسطينية من خلال جعل عودتهم مستحيلة؛ ويخدم ذلك المصالح الإسرائيلية من خلال تغيير الواقع الديموغرافى والسياسى للمنطقة بشكل دائم.
وتعمل مصر على الحفاظ على مصداقيتها العربية والإقليمية؛ فقد وضعت نفسها كقوة عربية رائدة ووسيط فى الشؤون الفلسطينية؛ والسماح بالتهجير القسرى للفلسطينيين من شأنه أن يضر بسمعتها؛ وتُجيد مصر المناورات السياسية والدبلوماسية وقد استغلت موقعها الاستراتيجى من أجل الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة لاستكشاف حلول بديلة، مثل وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية وتعزيز دورها كوسيط فى المفاوضات بين حماس وإسرائيل، ومعارضة مصر لخطة التهجير تتوافق مع رفض «الأردن والسعودية» لأى إعادة توطين قسرى للفلسطينيين.
أحب أن أشير إلى أن موقف مصر ضد النزوح مُتجذر بعمق فى المخاوف الأمنية، والدبلوماسية الإقليمية، ومصالحها الاستراتيجية الأوسع ومن خلال رفض التهجير بحزم، وتعمل القاهرة على منع ما تعتبره تهديدًا وجوديًا للهوية الفلسطينية والاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، تظل مصر منخرطة فى المحادثات الدبلوماسية، وموازنة الضغوط التى يمارسها الغرب مع التزامها بالوحدة العربية؛ فإن موقف مصر مفهوم ويجب أن تسمعه حكومتا ترامب ونتنياهو.
■ ماذا عن موقف نتنياهو بشأن خطة التهجير؟
موقف رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين وخاصة فى غزة، مثيراً للجدل وتطور طوال الحرب؛ فكان يتمسك بالغموض والصمت الاستراتيجى بشأن النزوح، خاصة وأنه لم يدع نتنياهو علنًا للتهجير القسرى للفلسطينيين، ودعا بدلًا منه أعضاء حكومته وحلفاءه السياسيين وبعض الوزراء اليمينيين المتطرفين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن جفير، وكانت الدعوات صراحة لإعادة التوطين الطوعى للفلسطينيين خارج غزة. وتجنب نتنياهو نفسه التأييد المباشر للفكرة؛ لكنه لم يرفض الفكرة بشكل مباشر، مما أدى إلى تكهنات حول نواياه الحقيقية.
ولكن المعلن أن نتنياهو رفض أى سيناريو بعد الحرب تحتفظ فيه حماس بالسيطرة على غزة؛ لكنه لم يقدم بديلا واضحا للحكم، ولكن يبدو أن حكومته تفضل: «نزع سلاح غزة والحفاظ على السيطرة الإسرائيلية على الأمن، ومنع عودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع، ومعارضة القوات الدولية التى يمكن أن تتولى المسئولية»، وأدى هذا الافتقار إلى رؤية واضحة وإثارة الشكوك حول إمكانية أن يكون التهجير القسرى هدفاً سياسياً غير معلن.
خاصة وأن نتنياهو يعتمد على شركائه فى الائتلاف اليمينى المتطرف للبقاء فى السلطة، ويؤيد الكثير منهم التهجير كحل طويل الأمد؛ ويتوافق خطابه المتشدد مع وجهات النظر القومية المتطرفة؛ لكن نتنياهو يواجه أيضًا عزلة دولية إذا أيد علنًا النزوح الجماعي.
ويوازن نتنياهو بين البقاء السياسى والضغوط الدولية؛ ورغم أنه لم يدعم صراحةً التهجير القسري، فإن رفضه استبعاده وخططه الغامضة لما بعد الحرب تترك مجالاً للتكهنات؛ فكلما طال أمد تجنب إسرائيل صياغة بديل واضح لمستقبل غزة، تزايدت المخاوف من أن يصبح التهجير هدفاً سياسياً غير رسمي.
والآن خرج سموتريتش مدعيًا أن بعض مفهوم التهجير جاء من إسرائيل فى المقام الأول، مما يقوض صورة نتنياهو فى العالم العربى ولكنه يعزز دعم قاعدته لأنه يُنظر إليه على أنه صادق ومنفتح بشأن الاحتمال المنخفض لحل الدولتين.
![](/Upload/libfiles/747/8/324.jpg)
■ هل تصريحات ترامب بشأن «تهجير الفلسطينيين» جزء من «صفقة القرن»؟
- يُمكن النظر إلى اقتراح الرئيس السابق دونالد ترامب الأخير بشأن قطاع غزة على أنه امتداد لخطته السابقة «صفقة القرن»، المعروفة رسميًا باسم رؤية «السلام من أجل الازدهار»، والتى كشف النقاب عنها خلال فترة ولايته الأولى.
فحسب الإعلان عن «صفقة القرن» فى يناير ٢٠٢٠ كان المقترح حل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى من خلال التنمية الاقتصادية والتعديلات الإقليمية كـ«المبادرات الاقتصادية- السماح لإسرائيل بضم بعض مستوطنات الضفة الغربية- اقتراح إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ذات سيادة محدودة».
وفى فبراير ٢٠٢٥، اقترح ترامب أن تقوم الولايات المتحدة بالسيطرة على قطاع غزة ونقل سكانه الفلسطينيين إلى البلدان المجاورة، وإعادة تطوير المنطقة لتصبح منطقة مزدهرة أطلق عليها «ريفييرا الشرق الأوسط».
ولكن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن غزة تشترك فيه التنمية الاقتصادية مع "صفقة القرن" التى طرحها فى وقت سابق، ولكن التهجير القسرى قدم المزيد من العناصر المثيرة للجدل التى أدت إلى تفاقم القلق الدولى ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة وتقويض احتمالات السلام الدائم.
وبشكل عام، يبدو أنه أقل من مجرد اقتراح مكتمل، وأكثر من رد فعل قائم على المصالح التجارية؛ لأنه غير مرتبط أيضًا بالخطوات الوسطى الحاسمة المتمثلة فى كسب الحرب، ونزع سلاح سكان غزة والحصول على الدعم من السكان المحليين والجهات الفاعلة الإقليمية.
![](/Upload/libfiles/748/9/651.jpg)
■ إلى أى مدى ترون استمرار وقف إطلاق النار فى غزة وهدوء الأوضاع؟
- إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، والذى بدأ بعد ١٥ شهراً من الصراع، ما زال هشاً ومدة استمراره غير مؤكدة؛ وهناك عدة عوامل ممكن أن تؤثر على استمراره وإمكانية استمرار الهدوء: من بينها تبادل الرهائن والأسرى وقد شهدت المرحلة الأولية إطلاق سراح بعض الرهائن والأسرى، ولكن العملية مستمرة ومعقدة فإن الاستمرار الناجح لهذه التبادلات أمر بالغ الأهمية للحفاظ على وقف إطلاق النار؛ يأتى ذلك إلى جانب استئناف المساعدات الإنسانية لغزة والجهود الرامية لإعادة الإعمار وهو أمر ضرورى لتحقيق الاستقرار فى المنطقة؛ وكذلك ضمان وصول المساعدات للمحتاجين دون عوائق سيكون أمرًا محوريًا فى منع المزيد من الاضطرابات.
وقف إطلاق النار هو إجراء مؤقت ولكن لا يعالج الأسباب الجذرية للصراع؛ وبدون حل سياسى شامل يعالج قضايا مثل النزاعات الإقليمية والمخاوف الأمنية والاعتراف المتبادل فإن خطر تجدد الحرب يظل مرتفعًا.
![](/Upload/libfiles/748/4/700.jpg)
■ هل ستكون هناك تسوية لإنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا على حساب تمرير خريطة الشرق الأوسط الجديدة؟
حتى الآن، لا يوجد دليل متاح علناً يشير إلى أن التوصل إلى تسوية لإنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا يجرى التفاوض عليه على حساب تنفيذ خريطة جديدة للشرق الأوسط. فإن الصراعات فى أوكرانيا والشرق الأوسط مختلفة، ولكل منها ديناميكياتها المعقدة واعتباراتها الجيوسياسية.
تشير التطورات الأخيرة إلى أن الرئيس دونالد ترامب يستعد للكشف عن «خطة سلام مدتها ١٠٠ يوم« تهدف إلى إنهاء الصراع بين أوكرانيا وروسيا. ويقال إن هذه الخطة تتضمن تدابير مثل «وقف التقدم الروسي- إنشاء منطقة منزوعة السلاح تحرسها القوات الأوروبية- منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى مع السماح بعضوية الاتحاد الأوروبي»، ويتطلب الاقتراح أيضًا من أوكرانيا قبول السيطرة الروسية على الأراضى المحتلة وإجراء استفتاءات مشروعة.
ولكن واجهت هذه الخطة معارضة، حيث أصر الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى على استعادة جميع الأراضى وضمان حماية الناتو؛ وهناك مخاوف من أن الولايات المتحدة قد تتجاوز أوكرانيا فى المفاوضات؛ وتظل جدوى هذه الخطة غير مؤكدة، خاصة فى ضوء موقف روسيا والتعقيدات التى تنطوى عليها.
اما عن مقترح ترامب بسيطرة الولايات المتحدة على غزة وإعادة توطين سكانه الفلسطينيين بشكل دائم فى البلدان المجاورة، وإعادة تطوير المنطقة؛ فإن هذا الاقتراح قوبل بمعارضة دولية كبيرة، حيث أدانه القادة الفلسطينيون ومختلف الدول باعتباره انتهاكًا للقانون الدولي، وأيضا كرر «الكرملين» دعمه لحل الدولتين للصراع الإسرائيلى الفلسطيني، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة وإجماع العديد من الدول المعنية.
وفى حين أن كلتا المبادرتين تنبعان من نفس الإدارة الأمريكية، فليس هناك ما يشير إلى أنهما مترابطتان أو أن إحداهما مشروطة بالأخرى. ويتناول كل اقتراح قضايا جيوسياسية منفصلة، ومن المرجح أن يتم التفاوض على أى تسويات محتملة بشكل مستقل، مع الأخذ فى الاعتبار الظروف المحددة وأصحاب المصلحة المشاركين فى كل منطقة. ولكن هناك عاملان يجعلان ديناميكيات الشرق الأوسط ذات صلة بحل الحرب الروسية الأوكرانية وهو إجبار روسيا على الخروج من سوريا وإضعاف موقفها الاستراتيجى فى الشرق الأوسط بشكل كبير، ويؤثر على سلاسل التوريد الخاصة بها، ويضعف مواقعها العسكرية والاقتصادية على الجبهة مع أوكرانيا؛ بالإضافى إلى التعاون الروسى الإيرانى فهو عاملاً مهماً نظراً للتعاون المكثف فى مجالات الدفاع والتجارة والطاقة والاستخبارات بين إيران وروسيا.
![](/Upload/libfiles/717/1/445.jpg)
■ كيف ستتعامل الولايات المتحدة مع الوضع فى سوريا... بعد الأسد؟
أبدى الرئيس السورى الانتقالى أحمد الشرع رغبته فى إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، مؤكدا ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية لتخفيف معاناة الشعب السوري؛ ولكن حتى الآن لم يقم «الشرع» اتصالات مع الإدارة الأمريكية الحالية، إلا أن نواياه تشير إلى فرصة محتملة للمشاركة الدبلوماسية.
وتحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكرى فى شمال شرق سوريا، وذلك فى المقام الأول لدعم قوات سوريا الديمقراطية فى مواجهة فلول داعش؛ ولكن ما بعد الأسد، ستحتاج الولايات المتحدة لإعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية، وتحقيق التوازن بين الحاجة إلى منع عودة «داعش» وأهمية احترام سيادة سوريا ورغبات قيادتها الجديدة، وقد طلب الرئيس ترامب وضع خطط الانسحاب التى قد تستغرق ما بين ٣٠ إلى ٩٠ يومًا.
وتواجه الولايات المتحدة تحدياً متعدد الأوجه فى تشكيل سياستها تجاه سوريا ما بعد الأسد. ومن خلال دعم الحكم الشامل، وإعادة تقييم وجودها العسكري، وتلبية الاحتياجات الإنسانية، والتعامل مع الجهات الفاعلة الإقليمية.
![](/Upload/libfiles/748/0/969.png)
■ وهل هناك تسوية سرية لتعزيز البرنامج النووى الإيرانى على حساب التوسع الإسرائيلى فى الشرق الأوسط؟
حتى الآن لا يوجد دليل جدير بالثقة يشير إلى وجود اتفاق سرى لتطوير برنامج إيران النووى فى مقابل التوسع الإقليمى الإسرائيلى فى الشرق الأوسط خاصة فى ظل العداء العميق بين إيران وإسرائيل.
تنظر إسرائيل إلى إيران المسلحة نووياً على أنها تشكل تهديداً كبيراً لأمنها وتسعى جاهدة إلى إعاقة التقدم النووى الإيراني. ونظراً لعلاقة الخصومة بين إيران وإسرائيل، فمن غير المعقول أن يتم التوصل إلى اتفاق سرى يتم بموجبه تطوير البرنامج النووى الإيرانى فى مقابل التوسع الإسرائيلى فى الشرق الأوسط.
وفقد فاجأ دونالد ترامب إسرائيل ومؤيديها إنكار الاستعداد لأى ضربة أمريكية إسرائيلية محتملة على الطاقة الإيرانية والضربات النووية أو أى شكل من أشكال العمل السرى كرادع ضد البرنامج النووي، ودفع باتجاه التوصل إلى اتفاق نووى جديد محتمل، والدبلوماسية، وسياسة الضغط المالى الأقصى كطريق نحو الحد من تهديد إيران الإقليمي.
![](/Upload/libfiles/638/0/21.jpeg)
■ ما رؤية ترامب لقضية اللاجئين فى أمريكا والتعامل مع الجاليات العربية والإسلامية؟
اتسم نهج الرئيس دونالد ترامب تجاه سياسات اللاجئين وتفاعلاته مع المجتمعات العربية والإسلامية بإجراءات تقييدية ومقترحات مثيرة للجدل. ففى ٢٠١٧، وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يعلق إلى أجل غير مسمى إعادة توطين اللاجئين السوريين ويمنع مؤقتًا غير المواطنين من ٧ دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة. واجه هذا الإجراء، الذى يشار إليه غالبًا باسم «حظر المسلمين»، العديد من التحديات القانونية واعتبره الكثيرون تمييزيًا.
وخلال فترة ولايته الأولى، خفضت الإدارة بشكل كبير عدد اللاجئين المسلمين الذين تم قبولهم فى البلاد، حيث تشير التقارير إلى انخفاض بنسبة ٩١٪ فى قبول اللاجئين المسلمين.
فى فترة ولايته الثانية، أصدر الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا يوجه الإدارات الحكومية لتحديد البلدان التى تعانى من قصور فى عمليات الهجرة والفحص، مما يضع الأساس لحظر مستقبلى محتمل على الهجرة من البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
وفى الآونة الأخيرة، اقترح ترامب خطة للسيطرة على غزة وتهجير سكانها وواجه هذا الاقتراح إدانة دولية واسعة النطاق، وانتقد الزعماء العرب الأمريكيين والمسلمين الأمريكيين هذا الاقتراح، ووصفوه بأنه «غريب» وحذروا من أنه يتناقض مع قيمهم. وبشكل عام اعتبر الكثيرون سياسات ومقترحات الرئيس ترامب تمييزية وواجهت معارضة كبيرة من المجتمعات العربية والإسلامية محليا ودوليا.