الثلاثاء 11 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ماسبيرو بعيون عربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على ضفاف نهر النيل العظيم، يقف ماسبيرو شامخًا، فخورًا بتاريخه العريق، حاملًا بين جدرانه إرثًا ثقافيًا ووطنيًا ساهم في تشكيل وجدان المصريين والعرب، فقد لعب دورًا محوريًا في نشر الفكر والثقافة والفن المصري في العالم العربي، إذ انطلقت منه أصوات سياسية، ثقافية وفنية وصلت إلى ملايين المشاهدين، وتضاعف هذا التأثير بعد ظهور القناة الفضائية المصرية والانفتاح الإعلامي.

منذ نشأته، قدم التلفزيون المصري محتوى مميزًا يجمع بين الأخبار، الثقافة والدراما، فمن خلاله، عرف العرب أبرز القامات الإعلامية واستمتعوا بأعظم الأعمال، إذ ارتبط الجمهور العربي ببرامج أيقونية مثل "العلم والإيمان"، "عالم البحار"، و"النادي الدولي"، وعلى المستوى الفني، لم تكن الأعمال الدرامية التي قدمها مجرد وسيلة للترفيه، بل كانت مرآة تعكس قضايا المجتمعات العربية، مثل "الشهد والدموع"، "ليالي الحلمية"، و"رأفت الهجان"، وهي أعمال أثّرت في وجدان الملايين وساهمت في خلق روابط ثقافية قوية بين مصر والدول العربية وجعلت اللهجة المصرية الأكثر تداولًا بين الشعوب العربية.

أما قطاع الأخبار، فقد كان مدرسة إعلامية رائدة قدمت وجوهًا بارزة مثل صفاء حجازي، زينب سويدان، محمود سلطان، وأحمد سمير، الذين نقلوا صورة مصر الحقيقية إلى العالم بكل احترافية ومصداقية، ولعب هذا القطاع دورًا هامًا في تشكيل الانطباع الدولي عن مصر كبلد حضارة وثقافة، من خلال نشرات إخبارية وتقارير دقيقة تغطي الشأن المحلي، العربي والدولي، خصوصًا خلال الأزمات والحروب، ويبقى صوت البيان الأول لحرب أكتوبر 1973 محفورًا في ذاكرة الملايين، مما يؤكد أن هذا المبنى العريق جزء لا يتجزأ من تاريخ الأمة العربية.

لا يمكن النظر إلى ماسبيرو كمجرد مقر للإذاعة والتلفزيون المصري، بل هو في عيون العرب معلمة أثرية ذو قيمة كبيرة شاهدة على العصر الذهبي للإبداع، وهو ما يجعله وجهة محببة لكل سائح عربي عاش وتأثر بالرموز الفنية المصرية مثل فؤاد المهندس، سعاد حسني، عبدالحليم حافظ، نيللي، وشادية، فبصمات هؤلاء النجوم لا تزال محفورة في استوديوهات ماسبيرو، وزيارته تعني العودة إلى الزمن الجميل، لذا، فإن الحفاظ عليه ليس مطلبًا مصريًا فحسب، بل مطلبًا عربيًا واجب النفاذ، فهو يمثل الهوية الإعلامية المصرية التي ساهمت في تشكيل الوعي العربي.

ماسبيرو..  القلب النابض للإعلام المصري، وذاكرة الأمة العربية، وإحدى القلاع الإعلامية في العالم العربي، ظل منذ عقود رمزًا للاحترافية والمهنية رغم التحديات، ولذلك فهو يستحق الاهتمام والتطوير ليبقى النافذة الأقوى التي تطل منها مصر على العالم.