تعتبر كنيسة مار مارون في حارة صخر (الدِقرِين سابقًا) إحدى الرموز الدينية والتاريخية في مدينة جونيه، إذ تعود جذورها إلى أواخر القرن التاسع عشر. ففي عام ١٨٨١ ، اشترى الخواجة بطرس نصر قطعة أرض في محلّة الدِقرِين، وبدأ ببناء الكنيسة التي اكتمل تشييدها عام ١٨٩٨ لتصبح أول كنيسة في جونيه تُكرَّس على اسم القديس مارون، مؤسس الطائفة المارونية.
العمارة والتراث:
بدأت الكنيسة كبناء صغير ذو طرازٍ بسيط يعكس فنون العمارة اللبنانية التقليدية، لكنها تحمل في داخلها إرثًا روحيًا وفنيًا فريدًا. ففي عام ١٩٠٩، أُوقِفَت فيها لوحة القديس مارون التي رسمها الفنان الماروني الشهير داوود القرم بناءً على طلب المُتبرع بطرس حاويلا بعدما شُفي ابنه بشكلٍ مفاجئٍ اعتُبر معجزةً إلهية. تُعد هذه اللوحة تحفة فنية تُجسّد عمق الارتباط بين الإيمان والفن في التراث الماروني.
التوسعة والنشاط الرعوي:
شهدت الكنيسة عملية توسعة مهمة عام ٢٠١١ حافظت خلالها على طابعها التاريخي مع تحديث مرافقها لتلبي احتياجات المجتمع المتنامي. ومنذ تأسيسها، تميزت الكنيسة بكونها رعيّة ناشطة
حيث تضم حركات رسولية متنوعة وأخويات تُعنى بالخدمات الاجتماعية والروحية، مثل تعليم الإيمان، ودعم الأسر المحتاجة، وتنظيم فعاليات ترسيخ الهوية المسيحية المارونية.
الدور المجتمعي:
تُشكل الكنيسة مركزًا دينيًا واجتماعيًا لأهالي حارة صخر وجونيه، لا سيما في المناسبات الدينية كعيد مار مارون (9 فبراير)، حيث تُقام الصلوات والمواكب الاحتفالية. كما تُبرز الكنيسة دورَ الأوقاف والتبرعات الخاصة في الحفاظ على الإرث المسيحي في لبنان، عبر قصص مثل قصة لوحة داوود القرم التي تجسّد التلاحم بين الإيمان والعمل الانساني
كنيسة مار مارون في حارة صخر ليست مجرد مبنى حجري، بل هي شاهدٌ حي على إرثٍ ديني وثقافي امتد لأكثر من قرن. بجهود أبنائها ومُحبّيها، استطاعت أن تحافظ على رسالتها الروحية والاجتماعية، وأن تكون منارةً للإيمان والتجديد في قلب مدينة جونيه النابضة بالحياه