تعد مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا وريثة التراث السرياني كونها ابنة مدينة نصيبين (في تركيا اليوم) حاضرة المسيحية المشرقية العريقة. وتشكِّل أيضًا الحاضنة لكلّ من يأتي إليها طلبًا للحماية أو العمل، وهو ما لا ينطبق على الأرمن حصرًا، بل أيضًا على الإثنية الكردية. أما ما يميّز المدينة راهنًا فيتمثّل في وحدة الصف المسيحي.
تجسَّد العمل المسكوني بين كنائس القامشلي عبر لجنة لقاءات الشبيبة المسيحية التي ضمّت الطوائف المسيحية في المدينة كافة، فحملت على عاتقها رسالة نبوية مسكونية عنوانها الشهادة المشتركة لوحدة المسيحيين، ومضمونها الخدمة. تلك الخدمة تتجلّى عادةً في تنظيم عشرات اللقاءات المشتركة للشبّان والشابات بفئاتهم العمرية المختلفة، بالإضافة إلى الصلوات المسكونية.
وقال كاهن كنيسة القديس يعقوب النصيبيني للكلدان الأب سمير كانون عبر منصات التواصل الاجتماعي : «مع بداية الأزمة السورية ساعدت بعض الشبيبة الغيورة على كنيستها كهنةً من مختلف كنائس المدينة بتنظيم يوم للشبيبة المسيحية. وكانت هذه الخطوة بمنزلة نواة لانطلاق فكرة تأسيس اللجنة، ولعقد لقاءات دورية تبحث في دور الشبيبة والكنيسة في سوريا الجريحة في ضوء الكتاب المقدّس».
وأضاف: «ثم وُلدت فكرة تطوير خدمات اللجنة لتشمل تنظيم الصلاة المشتركة من أجل وحدة المسيحيين سنويًّا، وأخرى على نية السلام في سوريا والعالم، وحتى صلوات تضامن مع المدن المتضررة بعد زلزال العام 2023».
وعن أهمّية اللجنة، أكّد كانون أنّ «دورها يتركز على تقريب وجهات النظر الإيمانية والروحية بين الكنائس، وتوحيد الطروح ببلورة رؤية واضحة للعلاقة بين مختلف مكونات منطقة الجزيرة السورية، ونبذ العنف ورفض الانقسام. كذلك، يُعدّ عمل لجنة لقاءات الشبيبة المسيحية رسالة لسائر مدن سوريا كي تنتشر هذه الرسالة ويُعمَّم مفهوم المواطنة والارتباط بالإيمان النابع من محبة الآخر والاهتمام به».
بدوره أشار رافي سايغ، عضو مؤسس في اللجنة، إلى صعوبات كثيرة واجهتها شبيبة القامشلي المسيحيّة وفي مقدّمها مسلسل الهجرة المستمر.
وقال: رحل كثيرون من المسيحيين، وأيضًا من أفراد اللجنة. لكن نقولها بأمل كبير، بقي في الوقت عينه كثيرون هنا، ولأجل من بقي توحّدت جهودنا في لجنة مشتركة تمنح الأمل للشبّان والشابات وتؤكّد لهم أنّ لحضورهم في حياة الكنيسة معنى وقيمة.
وتابع: «إلى اليوم نعتمد في صلواتنا المشتركة عنوان: "كنائس القامشلي تصلّي معًا" تأكيدًا لثمار عملنا المشترك. إنّنا في الحقيقة كنيسة واحدة تجتمع وتصلّي وتشهد لرسالة الإنجيل وللمسيح الواحد. لا بد أنّ نتشارك أفراحنا وأحزاننا، فتنوُّعنا غنى وفرصة لعيش الروح المسيحية».