الثلاثاء 11 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

غزة ليست للبيع.. والتاريخ لا يعترف بالمزايدين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تصريحات ترامب حول إنكار حق العودة للفلسطينيين الذى بربد تهجيرهم من قطاع غزة ليست فقط مستفزة، بل تشكل جريمة جديدة تُضاف إلى سجل الجرائم السياسية الأمريكية ضد الشعب الفلسطيني، فهذا الحق مكفول بموجب القرار الأممي 194، الذي ينص بوضوح على ضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، إن إنكار هذا الحق والتخطيط لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم يضع واشنطن في مواجهة مباشرة مع الشرعية الدولية، ويؤكد مرة أخرى أن سياسات ترامب تتماهى تمامًا مع الأجندة الصهيونية المتطرفة.

يحاول ترامب تسويق خطته القمعية بعبارات مضللة مثل "الفلسطينيون سيحصلون على مساكن أفضل بكثير"، زاعمًا أن تهجيرهم سيكون “بناءً لمكان دائم لهم”، لكن الواقع يؤكد أن هذه الخطط ليست إلا استكمالًا لمشاريع التهجير القسري التي بدأتها إسرائيل منذ نكبة 1948، الفلسطينيون في غزة لا يبحثون عن مساكن فارهة، بل يناضلون من أجل حقهم الطبيعي في العيش على أرضهم بحرية وكرامة، أي محاولة لفرض التوطين القسري عليهم، تحت أي غطاء كان، ستواجه بمقاومة شرسة من الفلسطينيين أنفسهم ومن كل الشعوب الحرة الرافضة لمخططات الاستعمار الجديد.

يبدو أن ترامب ينظر إلى المنطقة العربية باعتبارها "سوقًا" يمكن عقد الصفقات فيها كيفما شاء، متناسيًا أن قضية فلسطين ليست للبيع، وأن أي محاولة للضغط على الدول العربية لن تنجح في محو حقوق الفلسطينيين، إن تصريحات ترامب تكشف العقلية الاستعمارية التي تحركه، والتي تتعامل مع الدول والشعوب بمنطق الإملاء والإجبار، لكن الواقع يثبت أن الفلسطينيين، رغم كل المؤامرات التي حيكت ضدهم لعقود، لن يقبلوا أن يكونوا ضحية جديدة لهذه الصفقات القذرة.

وقوبلت تصريحات ترامب بحالة من الغضب الشديد على المستويين الفلسطيني والدولي، حيث اعتبرت القيادة الفلسطينية هذه التصريحات "تطهيرًا عرقيًا معلنًا" ومحاولة لفرض واقع استعماري جديد على غزة. كما أكدت مصر والأردن رفضهما لأي خطط تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب سيادتهما الوطنية. وقد أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء هذه التصريحات، محذرة من أن أي محاولة لفرض تهجير قسري للفلسطينيين ستشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.

وليس سرًا أن تصريحات ترامب تأتي في سياق التحالف الوثيق الذي يجمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسعى بدوره إلى استغلال الدعم الأمريكي غير المحدود لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل. فقد سبق لترامب أن أعلن عن "صفقة القرن"، التي كانت تهدف إلى القضاء على حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة. واليوم، تعود هذه المخططات إلى الواجهة مجددًا تحت غطاء جديد، يهدف إلى إفراغ غزة من سكانها وفرض واقع ديمغرافي يخدم الاحتلال الإسرائيلي.

ما يتجاهله ترامب في حساباته السياسية هو أن الفلسطينيين في غزة أثبتوا عبر العقود أنهم شعب صامد، قادر على إفشال كل المخططات الرامية إلى اقتلاعه من أرضه. رغم الحصار والقصف والعدوان المتكرر، ظلت غزة عنوانًا للصمود والمقاومة، ولن تكون اليوم لقمة سائغة لمشاريع التصفية. فالاحتلال الإسرائيلي بكل قوته العسكرية لم يتمكن من كسر إرادة الفلسطينيين، ولن يستطيع ترامب، بتصريحاته العبثية، أن يفرض عليهم مستقبلًا لا يختارونه.

إن تصريحات ترامب الأخيرة حول غزة ليست مجرد تصريحات سياسية عابرة، بل هي إعلان حرب على القانون الدولي، وتكريس جديد لنهج الاستعمار والإقصاء، إذا كان ترامب يعتقد أن الفلسطينيين يمكن أن يبيعوا وطنهم مقابل وعود زائفة، فهو لم يفهم بعد أن فلسطين ليست للبيع، وأن غزة ستبقى فلسطينية، بأهلها وترابها ومقاومتها، وإذا كان يراهن على أن المال سيشتري صمت العالم، فالتاريخ يؤكد أن الحقوق لا تسقط بمرور الزمن، وأن الشعوب التي تدافع عن حريتها لن تهزمها تصريحات جوفاء من رئيس يجهل معنى الكرامة الإنسانية.