الثلاثاء 11 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

القمة العربية الطارئة بين صرخة الحق ولغة التحدي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في أعقاب التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تهجير سكان غزة، طالبت فلسطين بعقد قمة عربية طارئة لبحث الأزمة المتصاعدة، العرب استجابوا وتم تحديد موعد القمة يوم 27 فبراير الجاري، بعد أن تم نقل مكان انعقادها من البحرين إلى القاهرة.

تأتي القمة في أجواء عاصفة أثارتها تصريحات ترامبية غير مسؤولة، لذلك انطلقت صرخة فلسطين عالية تنادي بالعرب ليـجتمعوا، فالمصير يناديهم، والخصم ينسج خيوط مؤامرة جديدة لاقتلاع شعب من أرضه. هكذا اجتمعت الإرادة العربية على عقد قمة طارئة في القاهرة، وكأنما أرادت الأقدار أن تُسلِّط الضوء على الدور المصري العريق في حمل لواء القضية الفلسطينية، منذ زمن جمال عبد الناصر حتى زمن عبدالفتاح السيسي.

والمتابع للأحداث والبيانات الرافضة لفكرة ريفيرا غزة التي يتبناها ترامب ويصفق لها نتنياهو من الممكن له أن يرسم مدخلات القمة ومخرجاتها، ولأنها قمة طارئة لصد زحف التوسع الترامبي يمكننا القول بأن القمة لن تحمل أجندة تقليدية تئن تحت وطأة البروتوكولات الدبلوماسية، بل سنرى أجندة تحمل في طياتها روحًَا غاضبة رافضة وفي قلب أعمالها مواجهة "عاصفة ترامب" ولن تكتفي القمة برفض التصريحات الاستفزازية التي نُسجت بخيط من نار، بل ستحولها إلى فرصة لإعلان موقف عربي صلب يحمل لاءات محددة وواضحة لا للتهجير، لا للاقتلاع، لا للتنازل عن ذرة من تراب فلسطين.

في هذه القمة سوف يتم صناعة السند لفلسطين،  في هذه القمة لن يتوقف السند عند مواجهة الجوع والحصار والدمار، ولكن سوف تعيد القمة رسم خريطة الدعم السياسي للقضية الفلسطينية، خريطة تحمي كل فلسطين من الانهيار والضياع، فانعقادها في ذاته يعيد الأمل في ربط الخيوط من جديد بين الدول العربية، ليكون الردعلى التحديات موحدا كالسيل الجارف.

القمة تنعقد كما اسلفنا تنعقد في القاهرة ولكن صدى انعقادها لن يكون في محيطنا الجغرافي العربي فقط ولكن يمكن اعتباره صرخة متجددة لايقاظ الضمير العالمي ولن تترك القمة المجتمع الدولي يتنصل من مسؤولياته، بل ستذكره بقرارات الشرعية الدولية، وتدفعه إلى تحرك جاد لوقف أي مخططات تمس حق الفلسطينيين في الوجود، هنا نجد أنه من المتوقع تشكيل لجنة عربية رفيعة لمتابعة الملف الفلسطيني على المستوى الدولي، وخاصة في الأمم المتحدة، وتتبنى هذه اللجنة الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لمناقشة تصريحات ترامب ومخاطرها على السلام الإقليمي.

وما بين حبر القرارات ودم الشهداء مسافة سوف تنتهي في هذه القمة لتتحول قراراتها إلى فعل ملموس بخطوات تعيد للأذهان زمن العروبة الحقيقي، الزمن الذي يؤكد على أن فلسطين ليست سلعة في سوق المزايدات السياسية والاقتصادية.

ويبقى السؤال لماذا القاهرة؟ الإجابة بسيطة 

لم يكن نقل مكان القمة من البحرين إلى مصر مجرد تغيير جغرافي، بل هي إشارة إلى أن القضية الفلسطينية ما زالت تناطح جدار الزمن من البوابة المصرية، فالقاهرة ليست عاصمة عابرة، بل هي حارس الأمن القومي العربي وفي القلب منه القضية الفلسطينية بالذات. ويقول التاريخ أنه منذ حرب أكتوبر 1973 وحتى الآن ومصر هي الملجأ لكل الوساطات المتعاقبة بين الفصائل الفلسطينية، لتظل مصر حصنا منيعا ضد محاولات تفكيك القضية.

انتقلت القمة إلى القاهرة لأن كلمة مصر الموحدة والمستندة على دعم عمقها العربي  تجد الآذان الصاغية في واشنطن وموسكو على حد سواء، وتجربتها في إدارة ملف غزة عبر معبر رفح جعلتها الشاهد الحي على معاناة الشعب الفلسطيني، هذا إلى جانب  الرمزية التي تحملها مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين في 1948، وها هي ذاتها التي تستقبل اليوم قمة تحذر من تكرار التاريخ لتعكس عمق الارتباط بين النيل وفلسطين.

نعيد ونكرر أن مصر في ملف التهجير اعتبرته خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه وكان العالم كله شاهدا على التصريحات المصرية التي لم تأت مجرد ردود دبلوماسية منمقة، بل كانت صرخة وجودية وعلى لسان رأس الدولة استمعنا، أن مصر لم ولن تسمح بمس حقوق الشعب الفلسطيني، أو النيل من كرامته، وأن التهجير مخطط؛مرفوض جملة وتفصيلًا، وكذلك الخارجية المصرية قرأنا لها في بيانٍ كتب بلغة الدم حيث عبرت عن استنكارها الشديد للتصريحات الاستعمارية التي تتنكر لحقوق الإنسان وتهدد الاستقرار الإقليمي، كما شهدنا تحركات عملية حيث دعت الخارجية إلى تحالف دولي لإفشال أي محاولات لطمس الهوية الفلسطينية.

في هذا الإطار تنعقد القمة العربية كشعلة للوحدة والتضامن، مستندة إلى موقف الأمم المتحدة الذي يمكن اعتباره درعا ضد انتهاكات القانون الدولي.

طموحنا هو النجاح المطلق للقمة وأن تكون بداية فصل جديد ولن يتم ذلك النجاح إلا بتحويل رمزي ليصبح البيان في وزن البندقية، والقرار يشبه الخندق، والكلمة ساحة المعركة.