ذكرت وكالة أنباء (أسوشيتيد برس) الأمريكية، اليوم الاثنين، أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يواجهون، بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المزيد من الاضطهاد والعنف والحواجز التي تقيمها القوات الإسرائيلية ضدهم، وكذلك المزيد من البؤس والحزن.
ونشرت الوكالة، اليوم، تقريرًا ميدانيًا حول أوضاع الفلسطينيين في الضفة الغربية، أكدت فيه أن المواطن الفلسطيني عبد الله فوزي - البالغ من العمر 42 عامًا - وهو (مصرفي من مدينة نابلس بشمال الضفة الغربية) يغادر منزله في الساعة الرابعة صباحًا؛ ليصل إلى وظيفته بحلول الساعة الثامنة وغالبًا ما يتأخر.. رغم أن رحلته كانت تستغرق ساعة قبل بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وأوضحت الوكالة أن الجيش الإسرائيلي كثف غاراته ضد الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية وحول طرق سكانها عبر سبع نقاط تفتيش جديدة؛ مما أدى إلى مضاعفة وقت فوزي وغيره من مئات الفلسطينيين على الطريق.. والآن أصبح الأمر أسوأ.
وأضافت أنه منذ سريان وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس، أصبحت رحلة فوزي إلى رام الله، أكثر تعقيدًا وباتت تستغرق أربع ساعات على الأقل عبر ممرات شديدة الانحدار وطرق زراعية، في حين تعمل إسرائيل على تشديد الخناق حول المدن الفلسطينية في إجراءات تعتبرها ضرورية للحماية من الهجمات المسلحة.
وتابعت (أسوشيتيد برس) أن العديد من المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين الغاضبين من انتهاء الحرب على ما يبدو وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في مقابل الرهائن الإسرائيليين اجتاحوا، مع سريان الهدنة بين إسرائيل وحماس في 19 يناير الماضي، مدنا عديدة في الضفة الغربية وأحرقوا السيارات والمنازل.
وأشارت إلى أنه - بعد يومين - هبطت قوات إسرائيلية بطائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر هجومية على مدينة (جنين) في شمال الضفة الغربية.. وبدأت نقاط التفتيش في الظهور بين المدن الفلسطينية، مما أدى إلى تقطيع الضفة الغربية المحتلة وخلق نقاط اختناق يمكن للجيش الإسرائيلي إغلاقها متى شاء، وبدأت المعابر التي كانت مفتوحة على مدار الساعة في الإغلاق خلال ساعات الذروة الصباحية والمسائية، مما قلب حياة مئات الآلاف من الناس رأسًا على عقب.
كذلك، تضاعفت الحواجز الجديدة والتلال الترابية والبوابات الحديدية؛ مما دفع السيارات الفلسطينية بعيدًا عن الطرق الممهدة جيدًا إلى مسارات وعرة عبر الحقول المفتوحة، وما كان في السابق مجرد نظرة جندي وإمالة رأسه أصبح حاليًا عمليات تفتيش دولية أشبه بالحدو.. وتقول إسرائيل إن هذه التدابير تهدف إلى منع حماس من فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، ولكن العديد من الخبراء يشتبهون، حسبما أبرزت الوكالة الأمريكية، في أن هذه الإجراءات الصارمة لها علاقة أكبر بتخفيف الضغوط من قبل زعماء المستوطنين مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية وحليف مهم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي هدد بإسقاط الحكومة إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب في غزة.
ونقلت (أسوشيتيد برس) عن تهاني مصطفى، المحللة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، قولها: "إن إسرائيل لديها الآن حرية التصرف في متابعة ما أرادته في الضفة الغربية لفترة طويلة: التوسع الاستيطاني والضم. كان هذا يعتبر مقايضة محتملة".
وعندما سُئِل عن سبب شن حملة تفتيش مكثفة خلال وقف إطلاق النار، ذكر جيش الاحتلال أن قادته أصدروا الأمر جزئيًا بسبب المخاوف من أن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، في مبادلات مع رهائن إسرائيليين تحتجزهم حماس، قد يؤدي إلى زيادة التوترات في الضفة الغربية، وزعم أن نقاط التفتيش في جميع أنحاء الضفة الغربية كانت "لضمان الحركة الآمنة ودائرة الأمان".
وقالت (أسوشيتيد برس) في تقريرها على لسان مراسلها في رام الله: "إن قضاء ساعة الذروة عند نقطة تفتيش إسرائيلية تمكنك حتمًا من سماع المشاكل التي تسببت فيها مثل تقسيم العائلات الفلسطينية وخسارة الأموال وتعطيل التجارة ومنع المرضى من الوصول إلى الأطباء"... وقال أحمد جبريل "إن منصبه كمدير لخدمات الطوارئ في الهلال الأحمر الفلسطيني لا يحميه".. وأضاف:" نعامل مثل أي سيارة خاصة أخرى"، واصفًا عشرات الحالات التي أجبر فيها الجنود الإسرائيليون سيارات الإسعاف على الانتظار للتفتيش عندما كانت تستجيب لمكالمات الطوارئ.
وفي إحدى الحالات، وبالتحديد في 21 يناير، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن امرأة تبلغ من العمر 46 عامًا أصيبت بنوبة قلبية في مدينة الخليل الجنوبية توفيت أثناء انتظارها لعبور نقطة تفتيش، مع ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إنه لا علم له بهذه الحادثة على وجه التحديد.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية "أوتشا"، أنه اعتبارًا من 28 نوفمبر الماضي، كان لدى إسرائيل 793 نقطة تفتيش وحاجز طرق في الضفة الغربية، أي أكثر بـ 228 نقطة مما كانت عليه قبل الحرب في غزة. ولم يقم المكتب بتحديث الإحصاء منذ وقف إطلاق النار، لكن أحدث تقرير له أشار إلى زيادة في "القيود الخانقة" التي "تمزق المجتمعات وتشل الحياة اليومية إلى حد كبير"!.