التعليق الرياضي، أحد العناصر الأساسية فى تجربة مشاهدة المباريات، حيث يضفى الحماس والإثارة على الأحداث الرياضية، وينقل للجماهير تفاصيل المباراة بلغة شيقة ممتعة.
بدأ التعليق الرياضى فى مصر منتصف القرن العشرين، وكان دوره كبيرا فى توثيق وتقديم المباريات للمشجعين، سواء عبر الإذاعة أو التليفزيون.
البدايات
بدأ التعليق الرياضى مع ظهور البث الإذاعى فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، حيث كان الجمهور يتابع مباريات كرة القدم عبر الراديو.
يعد محمود بدر الدين أول معلق رياضى مصري، بدأ التعليق على المباريات عبر الإذاعة المصرية فى منتصف الأربعينيات تميز بأسلوبه السلس والبسيط، وكان له دور كبير فى نشر ثقافة التعليق الرياضى بين الجماهير
فى تلك الفترة، كان التعليق يتم بأسلوب تقريرى يعتمد على نقل الأحداث كما هي، مع بعض التحليلات الفنية البسيطة، وكان الجمهور يعتمد على التعليق الصوتى فقط، مما جعل المعلقين يعتمدون على الوصف الدقيق للمباريات لنقل الصورة الكاملة للمستمعين.
مع دخول التليفزيون فى الخمسينيات والستينيات، بدأ التعليق الرياضى يأخذ شكلًا جديدًا كان من أوائل المعلقين الذين برزوا فى تلك الفترة محمد لطيف وهو أحد رموز التعليق الرياضي.
استمر تطور التعليق الرياضى مع ازدياد شعبية كرة القدم، وبدأت الأندية الكبرى مثل الأهلى والزمالك تكتسب جماهيرية أوسع، مما زاد من أهمية التعليق الرياضى كوسيلة لنقل المباريات إلى المشاهدين والمستمعين.
فى فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات ظهرت أجيال مختلفة وجديدة من المعلقين الذين أثروا التعليق الرياضى بأساليب متنوعة، من أبرزهم على زيور وحسين مدكور، وإبراهيم الجويني، وعلاء الحامولى وحمادة إمام.
أما ميمى الشربينى ومحمود بكر فقد تميزا بأسلوبهما الفكاهي، حيث كانا يضيفان لمسة خاصة فى متابعة المباريات، وتميز هؤلاء المعلقون بأساليب مختلفة تراوحت بين التحليل الجاد والطابع الفكاهي، مما زاد من متعة المشاهدة للمباريات.
مع تطور وسائل الإعلام والاتصالات انتقل التعليق الرياضى إلى مرحلة جديدة مع انتشار القنوات الفضائية الرياضية مما أتاح الفرصة لجيل جديد من المعلقين أمثال على محمد على وأيمن الكاشف.
كما شهد التعليق الرياضى فى العصر الحديث دخول المعلقين الشباب إلى الساحة، وأصبحوا أكثر تفاعلًا مع الجمهور من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يشاركون آراءهم وتحليلاتهم قبل وبعد المباريات، مما يعزز من تجربة المشاهدة الجماهيرية.
مر التعليق الرياضى فى مصر بمراحل عديدة من التطور بدءًا من الراديو، مرورًا بالتليفزيون، وصولًا إلى القنوات الفضائية والمنصات الرقمية الحديثة.
لعب المعلقون المصريون دورًا كبيرًا فى إثراء كرة القدم المصرية والعربية بأساليبهم المتنوعة وساهموا فى زيادة شعبية اللعبة بين الجماهير.
ومع التطور المستمر فى الإعلام الرياضي، سيظل التعليق الرياضى جزءًا أساسيًا من تجربة مشاهدة المباريات، حيث يضفى الحماس والإثارة على عالم كرة القدم.
![](/Upload/libfiles/748/1/788.jpg)
محمود بدر الدين "الأب الروحي"
يعتبر محمود بدر الدين الأب الروحى للتعليق الرياضى فى مصر وأول من حمل الميكروفون لوصف المباريات، وكان له دور كبير فى تقديم كرة القدم للجماهير عبر الإذاعة.
ولد فى الإسكندرية عام ١٨٩٩، وتلقى تعليمه فى مدرسة السعيدية قبل أن يلتحق بكلية الهندسة، بدأ بدر الدين مشواره الرياضى كلاعب كرة قدم، حيث لعب للنادى الأهلى ثم انتقل إلى الزمالك فى فترات مختلفة، لكنه لم يكتف بذلك، فاتجه إلى التحكيم ثم العمل الإدارى فى الأندية، وكان له دور مؤثر فى تطوير الرياضة المصرية.
إلا أن اللحظة الأهم فى مسيرته جاءت عندما بدأت الإذاعة المصرية فى بث مباريات كرة القدم، فكان هو أول من تولى التعليق عليها خلال أربعينيات القرن الماضي.
أسلوبه فى التعليق كان بسيطا وسلسا، حيث اعتمد على وصف الأحداث بطريقة واضحة وجذابة، مما جعله يحظى بشعبية كبيرة بين الجماهير.
رحل محمود بدر الدين عام ١٩٥٥ تاركا بصمة لا تنسى فى تاريخ التعليق الرياضى واسمه ظل محفورا كأول من أدخل هذا الفن إلى الملاعب المصرية، وأصبح قدوة لكل من جاء بعده.
![](/Upload/libfiles/748/1/787.jpg)
محمد لطيف شيخ المعلقين الرياضيين
محمد لطيف واحد من أهم رموز التعليق الرياضى فى مصر والعالم العربي، كان صاحب بصمة مميزة فى نقل المباريات وإضفاء الحماس والإثارة عليها بصوته وأسلوبه الفريد.
ولد عام ١٩٠٩ فى محافظة بنى سويف وبدأ حياته كلاعب كرة قدم فى صفوف نادى الزمالك، ثم انضم إلى المنتخب المصرى وشارك فى كأس العالم عام ١٩٣٤، ليكون من أوائل اللاعبين المصريين الذين خاضوا هذه البطولة.
بعد اعتــــزاله كرة القدم، اتجه لطيف إلى التعليق الرياضى ليصبح أحد رواده فى مصر.
كانت بدايته فى الخمسينيات، حيث بدأ بالتعليق على المباريات عبر الإذاعة المصرية، ومع دخول التليفزيون، أصبح صوته جزءًا لا يتجزأ من متعة مشاهدة كرة القدم.
كان لطيف يضيف طابعًا خاصًا للتعليق بفضل خلفيته كلاعب سابق، حيث كان يقدم تحليلات دقيقة أثناء المباريات، إلى جانب تعليقاته الطريفة والعفوية التى جعلت الجمهور يشعر وكأنه يشاهد المباراة برفقة صديق مقرب.
استمر فى تقديم التعليق الرياضى لعقود طويلة، وأصبح صوته رمزًا مميزًا للكرة المصرية وحتى بعد رحيله عام ١٩٩٠.
بقيت عباراته الشهيرة فى ذاكرة عشاق كرة القدم والتى منها " وزى ما احنا عارفين إن الكورة إجوان" و"لو بصيت على يمينك هتلاقى جمهور الزمالك بالأعلام البيضا، وعلى شمالك جمهور الأهلى بأعلامه الحمرا" و" جت فى الألومنيا "
شارك بشخصيته الحقيقية فى العديد من الأفلام المصرية مثل " غريب فى بيتى وغابة من السيقان والمحفظة معايا ".
![](/Upload/libfiles/748/1/789.jpg)
علي زيوار.... "إيه الحلاوة دى"
يعد على زيوار واحدا من أبرز المعلقين الرياضيين، حيث ترك بصمة واضحة بصوته المميز وأسلوبه الراقى فى التعليق على مباريات كرة القدم، عرف بأسلوبه الهادئ والدقيق، مما جعله أحد الأسماء الخالدة فى هذا المجال.
بدأ زيوار مشواره كلاعب فى النادى الأهلى خلال الثلاثينيات، لكنه بعد اعتزاله انتقل إلى التعليق الرياضى عبر الإذاعة المصرية فى الخمسينيات، ثم التليفزيون مع بداية بث المباريات.
تميز بأسلوبه البسيط والاحترافي، حيث كان يقدم المباريات بتحليل هادئ بعيدا عن المبالغة مما جعله محبوبا لدى الجماهير.
من أشهر عباراته التى ظلت عالقة فى أذهان المشجعين "حبة فوق وحبة تحت" "ياولد يا ولد ياولد" "إيه الحلاوة دى".
شارك فى عدد من الأفلام بشخصيته الحقيقية ومنها فيلم " رجل فقد عقله ".. استمر زيوار فى التعليق لسنوات طويلة، وقدم العديد من المباريات المحلية والدولية بصوته الذى أصبح رمزا لعشاق كرة القدم، ورغم رحيله عام ٢٠٠٥ عن عمر يناهز الـ٨٣ عاما، بقى صوته وأسلوبه محفورين فى ذاكرة الرياضة المصرية، ليظل أحد الأسماء التى شكلت تاريخ التعليق الرياضى فى مصر.
![](/Upload/libfiles/748/1/801.png)
حسين مدكور.."لمسة تحليلية"
أحد أعلام التعليق الرياضى فى مصر، حيث ترك بصمة مميزة بصوته الهادئ وأسلوبه الرصين، بدأ مسيرته كلاعب فى النادى الأهلى فى الأربعينيات، ثم انتقل إلى مجال التعليق الرياضى عبر الإذاعة المصرية، حيث كان صوته مرافقًا للعديد من المباريات المهمة، تميز مدكور بأسلوبه التحليلى البسيط الذى جعله محبوبًا لدى الجماهير.. كان من أوائل من أضافوا لمسة تحليلية إلى التعليق الرياضى فى مصر، ما ساهم فى إغناء التجربة الرياضية للمستمعين. تعليقاته على مباريات المنتخب المصري، خاصة فى تصفيات كأس العالم ١٩٩٠، مباراة مصر والجزائر التى انتهت بهدف حسام حسن وكانت هى مباراة التأهل جعلته جزءًا من ذاكرة الجماهير الرياضية.. رغم رحيله، يبقى حسين مدكور أحد الأسماء البارزة التى ساهمت فى تأسيس فن التعليق الرياضى فى مصر.
![](/Upload/libfiles/748/1/790.jpg)
محمود بكر… "عدالة السماء تهبط على ستاد باليرمو"
محمود بكر أحد أبرز المعلقين الرياضيين فى تاريخ مصر، حيث تميز بأسلوبه الفريد فى التعليق، والذى جمع بين التحليل الفنى العميق وروح الدعابة التى جعلته محبوبًا لدى الجماهير.
ولد محمود بكر عام ١٩٤٤ فى الإسكندرية، وبدأ حياته كلاعب كرة قدم فى نادى الأوليمبي، حيث كان أحد نجوم الفريق وساهم فى فوزه ببطولة الدورى المصرى عام ١٩٦٦، كما لعب للمنتخب المصرى قبل أن يعتزل ويتجه إلى مجال التعليق الرياضي.. بدأ بكر مسيرته كمعلق رياضى فى الثمانينيات، حيث تميز بصوته المميز وتعليقاته العفوية التى جعلته أحد أكثر المعلقين شعبية، كان معروفًا باستخدام العبارات الساخرة والتعليقات الطريفة خلال المباريات، مما أضفى طابعًا ترفيهيًا على التعليق الرياضى فى مصر من أبرز إفيهاته "عدالة السماء نزلت على ستاد باليرمو" و"اللى كان واقف فى البلكونة بينفخ وبيشرب سيجارة أقوله خش شوف الجول" و" قليل البخت يلاقى العارضة فى الكرشة" و"واحد يقولى ليه ؟ أقوله معرفش " اشترك محمود بكر بشخصيته الحقيقية كمعلق فى أفلام سينمائية مثل"العالمي"و"كابتن مصر"
ظل محمود بكر يعلق على المباريات حتى سنواته الأخيرة، حيث كان صوته جزءًا من ذاكرة كرة القدم المصرية. توفى فى ٣ فبراير ٢٠١٦، لكنه ترك إرثًا من التعليقات التى لا تزال تردد حتى اليوم، ليبقى أحد رموز التعليق الرياضى فى مصر.
![](/Upload/libfiles/748/1/791.jpg)
إبراهيم الجويني.. المعلق المونديالي
يعد أحد رواد التعليق الرياضى فى مصر، تميز بأسلوبه الهادئ وتحليله الدقيق للمباريات، مما جعله شخصية بارزة فى هذا المجال، ولد ١٨ يناير١٩٢٧، بدأ مشواره كلاعب كرة قدم قبل أن يتجه إلى العمل الإداري، حيث تولى عدة مناصب مهمة فى الاتحاد المصرى لكرة القدم.
ورغم نجاحه فى هذه المجالات، إلا أن شغفه الحقيقى كان فى التعليق الرياضي، الذى انطلق فيه خلال الستينيات، ليصبح أحد الأسماء المؤثرة فى تاريخ الإعلام الرياضى المصري، تعلق الجمهور به لتعليقه على مباريات مصر فى كأس العالم ١٩٩٠.
تميز الجوينى بلغته العربية السليمة وأسلوبه الراقي، حيث لم يكن مجرد ناقل للأحداث، بل كان محللًا بارعًا، يساعد المشاهد على فهم التكتيكات والخطط داخل الملعب.
![](/Upload/libfiles/748/1/792.jpg)
ميمي الشربيني … "بابا نويل الكرة المصرية "
يعد ميمى الشربينى واحدًا من أبرز المعلقين الرياضيين فى تاريخ مصر، اشتهر بأسلوبه الفريد الذى جمع بين التحليل الفنى العميق وروح الدعابة، مما جعله من أكثر الأصوات المحبوبة لدى الجماهير، ولد عام ١٩٤٠، وبدأ مسيرته فى كرة القدم كلاعب فى النادى الأهلى خلال فترة الستينيات فى مركز الجناح الأيسر، حيث لعب إلى جانب محمود الجوهري، وبفضل سرعته الفائقة وقدرته المميزة على صناعة الأهداف، أطلق عليه الناقد الرياضى الراحل نجيب المستكاوى لقب "النفاثة"، تقديرًا لمهاراته الاستثنائية فى هذا المركز، كما مثل المنتخب المصري، قبل أن يعتزل ويتجه إلى التدريب، ثم التعليق الرياضي، ليصبح أحد أعمدة الإعلام الرياضى المصري.
لم يكن الشربينى مجرد معلق رياضي، بل كان صاحب مدرسة خاصة فى التعليق، تميزت بالطابع الساخر والممتع، حيث كان يضفى على المباريات نكهة تجمع بين التحليل الدقيق والفكاهة الذكية، مما جعل تعليقاته محفورة فى ذاكرة عشاق كرة القدم كان أسلوبه مزيجًا من المعلومة الصحيحة، والنبرة الحماسية، والعبارات الساخرة التى جعلته مختلفًا عن باقى المعلقين أهم تعليقاته الساخرة "٩٠ دقيقة أشغال كروية شاقة ""مربع العمليات""بابا نويل الكرة المصرية" "عنقود مهارات يا ابنى " " مواليد منطقة الجزاء".
شارك فى فيلم " السيد أبو العربى وصل " بشخصيته الحقيقية للتعليق على مباراة المصرى البورسعيدى والأهلي.
ظل ميمى الشربينى لسنوات طويلة أحد رموز التعليق الرياضى فى مصر، توفى فى ٢٠ يناير ٢٠٢٥ واعتبر آخر الراحلين من جيل كبار المعلقين الذين شكلوا وجدان المشجع المصري.