تطور الحد الأدنى للأجور في مصر حيث زاد بنسبة 900% خلال 14 عامًا فشهد تحولات كبيرة خلال السنوات الماضية، إذ ارتفع من 700 جنيه في عام 2010 إلى 7000 جنيه في 2024.
وشهد الحد الأدنى للأجور زيادات تدريجية على مدار السنوات الماضية لتحسين مستوى المعيشة ومواكبة التضخم في عام 2014، تم تحديد الحد الأدنى للأجور عند 1200 جنيه للعاملين في القطاع الحكومي، وهو ما استمر لعدة سنوات قبل أن يرتفع إلى 1400 جنيه في 2017، ثم إلى 2000 جنيه في 2019، في خطوة لرفع دخل الموظفين.
مع تزايد الأعباء المعيشية، تمت زيادة الحد الأدنى للأجور مجددًا في 2021 ليصل إلى 2400 جنيه، ثم إلى 2700 جنيه في يوليو 2022، وبعدها إلى 3000 جنيه في نوفمبر من نفس العام استمرت هذه الزيادات خلال 2023، حيث ارتفع الحد الأدنى للأجور إلى 3500 جنيه وفي 2024، شهدت مصر أكبر زيادة حتى الآن، حيث وصل الحد الأدنى إلى 6000 جنيه.
بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص، بدأ تطبيق الحد الأدنى للأجور رسميًا في 2022 عند 2400 جنيه، ثم زاد إلى 2700 جنيه في 2023 وفي منتصف العام نفسه، ارتفع إلى 3000 جنيه، قبل أن يتم رفعه مجددًا إلى 3500 جنيه مع بداية 2024 وفي مايو 2024، تساوى الحد الأدنى للأجور في القطاعين الحكومي والخاص، ليصل إلى 6000 جنيه، وتم رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار 1000 جنيه ليصل إلى 7000 جنيه شهريًا اعتبارًا من مارس 2025 وهو ما يعكس توجه الدولة لتحسين الأوضاع الاقتصادية للعاملين في مختلف القطاعات وتعكس هذة الزيادة جهود الدولة في تحسين مستوى معيشة المواطنين، خاصة مع التحديات الاقتصادية التي شهدتها البلاد.
ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف الحياة
وفي هذا السياق يقول الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي، بدأت هذه الزيادات التدريجية استجابة للمتغيرات الاقتصادية، حيث كان الحد الأدنى للأجور في بداية العقد الماضي غير كاف لمواجهة الأعباء المعيشية المتزايدة مع مرور الوقت، ومع ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف الحياة، أصبحت هناك حاجة ماسة لرفع الأجور لتتماشى مع التغيرات الاقتصادي
وكان أحد العوامل الأساسية التي دفعت إلى زيادة الحد الأدنى للأجور هو التضخم المستمر، الذي أدى إلى تاكل القوة الشرائية للعملة مع ارتفاع الأسعار، ووجدت الحكومة ضرورة للتدخل لضمان ألا يتأثر مستوى المعيشة للمواطنين، خاصة الموظفين والعاملين في القطاع الحكومي.
وأضاف الشافعي، إلى جانب التضخم، ساهمت الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الدولة في دفع الأجور إلى ارتفاع برامج الإصلاح، مثل تحرير سعر الصرف وإعادة هيكلة الدعم التي أثرت بشكل كبير على مستوى الأسعار، مما استدعى تعديلات متتالية في الرواتب لضمان توازن اقتصادي واجتماعي موضحًا كان لهذه الزيادات تأثيرات متعددة، حيث ساهمت في تحسين القوة الشرائية للعاملين، مما أدى إلى تنشيط الأسواق المحلية وزيادة الطلب على السلع والخدمات كما ساعدت في تقليل الأعباء المعيشية على الأسر المصرية، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة.
وتابع الشافعي، رغم الفوائد الإيجابية لهذه الزيادات، إلا أنها تطرح بعض التحديات، مثل ارتفاع تكاليف التشغيل على الشركات، مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار السلع أو تقليل فرص التوظيف لذلك، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين تحسين الأجور وضمان استقرار الاقتصاد، بحيث تحقق هذه الزيادات الأثر الإيجابي المطلوب دون آثار جانبية كبيرة
التحديات والمخاوف الاقتصادية
وفي نفس السياق يقول الدكتور علي الإدريسي الخبير الاقتصادي، أن زيادة الحد الأدنى للأجور جاءت استجابة للتغيرات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتآكل القوة الشرائية للجنيه المصري فمع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، أصبح من الضروري تعديل الأجور لضمان قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الأساسية الي جانب أن زيادة الأجور من شأنها أن تساهم في تحفيز الاستهلاك المحلي، مما قد يؤدي إلى تنشيط الأسواق ودفع عجلة النمو الاقتصادي، إضافة إلى ذلك، تعتبر هذه الزيادة جزءًا من توجه الحكومة لتحسين الظروف المعيشية للعاملين، خاصة في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي تضمنت تحرير سعر الصرف وإعادة هيكلة الدعم، وهي إجراءات أثرت بشكل مباشر على تكاليف المعيشة وبالتالي، فإن رفع الحد الأدنى للأجور يمثل محاولة لتخفيف الأعباء عن المواطنين وتعزيز الاستقرار الاجتماعي.
وأضاف الإدريسي، رغم الفوائد المتوقعة لهذه الزيادة الا أنها قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل على الشركات، خاصة في القطاعات التي تعتمد على العمالة الكثيفة فمع ارتفاع الأجور، قد تلجأ بعض الشركات إلى تقليص عدد الوظائف أو الاعتماد أكثر على التكنولوجيا لتقليل الاعتماد على العمالة، مما قد يؤثر سلبًا على فرص التوظيف في السوق.
وتابع الإدريسي، أن هناك مخاوف من أن تؤدي الزيادات الكبيرة في الأجور إلى ارتفاع الأسعار، حيث قد تلجأ الشركات إلى تمرير هذه التكاليف الإضافية إلى المستهلكين، مما قد يعيد الضغط على القوة الشرائية للأفراد وإذا لم يصاحب هذه الزيادة في الأجور تحسين في الإنتاجية وتعزيز الاستثمارات، فقد تؤدي إلى مزيد من التضخم بدلاً من تحسين مستوى المعيشة.