هناك اتساق نفسي وصدق مجتمعي لدى الجماعة الرافضة للاحتفال بعيد الحب. فبعيدًا عن سخافة اتخاذ "الدبدوب الأحمر أبو كرش" رمزًا للحب، إذ إنه قد يكون أكثر تعبيرًا لو صار رمزًا لحب المحشي، إلا أن هؤلاء لا يعترضون على الدبدوب نفسه، ولا على كرشه الذي قد يعده بعض الخبثاء إسقاطًا مباشرًا على الرجل المصري بعد الزواج.
لكنهم بالفعل يجدون الحب غريبًا في بلادنا، مرفوضًا من الأكثرية. في المقابل، نجد أن الاحتفاء بالكراهية وتقديسها وتأصيلها وتفقيهها، بل وصدور مجلدات حولها، هو الواقع الحقيقي. والأسوأ من ذلك، ربط الكراهية بالله سبحانه وتعالى، وطلب البغض فيه ولأجله كطريق إلى جنته.
مظاهر الكراهية تحيط بنا، وتتجلى في الحسد والنميمة والاغتياب والاغتيال المعنوي. وفي الوقت ذاته، يتم تلويث الحب وتقديمه في صورة مشوهة، مغلّفًا بالشهوات والنفاق والتزلق، ليصبح مثل الدبدوب الأحمر غير المريح، الذي يصنعه البعض محليًا ويحشونه بقطن ملوث من بقايا العمليات الجراحية أو بقطع ملابس ممزقة، فلا يبقى منه سوى الشكل، بينما يملؤه الداخل بكراهية سوداء.
هذا المعنى ليس بعيدًا حتى عن أولئك الذين يرفعون شعار المحبة، بل وحتى عن الذين كتبوا أن "المحبة قمة الفضائل" أو تغنّوا بأن "الله محبة" وأن الوصية العظمى هي "أحبوا أعداءكم". تجد بينهم رجل دين خرج ليطلب الصلاة من أجل تنظيم داعش الإرهابي عقب قتلهم 21 قبطيًا في ليبيا، ليعبّر عن محبة الأعداء بصدق. لكنه نفسه هاجم أسقفًا قتله راهب مأجور، وقال مستنكرًا: "عايزين يحسبوه علينا شهيدًا"، بل ودافع عن القاتل، كأنه يستكثر إطلاق لقب "شهيد" على زميله، كما تفعل الجماعات الإرهابية حين ترفض وصف قتلاها بالشهداء.
والأدهى من ذلك أن من يدّعي محبة أعدائه الأشرار، يطعن في شرف المتزوجين خارج كنيسته، ويصفهم بالزناة، بينما لا يجرؤ على إطلاق الوصف نفسه على الأغلبية التي تتزوج أيضًا وفق أنظمة أخرى، لا حبًا، بل نفاقًا وخوفًا.
هذه النماذج، إلى جانب ازدهار الداعشية كفكر وممارسة، تجعلنا نطالب بإقامة عيد للكراهية ويكون إجازة رسمية لانه يناسب حياتنا وعقولنا! وعلى المصانع أن تصمم لنا دبدوبًا أسود يحتفظ بذلك الكرش الضخم، لأنه يناسب مدّعي الزهد والنسك الذين يبغضون في الله ويكتبون ترانيم عن الحب.
إفيه قبل الوداع:
- الله محبة والخير محبة (أغنية لأم كلثوم)
- غني لي شوية شوية (أغنية لها أيضًا)